معركة أولي البأس

خاص العهد

وباءٌ أمني في القطيف
09/03/2020

وباءٌ أمني في القطيف

لطيفة الحسيني

وكأنّ الاعتقالات لا تُشبع نهم السلطة. في خضمّ كلّ ما يحصل من فوضى داخل الأسرة الحاكمة وما يُسرّب عن توقيفات طالت أمراء بارزين، كان المشهد لافتًا في القطيف، هناك حيث استضعاف الأهالي لا يتوقّف بحججٍ مختلفة، تارةً على خلفية حراكهم السلمي والمطلبي، وتارةً بسبب عدم إذعانهم للتغيير الديمغرافي المُدمّر في بلداتهم.

أمس، حوّلت أجهزة الأمن القطيف الى ثكنة عسكرية. أُغلقت جميع مداخل ومخارج المحافظة عبر حصار مُشدّد بالآليات الحربية والدبابات لمواجهة احتمال انتشار فيروس "كورونا"، وذلك بعد مضيّ أسابيع على تكتّم النظام على وجود الفيروس في مدن المملكة.

حتمًا ما يجري في القطيف ليس إجراءً صحيًا. مصادر أهلية تجزم بأن ما يحصل هو استغلال علني لأزمة "كورونا" من أجل تحقيق غايات أمنية مكشوفة. المطلوب هو محاصرة السكان بحجة أن أحدهم أُصيب بالفيروس بعد عودته من زيارة العتبات المقدّسة في إيران والسلطات تأخّرت لاكتشاف ذلك. وللتغطية على تقصيرها وجهلها، عمدت الى دعوة المواطنين الى المبادرة للإفصاح عن وجودهم في إيران، من أجل اتخاذ الاجراءات الوقائية لمكافحة "كورونا"، وذلك تفاديًا لتطبيق العقوبات في حالة المخالفة، في نبرة تهديدية واضحة.

الوضع أمني وليس انسانيًّا تقول المصادر الأهلية. الأسلوب المتّبع في تلك المحافظة الشرقية يُثبت لأبناء المنطقة أن كلّ ما يتخذ هو مسرحية هزلية لا يمكن تصديقها. هي تسأل "هل يُعقل أن مواجهة كورونا تكون بالدبابات والأسلحة والإصابات لم ترقَ بعد الى مستوى يدعو للهلع، على الرغم من أن المُعلن حتى الساعة هو محطّ شكّ كبير؟".

تؤكد المصادر الغياب التامّ للفرق الطبية أثناء تطبيق خطة مُحاصرة القطيف، حيث لم يُشاهد الأهالي سيارات الإسعاف ولا حتى ممرّضين ممّن يرتدون الزيّ الوقائي من "كورونا"، بل فقط قوات أمن وحرس وطني.

هذا التناقض يدعو المصادر للاستخفاف بكلّ الاجرارات المزعومة، ولا سيّما أن محافظات أخرى في المملكة تشهد انتشارًا للفيروس مثل ما يحدث في العاصمة والمناطق الغربية والجنوبية، وهذه الحالات قادمة من الصين وتايلند ومصر بحسب ما يُتداول نقلًا عن أطباء سعوديين.

يبدو جليًا أن السلطة تمارس الكيدية السياسية في أكثر الملفات التي تهدّد العالم صحيًا. تريد الانتقام من أهالي القطيف واضطهادهم طائفيًا، هي تعرف أنهم لا ينفكّون عن ممارسة شعائرهم الدينية مهما كانت الظروف، ولذا ترى في ذلك حجّة للانقضاض عليهم لتُرسّخ فكرة أن الوباء أتى من إيران، حيث المراقد المقدّسة. أبواق النظام تعكس هذا دون خجل. تغريداتها على "تويتر" منذ الإعلان عن أول إصابة في المملكة تصبّ في صالح تحميل الجمهورية الاسلامية مسؤولية نشر الفيروس. "إيران تُصدّر الإرهاب والأمراض والخراب والدمار"، هذه تغريدة أحد أبواق الذباب الالكتروني. صوتٌ بغيض آخر يقول "إيران أسوأ جار وهي تنتهج تصدير الفيروس بسلوك عبثي وفوضي". أيضًا هناك من يتقيّأ قرفًا فيُغرّد "السعودي الذي زار ايران والمملكة تقاطعها وجلب معه الكورونا يجب محاكمته كإرهابي لأنه فخّخ جسده ليؤذي غيره فما الفرق بينه وبين انتحاريي الدواعش؟".

الى جانب كلّ هذا، لا يُمكن فصل حصار القطيف عمّا يعيشه القصر الملكي من تخبّط جراء حملة الاعتقالات الأخيرة، فوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان يريد تغطية اقترافاته وما يُخطّط له على صعيد توليه العرش عبر الترويج لانجازات طبية يراها في مخيّلته، ليقول إنه حقّق "نصرًا" وخنقَ أهالي تلك البقعة من المملكة وحجرهم أمنيًا.

القطيف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل