خاص العهد
موظفو مستشفى الحريري: استحقوا أخذ الحقوق.. وتبقى مواجهة الكورونا
فاطمة سلامة
في عزّ المعركة التي يخوضها لبنان ضد فيروس "كورونا" المستجد، برزت مستشفى رفيق الحريري الحكومي في الميدان الطبي في الخط الأمامي بالمواجهة. جهّزت أمورها على عجل، حضّرت قسماً خاصاً أشبه بمستشفى مستقل لمرضى "الكورونا"، وبدأت باستقبال الحالات، لتُشكّل المستشفى المُنقذ في وقت عجزت فيه مستشفيات عدة عن خوض المعركة، وأعلنت عدم جهوزيتها، خصوصاً في بداية الأزمة، الأمر الذي يدفعنا للسؤال: لنتخيل للحظة أنّ مستشفى بيروت الحكومي غير موجود، كيف سيخوض لبنان معركته ضد الفيروس المستجد؟. موظفون من داخل المستشفى يحدثوننا كيف تحوّل المستشفى الى "خلية نحل" منذ تسجيل الإصابة الأولى في لبنان. عاملون في قسم "الكورونا" لم يتمكّنوا منذ بداية الأزمة من العودة الى منازلهم، نتيجة المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم، والتي يحملون بموجبها سلامتهم على أكفهم.
وبموازاة المعركة التي يخوضها موظفو مستشفى الحريري ضد فيروس "كورونا"، هناك معركة من نوع آخر خاضها هؤلاء لنيل مستحقاتهم التي وقع عليها رئيس الوزراء الدكتور حسان ديان اليوم. فمنذ سنوات ونحن نسمع عن تحركات ووقفات احتجاجية يقودها موظفو المستشفى الحكومي. تحركات يحمل بموجبها الموظفون مجموعة من المطالب والحقوق رُحّلت على امتداد الحكومات السابقة التي لم تنصفهم. اجتماعات بالجملة عقدها ممثلوهم على مدى أكثر من عقد، ولم يحصدوا منها سوى الوعود والتمنيات. الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله تطرق في خطابه بتاريخ 13-3-2020 الى ضرورة إنصاف هؤلاء الموظفين الموجودين في خط الدفاع الأمامي بمعركة "الكورونا"، انطلاقاً من حقوقهم التي يحفظها القانون، وانطلاقاً من التضحيات التي يقدمونها والتي من واجب الدولة تقديرها. فما هي مطالب هؤلاء الموظفين؟ وأين أصبحت المفاوضات بشأنها؟
المتحدث باسم لجنة مستخدمي ومتعاقدي وأجراء مستشفى الحريري بسام عاكوم يشير لموقع "العهد" الإخباري الى معاناة موظفي مستشفى رفيق الحريري الحكومي، فيوضح أن الموظف منا يعيش حالة من القلق مع بداية كل شهر، فتراه على أعصابه يسأل: ترى كم سأتقاضى من راتبي؟ هل حُسم منه شيء؟ هل سأتقاضاه مع بدل نقل أم بدونه؟ حتى بات أقصى ما نتمناه ـ يقول عاكوم ـ هو أن نصل الى أول الشهر وراتبنا لم يُمس. وفيما يؤكّد عاكوم أنّنا نقوم بدورنا الخدماتي على أكمل وجه ولن نوقفه، يشدّد على أننا لا نريد من تحركاتنا سوى تطبيق القانون لنحصل على حقوقنا.
ويوضح عاكوم أنّ مطالبنا قديمة، وقصتنا مع الاحتجاجات ليست جديدة، فأول وقفة احتجاجية نُفّذت من قبلنا كانت في 9-7-2009، ومنذ ذلك الحين لم نحصل على مطالبنا ولم يتم انصاف 924 موظفاً. ما هي حقوقكم؟. يوجز المتحدّث أبرز المطالب التي يسعى اليها الموظفون بالآتي:
-تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب، فتلك السلسلة التي أقرت في آب 2017 وطبّقت على كافة الادارات العامة والمؤسسات، لم يتقاضها موظفو الحريري رغم أنهم موظفو مؤسسة عامة. لا بل أكثر من ذلك، تراهم لا يزالون يتقاضون راتب عام 2013، وفي المقابل، يدفعون ثمن نار الغلاء التي أكلت السلسلة، ويدفعون ثمن ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار جراء أزمة "الكورونا".
ـ جدولة المفعول الرجعي
ـ إعطاء المتعاقدين درجاتهم لأنهم لم يحصلوا سوى على درجة واحدة
ـ تسوية أوضاع 31 موظفاً يعانون من مشاكل لجهة التسمية الوظيفية، وهذه من مسؤولية الادارة .
ـ إعادة النظر في وضع الموظفين الذين لم يتمكنوا من الوصول الى عملهم جراء قطع الطرقات بسبب احتجاجات 17 تشرين الأول 2019، والذين خسروا إجازاتهم نتيجة حسمها من قبل الادارة.
وفي معرض حديثه، يتطرّق عاكوم الى التضحيات التي يقدّمها موظفو مستشفى الحريري الحكومي والمخاطر التي يتعرضون اليها. وفق قناعاته، هم يؤدون دورهم على قناعة تامة بواجباتهم، ولكنهم يتمنون لو يتم إنصافهم في المقابل. ويشدّد المتحدّث على أنها المرة الأولى التي يتم فيها الاضاءة على دور موظفي المستشفى الحكومي ومستواهم العلمي، رغم أن هذه الأدوار ليست جديدة علينا، ففي حرب تموز 2006 استقبلت المستشفى مرضى المستشفيات المحيطة نتيجة تعرضها للقصف. وفي عام 2009 حين انتشر انفلونزا الطيور في العالم تحضرنا وجهز مستشفى الحريري كمركز للكشف والمعالجة في حال وجدت الحالات. تماماً كعام 2014 حين برز وباء "الايبولا"، ولا ننسى ما حصل إبان حادثة الطائرة الاثيوبية، حيث لم تتمكن اي مستشفى من استقبال الحالات واجراء الفحوصات، فقط مستشفى الحريري هو الذي قام بواجباته. وفي مختلف التفجيرات أيضاً برز دور المستشفى، وكذلك إبان معركة "تحرير الجرود". يعرض عاكوم كل ما سبق ليقول إنّ المستشفى ومنذ زمن يقوم بالدور الذي يقوم به اليوم، إلا أنّ الاجحاف بحقه حصل على مدى السنوات السابقة نتيجة اهتمام الدولة الذي كان مصبوباً باتجاه المستشفيات الخاصة، فالسقوف المالية التي كانت تعطى للمستشفيات الخاصة توازي سقوف المستشفيات الحكومية. برأي عاكوم اهتمام الدولة ونظرتها المستقبلية للقطاع الصحي كانت مبنية على القطاع الخاص، بينما الواقع اليوم بيّن خذلان هذا القطاع للدولة في معركة "الكورونا".
مصادر لـ"العهد": وزير الصحة تابع الموضوع بكل جدية ودياب وقع كتاب صرف الحقوق
وفيما يختم عاكوم حديثه بالإشارة الى أننا أصحاب حق ونتابع مع كافة المعنيين مطالبنا ولن نمل من المطالبة بها، تؤكّد مصادر مطلعة لموقع "العهد" الإخباري أنّ وزير الصحة حمد حسن تابع الموضوع بكل جدية وشفافية وينظر بأحقية الى مطالب موظفي مستشفى الحريري، ويسعى لإعطائهم حقوقهم، وهو في سبيل ذلك يعقد اجتماعات دورية مع ممثلين عن الموظفين بانتظار إنجاز صيغة للحل المنشود.
وهو ما اكده رئيس الوزراء الدكتور حسان دياب في كلمته اليوم من مستشفى الحريري الجامعي: "أبشركم أنني وقعت الكتاب الوارد إلى رئاسة الحكومة من معالي وزير الصحة الدكتور حمد حسن بشأن ما تبقى من فروقات سلسلة الرتب والرواتب والتي تناهز قيمتها مليار و50 مليون ليرة، بالإضافة إلى 950 مليون ليرة السابقة، وحولته إلى وزارة المالية، وسيتقاضى جميع العاملين في المستشفى رواتبهم الجديدة آخر الشهر الحالي إن شاء الله. وهكذا يكون العاملون قد حصلوا على حقوقهم من الدولة.