خاص العهد
ما هي سيناريوهات مواجهة كورونا مستقبلاً؟
ياسمين مصطفى
بعد تسجيل أول حالة وفاة بسبب فيروس "كورونا" في لبنان، إضافة إلى 41 حالة إصابة مؤكدة، وحيث إن هذه الأرقام مرجحة للارتفاع في أية لحظة بفعل انتشاره السريع وفتكه بالطاعنين في السن وأصحاب المناعة الضعيفة، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا عن الانتقال إلى مرحلة جديدة على المستوى الحكومي لاستيعاب حالات الإصابة الجديدة، مع إصرار نقابة المستشفيات الخاصة على قرارها رفض استقبال مصابي "كورونا"، وحصر الاستقبال في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، دون اعتماد مُستشفيات حكومية "رديفة" موزعة على مختلف المحافظات حتى اليوم.
الخوف الموجود والمنطقي من ارتفاع معدل الإصابات بشكل مطرد يستدعي أسئلة كثيرة، أبرزها مدى القدرة الاستيعابية للمشفى الحكومي في بيروت على استقبال حالات جديدة، ومدى قدرة الدولة على تجهيز باقي المشافي الحكومية في المناطق بوقت قياسي، في ظل الطلب المرتفع على أجهزة التنفس الاصطناعي حول العالم بفعل انتشار الوباء، عدا عن إشكالية تمويل عمليات شراء هذه المعدات الضرورية لشفاء مرضى "كورونا"، مع وجود أزمة في استيراد الأدوات الطبية أصلاً.
في حديثه لموقع "العهد" الإخباري يتمنى عضو لجنة الصحة النيابية علي المقداد لو أنه كان لدى لبنان خبرة أكثر على صعيد التعامل مع الأوبئة والأمراض مثل "كورونا"، لكن هذا المرض الجديد وسريع الانتشار فتك حتى اليوم بالآلاف حول العالم في أعظم الدول وأكثرها تطورًا وخبرة في التعامل مع أمراض مثل "السارس" و"إيبولا" و"الملاريا"، في حين أن لبنان لم يتأثر بها.
العمل جارٍ لتجهيز مشافٍ حكومية "رديفة"
النائب الذي أثنى على سرعة تجهيز مستشفى رفيق الحريري الحكومي ضمن فترة قصيرة للتعامل مع مرضى "كورونا" واستقبالهم، أكد أن هذا ليس كافيًا لمواجهة الفيروس المستجد، إذ إن مواصلة عداد الإصابات في الارتفاع وربما ارتفاع عداد الوفيات، يعني نفاد أجهزة التنفس الكافية من المستشفى. يوضح في هذا السياق أن المطلوب والأولوية القصوى هي لتجهيز المشافي الحكومية في مختلف المحافظات
بالكامل، وتحضيرها للسيناريوهات الأسوأ وفق أعلى المعايير المعتمدة عالميا لمواجهة الفايروس، وهو ما تقوم به حاليًا وزارة الصحة، بحسب تأكيد النائب.
تجهيز هذه المشافي بحسب المقداد يعني التحضير لعزل مرضى "كورونا" عن باقي المرضى، فضلاً عن استحداث نظام للتهوئة والتبريد، واستحداث غرف خاصة مجهزة لحالات الإصابة بـ"كورونا" تسمى negative pressure، تحوي اجهزة تنفس اصطناعي، فضلاً عن فريق مدرب للعمل عليها. وفي لحاظ التكلفة المادية لهذه القائمة من التجهيزات يشدد المقداد على ضرورة الاستغناء عن مشاريع كثيرة وتخصيص الأموال المرصودة لها وتحويل الاهتمام لكيفية مواجهة فيروس "كورونا".
يرد النائب على مفارقة إلغاء جلسة لجنة الصحة النيابية التي كانت مقررة اليوم والتي كانت ستبحث في اعتماد مستشفيات حكومية تؤازر المستشفى الحكومي في بيروت بفعل قرار إغلاق مكاتب مجلس النواب لمدة أسبوع لإجراء عملية تعقيم، ويقول: "ما يظهر للإعلام هو جزء يسير مما يحضّر لمواجهة كورونا، ليس بالضرورة أن يكون هناك اجتماع رسمي للإعلان عن توصيات أو قرارات ما بشأن التعاطي مع الفيروس، إذ إننا نقوم بالكثير "في السرّ"، وأنا هنا أوجه تحية كبيرة للفريق الوزاري العامل ليل نهار ضمن إمكانيات محدودة انعكست نتائج إيجابية في المكافحة".
انتظار المصابين المحتملين بفيروس "كورونا" ساعات ليتمكنوا من إجراء الفحوصات الطبية اللازمة يشي بتخوف من ترك بعضهم واجب التشخيص بفعل كثافة الطلب على الفحوصات. وعن هذا الأمر بوضح المقداد أن "فحص كورونا" ليس كأي فحص دم عادي، إذ إن دقة التعامل مع مصابي هذا الفيروس تقتضي وجود فريق طبي خبير ومتدرب، ولذلك تقرر اعتماد عدد من المستشفيات الخاصة لإجراء الفحوصات اللازمة قبل إحالتها إلى المُستشفى الحكومي، على غرار أوتيل ديو ومستشفى الجامعة الأميركية في بيروت ومستشفى رزق.
رفض المشافي الخاصة استقبال مرضى "كورونا" تملص من المسؤولية؟
ولدى استفسارنا عن تقييم قرار المستشفيات الخاصة بعدم استقبال مرضى "كورونا"، يتفهّم النائب موقفها، ويوضح أنه بعد كثير من الأخذ والرد الحكومي مع المشافي الخاصة، نرى أن لدى هذه المستشفيات وجهة نظر، لأن دخول أي مصاب بـ"كورونا" لأي واحد منها كفيل بعزوف باقي المرضى عن ارتياده، وهؤلاء أيضا بحاجة للاستشفاء وبعضهم يعاني من أمراض قد تكون أصعب من "كورونا".
لكن تفهمه كعضو لجنة الصحة النيابية لقرار المشافي الخاصة، لم يمنعه من تأكيد أن القرار ليس مبرما، يوضح أن الاتفاق الذي تم مع إداراتها يقضي بفتحها في حال ارتفاع عداد الإصابات بـ"كورونا"
بشكل كبير، وحين يفقد مستشفى رفيق الحريري الحكومي قدرته الاستيعابية فإنه لا مهرب من استقبال المصابين بالمستشفيات الخاصة، عندها يصبح الأمر واجبا عليها.
وعن إعلان رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الاتجاه للاستفادة من "المستشفيات الخاصة المتعثرة" لاستقبال مرضى "كورونا" كسيناريو محتمل، يؤكد المقداد أن كونها متعثرة يعني افتقارها للتجهيزات المطلوبة. برأيه، إن الأولوية لتجهيز مشافٍ حكومية "رديفة" من تلك الموزعة على المحافظات. وهنا يلفت إلى مشكلة نقص في عدد أجهزة التنفس الاصطناعي في هذه المستشفيات، خاصة مع ارتفاع الطلب عليها عالميا مع انتشار الفيروس، لكنه يوضح أن تواصلا جرى على صعيد رسمي مع منظمة الصحة العالمية، التي أخذت على عاتقها سد النقص لدى لبنان، كما اخذت على عاتقها تأمين الكواشف لمستشفى رفيق الحريري الجامعي دون دفع ثمنها.
مبنى لـ "كورونا" في الجامعة الأميركية
وفي خضم الأزمة المؤرقة، ورغم إعلان نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون رفضها استقبال مرضى فيروس" كورونا"، إلا أن المركز الطبي في الجامعة الأميركية يشرف على اللمسات الأخيرة لتخصيص مبنى عزل خاص بالمُصابين بالفيروس، على أن يتمّ استقبال ذوي الحالات المُتقدمة والحَرِجة فقط ممن يحتاجون عناية طبيّة خاصّة.
وسَيتمّ فصل طاقم طبي خاص مُزوَّد بكل المعدّات اللازمة لمواكبة المرضى وتأمين عِلاجهم.