خاص العهد
نموذج ايراني رائد بمواجهة كورونا.. وسليماني قدوة الشباب المتطوع
طهران - مختار حداد
تشهد الجمهورية الاسلامية الايرانية جهودًا كبيرةً من جانب جميع الجهات المعنية لمكافحة فايروس كورونا. وقد أثبتت ايران مدى نجاحها مجدداً في مواجهة مثل هذه الأزمات، بينما هناك دول تُعهد من القوى الاقتصادية والسياسية في العالم تواجه أزمات كبرى في مكافحة كورونا.
لكن النظام الصحي في ايران أثبت نجاحه، حيث لا توجد أزمة من ناحية عدد الأسرّة للمرضى والمراكز الصحية، كما دخلت القوات المسلحة ومنها الجيش والحرس الثوري في المواجهة، وأسسوا مراكز نقاهة ومستشفيات ميدانية احتياطية.
إن الحكومات المتتالية في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية، خاصة بعد انتهاء فترة الدفاع المقدس، وبدء مرحلة الإعمار في البلاد أولت أهمية خاصة لنظام الرفاهية في المجتمع خاصة النظام الصحي مما جعل ايران اليوم من الدول الرائدة في نظام الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وكذلك الخدمات الصحية، فضلًا عن نجاحات ايران العلمية على المستوى العالمي ومنها في المجال الطبي.
فحيث يدفع المواطن في بلاد الغرب آلاف الدولارات لاجراء اختبار الكورونا، تُغطى تكاليف علاج المواطن الايراني من المرض بنسبة 90 % اضافة الى تكلفة الفحص.
القوات المسلحة استخدمت تجاربها من فترة الدفاع المقدس في هذه الساحة، خاصة عندما كان صدام يهاجم أبناء الشعب الايراني بالاسلحة الكيمياوية والبيولوجية، وكان للمستشفيات الميدانية في تلك الايام دور بارز في مواجهة هذه الهجمات.
من جانب آخر، يبرز دور التعبئة الوطنية لمكافحة فايروس كورونا التي اطلقت منذ أسابيع في البلاد، حيث يتلقى المواطن من خلال موقعها على الانترنت المتابعة اللازمة من قبل وحدات وزارة الصحة، وحتى الان سجل نحو 60 مليون ايراني في هذا الموقع. وفي حال كان الشخص الذي يتلقى هذه الخدمة مشتبها في حمله للفيروس، يتم تقديم التوجيه المناسب والضروري له عبر رسالة نصية والتواصل الهاتفي.
كما يتصل المركز الوطني لهذه التعبئة بالمواطنين الايرانيين عبر رقم 3040 ويتابع صحتهم وأوضاع عائلاتهم، وفي هذا المجال تلعب التعبئة الصحية والتعبئة الشعبية "البسيج" في البلاد دوراً مهماً. كما يمكن للمواطنين الاتصال بهذا الرقم وأرقام أخرى لاخذ الاستشارة الصحية.
في هذا الإطار، قال ريتشارد برينان المندوب الخاص لمنظمة الصحة العالمية في إيران إن النظام الصحي الإيراني نظام قوي وعصري للغاية وإن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإيرانية وتنفيذها لخطط معينة في هذه المعركة ضد الفيروس مهمة، لا سيما الشراكات بين الوكالات وكذلك تنفيذ الخطط التي تم تحقيقها بدعم ومشاركة الشعب.
وتتواصل جهود المراكز البحثية الايرانية في مجال مكافحة الفايروس وانتاج الدواء، كما أن وزارة الصحة الايرانية مستمرة في اعداد وتجديد البروتوكولات العلاجية للمرضى، وما يثبت صوابية هذه الاجراءات هو الاعداد المرتفعة لحالات الشفاء في ايران، بل إن معظم المصابين ليسوا بحاجة الى أن يرقدوا بالمستشفى بل يمضون فترة الحجر والعلاج خارج المستشفيات.
كما استطاعت ايران انتاج العدة الخاصة لتشخيص الفايروس، وأزاحت قوات التعبئة الشعبية الستار عن أول جهاز متنقل لفحص فيروس كورونا حيث يعمل هذا الجهاز بطاقة 200 عينة مختبرية وتوفرت الامكانية في ايران ولأول مرة لإجراء تحليل مختبري بمرحلتين خلال فترة 3 ساعات وبشكل سريع .
أما التبعئة الشعبية (البسيج) فتلعب دوراً مهماً في تعقيم الشوارع والمراكز العامة، وكذلك أسست مراكز لانتاج الكمامات والقفازات وسوائل التعقيم الى جانب المراكز الحكومية والخاصة الأخرى الذي تبذل جهوداً في انتاج المعدات اللازمة. وتوزع التعبئة الشعبية هذه الكمامات والقفازات والسوائل بين المواطنين مجاناً، كما تقدم الخدمات الخاصة وتوزع المؤن بين الفقراء، الى جانب الدعم المالي الذي أعلنت عنه الحكومة، والذي ستقدمه للفقراء وأصحاب المهن المتضررين اقتصادياً من هذا الفايروس.
شبان مقتدون بالشهيد سليماني
المتوطوعون في "البسيج" حاضرون أيضا في ساحة التصدي، ومن هذه المجموعات الجهادية مقر قمر بني هاشم(ع) الصحي الذي يعمل كل مساء على تعقيم شوارع طهران والأماكن العامة.
في هذا الاطار، يقول محمد وهو لم يبلغ الـ16 عاماً، إنه كشاب تعبوي يرى أن من واجبه خدمة الشعب ومكافحة هذا الفايروس، وذلك تأسياً بالشهداء والمجاهدين في فترة الدفاع المقدس، والمدافعين عن المقدسات، الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حماية الناس من الخطر، مضيفاً "نحن نمضي على نهج الشهيد الحاج قاسم سليماني، الذي عندما شهدت ايران السيول في محافظة خوزستان قبل أشهر حضر بنفسه في الساحة لمساعدة المواطنين".
هذا نموذج من معنويات هولاء الشباب الذين يحضرون الى جانب الكوادر الصحية الايرانية، ومعظمهم من اليوم الأول من ازمة كورونا لم يخرج من المستشفيات، بل يعملون بروحية جهادية ومعنوية خلا تقديم الخدمات للمواطنين.
بحق هؤلاء قال سماحة الامام الخامنئي: أرى لزاماً أن اُوجّه الشكر مرةً اُخرى لهؤلاء الأعزاء الذين يجاهدون الآن في سبيل الله بعملهم القيّم جداً.
أثبتت الجمهورية الاسلامية الايرانية مرة أخرى أن الثورة الاسلامية وبدخولها العقد الخامس استطاعت تحقيق انجازات ونجاحات كبرى، تظهّرت في مثل هذه الأزمات الكبرى التي عجزت عن مواجهتها قوى كبرى، ولكن ايران حكومة وشعباً وقوات مسلحة تواجه هذه الأزمة.. وهنا سنتذكر ما قاله الامام الخامنئي في ندائه بمناسبة العام الايراني الجديد: "أولاً نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام عام انتصارات كبيرة، ونتوجّه لسيدنا بقية الله (أرواحنا فداه) وهو ربان هذه السفينة طالبين منه أن يعبر ببلده إلى ساحل النجاة وأن يحمي شعب إيران المؤمن ويعينه. وأقول للشعب الإيراني كما واجهوا الأحداث المختلفة وليس في عام 1398 (هجري شمسي) فقط بل الأحداث في كل هذه الأعوام الطويلة بشجاعة ومعنويات عالية ليواجهوها بعد الآن أيضاً بمعنويات عالية وأمل وتفاؤل وليثقوا بأن المرارات سوف تنقضي، و «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»، لا شك ولا ريب في أن اليسر بانتظار الشعب الإيراني".