خاص العهد
في مناطق سيطرة الإرهابيين بريف حلب الشمالي: كل شيء يقود الى امتهان الإرهاب
محمد عيد
إطلاق صفة الإرهاب على البلدات الخاضعة لسيطرة الفصائل الإرهابية في مناطق ريف حلب الشمالي يبدو حكمًا جائرًا ينقضه نزوع هذه البلدات إلى الثورة على الإرهابيين حين اقتراب الجيش السوري اليها أو حين تسنح الفرصة لأهلها بالوثوب على جلاديهم. ولكن حتى ذلك الوقت، يملي الواقع المعيشي المفروض بخبث شديد من قبل تركيا والفصائل على المدنيين في هذه المناطق خيارات صعبة تقود إلى إحدى الوجهات الثلاث الموسومة بالإرهاب وهي التطوع في "الشرطة الحرة" الملحقة بتركيا أو التوجه مباشرة نحو الفصائل الإرهابية كـ"النصرة" وغيرها فيما بات عبور الحدود باتجاه ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق المتحالفة مع أنقرة تحت إغراء الرواتب العالية الخيار المفضل للكثير من الشبان الذين تقطعت بهم السبل وفرض الإرهاب عليهم خياراته.
المقاطع المصورة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي من أمام مركز الشرطة "الحرة" بمدينة الباب الخاضعة لسيطرة الفصائل الإرهابية المدعومة تركياً بريف حلب الشمالي والتي تظهر تجمهر أعداد كبيرة من الشبان لمعرفة نتائج امتحان القبول للتطوع في هذه الميليشيا المدعومة تركيًا، تشي في أحد وجوهها بالواقع الاقتصادي السيئ الذي يعيشه هؤلاء، والذي يفرض عليهم خيارات أكثر سوءا.
مصادر محلية، وفي حديثها لموقع "العهد" الإخباري، عزت اندفاع الشباب في مناطق "درع الفرات وغصن الزيتون" التي يسيطر عليها الأتراك وعملاؤهم للتطوع في جهاز الشرطة هذا إلى نسبة البطالة المرتفعة وانعدام الوظائف الرسمية والحرف حيث الجمود المعيشي سيد الموقف والقدرة المالية والشرائية للسكان المحليين في حدودها الدنيا، الأمر الذي يحيل الشباب إلى هذا الخيار الصعب بغية تأمين متطلبات الحياة اليومية.
المصادر لفتت إلى أن الرواتب المدفوعة لمنتسبي سلك الشرطة هذا تبلغ 800 ليرة تركية، أي ما يعادل 135 ألف ليرة سورية فيما يتلقى أصحاب خيار الالتحاق بالفصائل الإرهابية المدعومة تركياً "ميليشيا الجيش الوطني" راتبا شهريا يبلغ نحو 400 ليرة تركية أي ما يعادل حوالي الـ 70000 ليرة سورية .
ليبيا : الموت على طريق الأحلام
المصادر المحلية في ريف حلب الشمالي أكدت لموقع "العهد" الإخباري أن هذا الواقع البائس الذي يعيشه أكثر من مليوني نسمة يتوزعون على مناطق "درع الفرات وغصن الزيتون" ليس بعيدًا عن ناظر الأتراك الذين ساهموا في إيجاده لإعتبارات تتعلق بمصالحهم خارج الحدود السورية ورغبتهم في أن يكون الشبان السوريون وقودًا لنضوج صفقاتهم السياسية والاقتصادية الموقعة مع حكومة الوفاق في ليبيا، حيث عمد الأتراك إلى تجنيد مرتزقة من شباب المنطقة لإرسالهم إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات حكومة الوفاق الموالية لأنقرة ضد قوات المشير حفتر قائد الجيش الليبي بعد تقديم إغراءات لهم ووعود برواتب تقدر بحوالي 2000 دولار شهريا، وهو أمر أخلت به تركيا بعدما كشف بعض العائدين من الميدان الليبي عن الطريقة والأسلوب الرخيص الذي اتبعته أنقرة في إرسالهم إلى الموت هناك والإخلال بوعودها المادية تجاههم، سيما وأن أعداد ما يسمى بـ"المتطوعين" من المرتزقة قد تجاوز الحد المطلوب.