خاص العهد
معركة "كورونا": لبنان يتحسّب للمرحلة الرابعة..وهذه خطة المواجهة
فاطمة سلامة
إذا أردنا أن نعرف المستوى الذي تتعاطى به وزارة الصحة اللبنانية مع وباء "الكورونا"، علينا أن ننظر الى الخارج من حولنا. دول عدة فقدت السيطرة على الأوضاع. يحدّثنا البعض من الخارج عن فارق شاسع في التعاطي مع المصاب الانسان في لبنان الذي يتلقى العلاج بكثير من الرحمة والرأفة، وعن آخرين في بعض الدول يذوقون الأمرّين. وفي ذلك الكثير من الأمثلة، لكننا لسنا هنا في وارد الدخول بهذه المقاربة. إلا أنّ الجدير قوله إنّه ومهما قامت وزارة الصحة والدولة اللبنانية بما عليها من مسؤوليات لا يمكن التسليم بإمكانية ضبط الأمور كما يجب. هناك جزء كبير من المسؤولية يقع على عاتق الناس. نعم الناس. ونحن هنا لا نكشف سراً، بل نذكّر إن نفعت الذكرى. كلنا مطالبون بأن نتعامل مع الآخرين على أننا مصابون. علينا أن نضع هذه الفكرة نصب أعيننا ونتعامل على أساسها، ومن هنا بداية الحل.
وللأسف، فإنّ عدم التزام بعض المواطنين في لبنان بمسألة الحجر المنزلي، رفع مستوى القلق، وزاد منسوب الخطر. فعداد الإصابات سجّل أرقاماً عالية خلال اليومين الماضيين، كما أنّه كشف عن ست إصابات مجهولة المصدر، وهو الأمر الذي جعل وزير الصحة حمد حسن يدق ناقوس الخطر، فالمرحلة لم تعد تحتمل ترف الاستهتار وقلة المسؤولية. علينا التحضر للمرحلة الرابعة، وهو الأمر الذي أعلنه وزير الصحة صباح الجمعة (20-3-2020) فما الخطة المرسومة لمواجهة المرحلة الرابعة؟.
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي يكشف لموقع "العهد" الإخباري عن بنود خطة المواجهة في المرحلة الرابعة، والتي أطلعهم عليها وزير الصحة خلال الاجتماع اليوم الجمعة، وأبرزها:
ـ رفع مستوى جهوزية المستشفيات الحكومية وتوسعة عدد المستشفيات الجاهزة لاستقبال مرضى "كورونا"، اذ لدينا الآن 11 مستشفى حكومياً جاهزاً بالإضافة الى مستشفى رفيق الحريري أي 12 وفي المرحلة الرابعة ستتم إضافة 17 مستشفى حكومياً الى العمل ليصبح لدينا 29 مستشفى حكومياً وهذا الأمر يستدعي البدء بتجهيز بقية المستشفيات الحكومية.
ـ الاستفادة من المستشفيات الخاصة البالغ عددها 53، فدقة المرحلة الرابعة قد تتطلب المزيد من الأسرة، وفي هذا الصدد وعقب مخاطبة وزير الصحة المستشفيات الخاصة ، أبدى 10 من هذه المستشفيات حتى اللحظة استعدادها وجهوزيتها لاستقبال المرضى ومنهم 4 مستشفيات جامعية.
ـ العمل منذ اللحظة على زيادة المعدات الطبية اللازمة لمواجهة فيروس "كورونا" وأجهزة التنفس تحسباً لازدياد الحالات، فمجموع أجهزة التنفس يبلغ حالياً 165 جهازا في 12 مستشفى حكوميا، و110 أوصت عليها الحكومة، بالاضافة الى 1020 موجودة في المستشفيات الخاصة.
ـ في المرحلة الرابعة أيضاً، توجه توصية الى المستشفيات الخاصة بعدم استقبال أي مريض سوى في الحالات الطارئة.
ويوضح عراجي أنّ مستوى القلق ارتفع في اليومين الماضيين نتيجة ازدياد عدد الاصابات بشكل عالٍ، ما أدخلنا في مرحلة الانتشار المحدود. كما أنّ العثور على 6 حالات مجهولة المصدر قد زاد من نسبة القلق، إضافة الى التكتم والتهرب الذي أبداه مصابون من العزل. ويُشدد عراجي على أنّ ما يزيد الخوف هو نسبة الاستهتار التي تظهر من بعض الناس، بالاضافة الى المختبرات التي لا تصرح عن حالات إيجابية، وفي هذا الصدد جاءت مذكرة وزير الصحة بمعاقبة أي مختبر لا يبلغ عن أي نتيجة ايجابية.
ويعتبر رئيس لجنة الصحة النيابية أنّه ولمجرد وصولنا الى المرحلة الرابعة أي الانتشار فإن لا حل أمامنا سوى فرض حظر التجول نسبة الى الاستهتار السائد لدى البعض، وعدم المسؤولية من قبل بعض الناس التي لا تزال تمارس حياتها بشكل طبيعي وتعقد التجمعات، وتختلط بمن حولها، بلا أي تدابير وقائية.
وفيما يرى عراجي أنّ وزارة الصحة فعلت ما عليها واتخذت التدابير اللازمة، فدول كبرى فقدت السيطرة نهائياً، يوضح أن نسب الانتشار لدينا لا زالت مقبولة مقارنة بدول أخرى، لكنه يعود ليشدد على أن الأمر مرتبط بمدى التزام الناس، والأهم ثم الأهم البقاء في المنازل وعدم الاحتكاك بالآخرين.
المطلوب جهوزية تامة
مصادر أخرى مطلعة عن قرب على خطة وزير الصحة تتوسّع في الشرح عن بنودها موضحةً لموقع "العهد" الإخباري أنّنا لا زلنا في المرحلة الثالثة، لكن الدخول في المرحلة الرابعة يعني الانتقال الى مرحلة تستدعي جهوزية تامة وواسعة على كافة الأصعدة سيما عديد المستشفيات والمعدات المطلوبة. برأي المصادر، فإنّ تلك المرحلة تتطلب أعلى درجات الاستنفار. وقد قدّم وزير الصحة خلال الاجتماع بلجنة الصحة النيابية اليوم الجمعة عرضاً من 23 صفحة لخطة المواجهة المرسومة، والتي بدأ العمل عليها منذ فترة كي لا نصل الى المرحلة الرابعة بلا استعدادات مسبقة.
وبالاضافة الى ما ذكره عراجي لناحية جهوزية المستشفيات الحكومية، توضح المصادر الآتي:
ـ من أسبوع الى عشرة أيام من المفترض أن تكون بقية المستشفيات الحكومية غير المجهزة حتى الساعة جاهزة لاستقبال مرضى "كورونا". كما تشير المصادر الى أنه ومن أصل الـ 17 مستشفى حكوميا هناك ثلاث مستشفيات مجهزة لكنها مقفلة حتى الساعة وهي : مستشفى التركي في صيدا، مستشفى خليفة بن زايد في شبعا، ومستشفى السكسكية. وتوضح المصادر أن المستشفيات الحكومية الجاهزة حتى الساعة في هذه المرحلة تضم: 187 سريرا، 336 غرفة عناية فائقة، 215 سرير طوارئ، أما المرحلة اللاحقة فستعني الحاجة الى المزيد من الأسرة لاحتواء المصابين.
ـ فيما يخص مسألة التمويل، ستستفيد الوزارة من جزء من قرض البنك الدولي- وسيكون هناك مرونة بالصرف- لاستقدام المعدات الطبية اللازمة للمرحلة الجديدة وخصوصاً لجهة زيادة أعداد أجهزة التنفس.
ـ وزير الصحة وبعد مخاطبته المستشفيات الخاصة لتكون على جهوزية في حال انتشر المرض وتخطى قدرة المستشفيات الحكومية على الاستيعاب، تلقى اجابات ايجابية من عشر مستشفيات خاصة في لبنان من أصل 53 مستشفى مصنفة من الفئة الأولى (T1)، والمستشفيات هي: الجامعة الأميركية (41 سريراً)، أوتيل ديو (14 سريرا)، الروم (16 سريرا)، رزق (24 سريرا)، المقاصد (17 سريرا)، بهمن (30 سريرا)، عين وزين (10 أسرة)، دار الأمل الجامعي (28 سريرا)، سيدة المعونات (38 سريرا)، ومستشفى في بعبدا (12 سريرا).
ـ اعتماد فكرة التشخيص السريري عبر الهاتف، بمعنى سيكون متاحا للمواطن في المرحلة الرابعة التواصل على الخط الساخن مع كافة الأطباء المناوبين بكافة المناطق، لتشخيص حالته سريرياً في حال شعر بأي عوارض دون التوجه الى المستشفى، وحينها ستعطى له النصائح اما بالحجر في المنزل أو العزل في المستشفى.
ـ التشدد ثم التشدد في حركة المواطنين سيكون عنوانا محسوما في المرحلة الرابعة وهو قد بدأ في المرحلة الحالية أي الثالثة، لكنه سيزداد بشكل كبير لاحقاً، لأن 90 بالمئة من الحد من الانتشار يقع على عاتق التزام الناس بارشادات وزارة الصحة، وتدابير التعبئة العامة.
ـ تفعيل قضية الارشادات والتوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل تصل الى هواتف المواطنين تدعوهم للالتزام بالحجر المنزلي، والابتعاد عن الأخبار المزيفة، كما تزودهم بالارشادات الضرورية، وهذا الأمر وفق المصادر بدأ منذ مدة لكنه سيزداد ويتوسع في المرحلة الرابعة. كما سيقع شق منه على عاتق وزارة الاتصالات، وآخر على عاتق وزارة التنمية الادارية لمخاطبة كل المؤسسات العامة.
وتشدّد المصادر على أنّ القاعدة الأساسية التي يجب أن نستند اليها في مكافحة كورونا هي التجربة الصينية التي اعتبرت مسألة الحجر والعزل من أهم أدوات العلاج للحد من انتشار المرض.
وتوضح المصادر أن العزل يتطلب وجود منطقة موبوءة، ولغاية الآن لم نصل في لبنان الى هذه المرحلة، ليبقى علينا مسألة الالتزام بالحجر في المنازل، فيما سيكون التشدد على حركة الناس عنوان المرحلة لمنع المزيد من الاصابات، ففي فرنسا مثلاً يحتاج المواطن الذي يريد الخروج من الحي الى تصريح لشراء الحاجات الضرورية، نحن لم نصل الى هنا، تقول المصادر، لكننا نناشد الجميع الحفاظ على أنفسهم وملازمة المنزل وعدم الخروج الا للضرورة القصوى، فمهما اتخذت الدولة من تدابير نبقى بحاجة الى أعلى درجات التضامن من الشعب.
وتختم المصادر حديثها بالاشارة الى أنّ حالة القلق تزداد في العالم أجمع، اذ ان 30 دولة أوروبية فقدت السيطرة، بعضها كان مضرب مثل لجهة النظام الصحي عالي الجودة. وبالتالي فإنّ لا حل أمامنا في لبنان سوى بالتقيد بالارشادات والالتزام بالتعبئة العامة والا سندخل الى مرحلة الانتشار الواسع لا سمح الله، تختم المصادر.