ابناؤك الاشداء

خاص العهد

مشروع نفق شتورة - بيروت على مائدة البرلمان.. فهل يبصر النور؟
20/04/2020

مشروع نفق شتورة - بيروت على مائدة البرلمان.. فهل يبصر النور؟

ياسمين مصطفى

منذ 52 عامًا، رفع رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي سعر صفيحة البنزين ربع ليرة إضافية ليتم الإيفاء لشركات دولية بالمبالغ المتفق عليها مقابل إنجازها المفترض للمشروع الاستراتيجي المتمثل بنفق ضهر البيدر الواصل بين شتورة بقاعا والعاصمة بيروت وفق نظام الـBOT.

يومها عمت التظاهرات لبنان احتجاجا على الزيادة في سعر البنزين وكادت تُسقِط الحكومة، وبفعلها لم ير المشروع النور، على خلفية قال مراقبون وقتها إنها للحيلولة دون تحويل مرفأ بيروت للمرفأ الأول في حوض البحر المتوسط على صعيد الترانزيت داخل بلدان العالم العربي.

اليوم، بعدما يقارب الستة عقود، خطا نواب بعلبك الهرمل الخطوة الأولى نحو تحقيق المشروع، عبر تقديم مقترح لمجلس النواب بشأنه. ومع إزالة أسباب رد رئيس الجمهورية للمقترح في المرة الأولى لتقديمه، والمتعلقة بعدم الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، سلك المشروع طريقه بعدما أشبعته اللجان المشتركة درسا ووافقت عليه بإجماع كل الكتل في جلستها في 19 شباط الماضي، ومن ثم أحيل إلى هيئة مكتب المجلس، وبات بندا من بنود جلسة مجلس النواب المفترض انعقادها الثلاثاء 21 نيسان في الأونيسكو، تمهيدا لإصدار مراسيم تطبيقية له من خلال مجلس الوزراء.

يؤكد نائب رئيس مجلس النواب النائب البقاعي إيلي الفرزلي في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن ما حصل في هذا الخصوص حتى اليوم يلغي أي مبرر لدى السلطة التنفيذية لتتأخر في المبادرة للإقبال على المشروع.

الفرزلي أوضح أن التوجه لسن قانون في مجلس النواب، لتصبح بعدها الكرة في ملعب الحكومة، التي من المفترض في حال مصادقة البرلمان عليه، الشروع باتصالات دولية لتلزيم المشروع لمجموعة شركات أجنبية وفق نظام الـBot ، وهو نظام عالمي تعتمده الدول، لا يكلف الدولة اللبنانية أية تكاليف على إنشاء المشروع، ولا حتى ليرة واحدة.

وبحسب الفرزلي، فإن أحدًا في مجلس النواب أو الحكومة لن يعرقل مسار المشروع وصولًا إلى تنفيذه، لافتًا إلى أن أية محاولة لعرقلته تعتبر تكليفًا بالوقوف ضده خدمة لأهداف بعيدة عن المصلحة اللبنانية العليا. وإذ ينتظر الفرزلي يوم غد إنجازًا في البرلمان على هذا الصعيد، يشير إلى أن الكرة بعدها ستكون في ملعب الحكومة بقيادة رئيسها حسان دياب.

ما أهمية مشروع نفق شتورة - بيروت على الصعد الاقتصادية والاجتماعية؟

في الحديث عن مدى مساهمة هكذا مشروع في إنعاش لبنان على مختلف الصعد، يتوافق النائب الفرزلي وعضو لجنة الأشغال العامة والنقل النائب حسن عز الدين على أنه يعتبر شريانًا اقتصاديًا حيويًا ومشروعًا إنمائيًا، يعود بالمنافع ليس على البقاع وحسب وإنما على لبنان ككل، لكون النفق يصل العاصمة بيروت بمحيط لبنان العربي والشرق كله. فعلى الصعيد الاقتصادي، سيساهم النفق بحسب عز الدين في تسهيل حركة التنقل بين العاصمة والبقاع، في مدة أقصاها 20 دقيقة، في حين أن الوقت المستغرق اليوم لهذه العملية هو على الأقل ساعة ونصف الساعة في أحسن الأحوال، فضلًا عن تخفيف الضغط السكني في المدن، ما يفتح مجالات واسعة للتنمية في المناطق والأطراف، وتقليل الفارق التنموي بين الأرياف والمدن، وما يستتبعه من تشغيل لليد العاملة في المنطقة.

يحول النفق مرفأ بيروت "البور" للمرفأ الأول على صعيد حركة الترانزيت في العالم العربي

النفق سيساهم أيضا بتسريع وتسهيل عملية "الترانزيت" أي حركة نقل البضائع بين لبنان والعالم العربي، ليصبح بذلك مرفأ بيروت الأقرب إلى الداخل العربي، ويجعله المرفأ الأهم حتى من مرفأ "تل أبيب" في كيان العدو، إذ حاول الصهاينة كثيرا العمل لإفشال المشروع حتى لا يصبح مرفأ بيروت مقصدا للسفن التجارية لقربه من الدول العربية.

 وسيكون للبنان أيضا بحسب الفرزلي ثروة مائية كبيرة لأن ضهر البيدر يجثو على أكبر احتياطي مائي في الشرق الأوسط.

كلفة النفق على الدولة اللبنانية صفر

يوضح النائب عزالدين في حديثه لموقع "العهد" الاخباري أن المشروع يندرج تحت قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص على طريقة الـBOT وفقا للقانون 48 الذي أقر في تاريخ 7-9-2017، وهو عقد يتم بين الدولة وشركة خاصة أجنبية أو مجموعة شركات يتم عبره تلزيمها إنجاز النفق وتعبيده دون أية كلفة على الدولة اللبنانية، على أن يتم بعدها استيفاء تكاليفه من رسم المرور عليه من قبل المواطنين، لمدة زمنية محددة، ليصبح بعدها ملكا للدولة اللبنانية.

وداعا للوقت الطويل و"حرق الأعصاب" والمخاطر على طريق بيروت - شتورة

أما الفرزلي، فيوضح لموقعنا أن الرسم الذي سيكون مفروضًا على المواطنين، يعد رمزيًا، مقابل الوقت الطويل الذي يستغرقونه للانتقال من بيروت إلى قرى البقاع اليوم، و"حرق الأعصاب" نتيجة زحمة السير الخانقة، فضلًا عن المخاطر المحدقة بالآليات في فصل الشتاء من قطع لطريق ضهر البيدر وتعطل حركة السير عليه في الليالي شديدة البرودة، والتعرض لمخاطر الانزلاقات بفعل تكوّن طبقات الجليد وسوء الرؤية.

في خضم الأزمات التي يعيشها اللبنانيون اليوم من انتشار كورونا إلى ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، يستحق الشعب اللبناني هذا الإنجاز، ويستحق لبنان أن تعمل الحكومة جاهدة لتنفيذه بالسرعة القصوى. وحتى ذلك الحين، سيتطلع المواطنون للتخلص من المخاطر المحدقة بانتقالهم على الطريق الدولية نحو البقاع، تلك التي طالما اعتُبرت طريقا لـ"الموت" نظرا لوعورتها وتردي بناها التحتية، وكثرة حوادث السير على  مفارقها، والتي من المعروف أنها لا تشبه الطرق الدولية في دول العالم، ولا حتى الطرق الفرعية فيها.

إقرأ المزيد في: خاص العهد