خاص العهد
مائدة الإمام زين العابدين(ع): ملجأ الفقير في زمن الضيق
ياسمين مصطفى
قد تكون "الفرحة" في أيام الضيق على شكل طبقٍ ساخنٍ يرسم البسمة على ثغر طفل حُرم من طعامه، وقد تكون على شكل فستان جديد تقدّمه الأيادي البيضاء ككسوة العيد لطفلة يتيمة.سبل إدخال الفرح الى قلوب المحتاجين كثيرة، وقد دخلتها "مائدة الإمام زين العابدين" عليه السلام من أوسع أبوابها، وبذلت خلال 17 عامًا وحتى اليوم فائضًا من العطاء لأداء التكليف تجاه المحتاجين والفقراء في لبنان. صدقة السرّ، التي كان يتبعها الإمام زين العابدين عليه السلام لخدمة الفقراء وجدت طريقها إلى قلوب منازل الكثيرين منهم اليوم.
البداية بحسب ما يوضح مسؤول العمل الاجتماعي في منطقة بيروت وجبل لبنان في حزب الله علي شري لموقع "العهد" الإخباري كانت في العام 2003. وكما كل المبادرات الإنسانية، انطلقت المبادرة في مناطق الليلكي والمريجة ومن ثم اشتملت على مناطق الضاحية الجنوبية وبيروت الإدارية وصولا إلى بعض قرى الجبل، وتم تعميمها على مستوى كل لبنان. كذلك توسعت الشريحة المستهدفة، ووصلت إلى 7 آلاف و400 أسرة في منطقة بيروت وضواحيها بعدما كانت 70 أسرة في البداية.
هذه الأسر بحسب شري هي محط عناية حزب الله والأيادي البيضاء، وهي مشمولة ليس فقط بمساعدات في الشهر الفضيل، وإنما بدعم على مدى العام كله، على المستويات الصحية والاجتماعية والتربوية، لتأمين عيش كريم ولائق لأفرادها.
3700 أسرة متضررة من الإغلاق بفعل أزمة كورونا تصلها المساعدات التموينية والغذائية
الظروف الطارئة على لبنان اليوم بفعل تردي الأوضاع الاقتصادية وتعطل الكثير من المصالح بفعل الإغلاق لمنع انتشار فيروس كورونا كانت سببا لإضافة عوائل جديدة على لائحة المحتاجين، عددهم بحسب الإحصاء الذي قام به العمل الاجتماعي لحزب الله في منطقة بيروت وضواحيها 37000 عائلة.
ومع بدء انتشار الفيروس في لبنان في آذار الماضي كان العمل الاجتماعي يوزع على هؤلاء الحصص التموينية والغذائية، بحس ما يوضح شري لموقعنا.
التطوع عماد المشروع وركيزته الأساسية
ما يُثلج القلب بحسب شري هو العدد الضخم للمتطوعين في خدمة الفقراء، إذ بفضل جهود هؤلاء وعملهم الإنساني دون مقابل لا حاجة للموظفين، يكفي عديدهم الكبير لتغطية عمليات توضيب وتوزيع المساعدات على منازل الفقراء المستهدفين حفظا لماء وجوههم وصونا لكرامتهم.
إضافة إلى ذلك، فالحاجة للأداوت اللوجستية والمراكز قليلة، بفضل أيادٍ خيرة بيضاء لا تتردد في تقديم ما تيسر لديها من مساعدات عينية ومالية، وحتى الذهب على قاعدة أن "ليس بمسلم من لم يعتنِ بأمور المسلمين".
15 عاما قضتها سمر حمادي في هذا المجال. مسؤولة الملف الاجتماعي في الهيئات النسائية في بيروت تتحدث لموقعنا عن منطلقات المبادرة، فتقول إنها "دينية وإنسانية بشكل أساسي، ولا بد من وجود دافع داخلي ليتطوع الإنسان في هذه المجالات، لدي 15 عاما من العمل في هذا المجال بدأت بالتطوع، امتثالا لكلام الرسول محمد أن "من أفطر منكم صائما مؤمنا كان له جواز على الصراط"، وهذا هو الحافز لدي ولدى كثيرين من العاملين في إنجاح المبادرة على مستوى لبنان.
كسوة العيد لأطفال العوائل الأكثر فقرا
توضح سمر لموقعنا أن مائدة الإمام زين العابدين متعددة الأقسام، من حصص تموينية، وغذائية، والمطبخ الرمضاني، كفالة الجار، كفالة الأيتام، وكسوة العيد. ولجهة الحصة الغذائية، فهي تتضمن اللحوم، الخضار، الفواكه، ويتم توزيعها على الأحياء كل ثلاثة أيام، في حين أن الحصص التموينية تتضمن مواد أساسية تحتاجها ربة المنزل لإعداد الأطباق كالزيت والحبوب والمعلبات وغيرها، وتوزع مع بدء شهر رمضان المبارك وفي منتصفه.
أما المطبخ الرمضاني فهو يقوم على عدد ضخم من المتطوعين لإعداد وجبات الطعام للعوائل غير القادرة على إعداده، من كبار السن إلى المعوقين وغيرهم. ولأن الرسول صلى الله عليه وآله أوصى بسابع جار، كانت كفالة الجار لتأمين الطعام لجار محتاج من الجار الميسور. وتحت شعار "لنفطر سوا"، كان تعديل الإجراءات المتعلقة بإفطار الجار لتتناسب مع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، إذ أصبحت الآلية تقتضي توزيع مكونات الطبق أو الوجبة وليس تسلم الوجبات من الجار إلى جاره.
في حين يتم توزيع كسوة العيد على أطفال الأسر الأكثر فقرا في المناطق قبل صباح عيد الفطر المبارك، وفقا لاستمارة تحصي أعداد هؤلاء وأعمارهم، وتبعا لتبرعات من الخيرين من الألبسة والأحذية الجديدة.
للأيتام نصيب من الفرحة
وللأيتام نصيب من الفرحة مع مائدة الإمام زين العابدين عليه السلام، إذ يلحظهم العمل الاجتماعي في حزب الله عبر إفطارات في المطاعم، لكن الظروف المستجدة اليوم بفعل فيروس كورونا دفعت لتعديل هذا الإجراء، واستبداله بمساعدات عينية لهؤلاء.
توزيع الاستمارات بحسب حمادي يبدأ قبل شهر رمضان، يتم عبرها تحصيل "داتا" بأعداد الأسر الفقيرة المستجدة كل عام، وأعداد أفرادها وأعمارهم، يصنفون وفق فئات تستهدف تحديد الأولى فالأولى بدءا من الأكثر فقرا، كما تراعي الحصص الغذائية والتموينية والأطباق الرمضانية عدد أفراد الأسرة لجهة الكميات.
في المنطقة الأولى في الجنوب تشمل المساعدات 30 ألف عائلة من الأكثر فقرا والمتضررة من أزمة كورونا
وكما في بيروت وضواحيها، تم تعميم التجربة على الجنوب والبقاع. في الجنوب كان المنطلق بحسب مسؤول العمل الاجتماعي في المنطقة الأولى في الجنوب في حزب الله الشيخ حيدر حيدر هو الشعور بالمسؤولية، والحس الإنساني الموجود لدى المتطوعين والخيرين والقيمين على هذه المبادرة. العوائل الفقيرة المستهدفة في المنطقة الأولى في الجنوب- والتي تشمل أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون-بحسب الشيخ حيدر تزداد سنة بعد سنة.
ومع بدء شهر رمضان المبارك لهذا العام، يقول الشيخ حيدر:"اللجان المتطوعة في القرى الجنوبية باستقبال التبرعات في المراكز المتعددة، ليتم بعدها توزيع المواد التموينية والحصص الغذائية من اللحم والدجاج والخضار إلى المستحقين، إضافة إلى المطابخ التي تحضر وجبات جاهزة للذين يتعذر عليهم إعداد الطعام".
ولأجل تلبية الأعداد المتزايدة من الفقراء والمحتاجين، تعمل بحسب الشيخ أعداد ضخمة من اللجان التطوعية، وفي هذا السياق يرسل التحايا والشكر لكل الأيادي البيضاء الخيرة أصحاب الفضل الكبير بتمويل هذه المشاريع على اختلافها.
اليوم، يقول الشيخ حيدر:"هناك حوالي 30 ألف عائلة فقيرة، من ضمنها الأكثر فقرا، والمتضررون بفعل أزمة فيروس كورونا والبالغ عددهم في منطقة الجنوب الأولى 2000". يوضح سماحته أن عدد الفقراء ارتفع هذا العام عن الأعوام الماضية بحدود 2500 أسرة، وقد أصبح أفرادها مشمولين بالمشاريع الإنسانية التابعة لمائدة الإمام زين العابدين عليه السلام.