ابناؤك الاشداء

خاص العهد

تجارب الحجر المنزلي بين الوعي والاستخفاف
03/03/2020

تجارب الحجر المنزلي بين الوعي والاستخفاف

ايمان مصطفى

ضمن الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة فيروس "كورونا"، خضع بعض المسافرين العائدين الى لبنان، من الدول التي سُجلت فيها إصابات، للحجر الصحي المنزلي. هي فترة انتظار لمعرفة إذا ما كان الشخص مصابًا بالفيروس، واجراء وقائي يُتخذ لمنع انتقال المرض إلى آخرين. البعض تعامل مع الموضوع بلامبالاة، ولم يأخذ كثيرون الأمر على محمل الجد، بل تناولوه بخفة وسخرية، في حين يتصرف آخرون بكل وعي ومسؤولية.

الحاجة رندة منصور تحدثت لموقع "العهد" الاخباري عن تجربتها في هذا المجال مع ابنتها نور مراد التي فُرض عليها الحجر الصحي المنزلي بعد عودتها من الجمهورية الاسلامية الإيرانية، قائلةً: "منعت ابنتي من الاختلاط بالآخرين في الأماكن العامة ومُنعت من استقبال أي زوار في منزلي"، مضيفةً: "خصصت لها غرفة جيدة التهوئة مع نافذة منفصلة عن الآخرين في المنزل، وحمام مستقل لاستخدامه".

وأكدت منصور أنها تقوم بتعقيم الغرفة بالمطهرات وتهوئتها جيدًا يوميًا، بالاضافة الى تنظيف وتعقيم الأثاث والأسطح في المنزل وخصوصًا المقعد الذي تجلس عليه ابنتها حين تختلط بهم أحيانًا، لافتةً الى أن نور تحرص على ارتداء وسائل الحماية الطبية التي تقلل فرص انتقال الفيروس من الكمامات والقفازات الطبية، بالاضافة الى الحفاظ على مسافة بينها وبين أفراد العائلة.

وأشارت منصور الى أن غسل ملابس نور معزول عن باقي ثياب العائلة، اذ تعقمها وتطهرها بـ "الديتول"، وتعمد الى غسلها أكثر من مرة أحيانًا.

وبالنسبة الى أطباق الطعام، قالت منصور: "أول أيام الحجر كانت تستخدم نور الصحون البلاستيكية، ولكن نظرًا لخطورة تفاعلها مع المأكولات الساخنة وللحفاظ على صحتها استبدلناها بأطباق من زجاج"، موضحةً أنه "عند "الجلي" أضع الأطباق المتسخة في المجلى وأفتح صنبور المياه الساخنة وأضيف بعضًا من "الأوديكس" للتعقيم، ثم أغسلها بالصابون والماء البارد".

تجارب الحجر المنزلي بين الوعي والاستخفاف

حجر منزلي في رب الثلاثين

الحاجة فاطمة فقيه التي خضعت للحجر المنزلي مع أربع من أخواتها ووالدهن وبعض أهالي بلدة رب الثلاثين في الجنوب عقب عودتهم من ايران، تخبرنا بدورها عن هذه التجربة، قائلةً: "ذهبنا لزيارة الأماكن المقدسة في الجمهورية الاسلامية الايرانية وكانت أخبار انتشار فيروس الكورونا لا تزال في بدايتها، حتى أننا زرنا قم مع كل ما أُشيع عن اغلاق المدينة"، مضيفةً: "انهالت علينا الاتصالات والرسائل من لبنان الداعية لضرورة التنبّه من الفيروس القاتل".

وتابعت: "وضعنا الكمامات كخطوة احترازية، وأكملنا الزيارة في كافة المدن الايرانية بشكل عادي وطبيعي"، مردفةً: "عندما حان موعد الرجوع الى لبنان تواصلنا مع وزارة الصحة للاطلاع على كافة الاجراءات، فشددت الموظفة على أهمية وضع الكمامة على متن الطائرة، أعلمناها بعدم امتلاكنا المزيد منها، عندها تواصلت مع مطار طهران، حيث تم تأمين الكمامات لجميع المسافرين وجرى أخذ الحرارة بناء لتوصيات وزارة الصحة اللبنانية".

فقيه أشارت الى الاجراءات اللافتة من قبل وزارة الصحة الحريصة على أمن اللبنانين، إذ سعت إلى أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الوباء الخطير. ففي مطار بيروت الدولي، يتعامل فريق الوزارة مع فريق الهيئة الصحية الاسلامية بكل لطف مع المسافرين العائدين حتى لو في وقت متأخر من الليل، وفقًا لفقيه.

وتابعت: "بعد إعلامنا عن آلية العزل الصحي المنزلي الصحيح وإجابتنا عن كل استفساراتنا، قمنا بملء استمارة عن حالتنا الصحية، في حين أخذ الفريق الطبي أرقامنا، وأمنت لنا الهيئة الصحية وسيلة تقلنا من المطار الى منزلنا مباشرة".

وشددت فقيه على أنها امتنعت عن لقاء أي مقرب لها حتى أولادها وأهلها، بانتظار انقضاء الـ 14 يومًا، موضحةً أنها تعقم المنزل بشكل كامل يوميًا وخصوصًا عند غسل أطباق الطعام، لافتةً الى أن البلدية تقوم بالتعاون مع أهالي البلدة بتأمين الطعام والمستلزمات التي يحتاجها أصحاب المنزل على أن يتم تركها خارج باب المنزل ليلتقطها المحجور عليهم لاحقًا.  

ولفتت الى أن رئيس البلدية حرص على إمدادهم ببعض الفواكه الغنية بفيتامين "سي" التي تساعد في تقوية الجهاز المناعي.

وختمت فقيه حديثها قائلةً: "إذا كنت قادمًا من بلد سُجلت فيه حالات كورونا أو احتككت مع شخص لديه حالة كورونا محتملة فمن واجباتك تجاه نفسك وعائلتك والمجتمع أن تعزل نفسك في حجر منزلي لمدة 14 يومًا، وهذه مسؤولية شرعية".

استخفاف باجراءات وزارة الصحة في المطار

في مقابل ما أشادت به فقيه من اجراءات وزارة الصحة في مطار بيروت الدولي، استنكر الطالب اللبناني الجامعي حسام تلاي الذي يدرس الطب في ايران استخفاف بعض المسافرين وضعف المتابعة من الفريق الطبي التابع لوزراة الصحة.

وأوضح أن بعض المسافرين لا يملؤون الاستمارة المطلوبة، وسط عدم ملاحقة الوزراة لهم، لافتًا الى غياب فحص المسافر من قبل وزارة الصحة الذي يخولها ملء قسم  المعاينة السريرية في الاستمارة. كما استجهن استهتار البعض الأخر الذي لا يأخذ الورقة المتعلقة بالاجراءات الخاصة بالحجر المنزلي أيضًا.

تلاي قرر زيارة لبنان خلال اجازته الدراسية، ومنذ شيوع خبر انتشار الفيروس في ايران ورغم عدم تسجيل أي حالة "كورونا" في محافظة قزوين المقيم بها، باشر باجراءات احترازية من ارتداء الكمامة والكفوف الطبية وتغسيل اليدين بشكل متكرر الى جانب استخدام المعقّمات الكحولية.

وقال لـ "العهد": "ارتديت الكفوف والكمامة من غرفتي الى التاكسي فالمطار والطائرة وحتى وصولي الى لبنان، واستبدلتها كلما شعرت أنها تلوثت"، وتابع: "في لبنان فريق الهيئة الصحية كان جاهزًا لنقلنا الى بيوتنا"، مضيفًا: "عند وصولي للمنزل لم اسلم على أهلي وحافظت على مسافة بيننا".

وأوضح أنه عزل نفسه بغرفة وصفها بـ "الموبوءة"، وقال: "كل ما دخل الغرفة من أطباق طعام بلاستيكية وغيرها من الأدوات لا يخرج منها أبدًا".

ولفت الى أنه عندما يضطر الى استخدام الحمام خارج الغرفة، يتعيّن عليه ارتداء القفازات الموضوعة خارجها ويعلم أهله بذلك ليتم التعقيم من بعده.  

وأشار الى أنه يرتدي القفازات ويجمع القمامة في الكيس ويربطها جيدًا ثم يدخلها بكيس أخر ويعقمه "بمادة كحولية"، ويضعها خارجًا ويعلم أهله، فيلبس أحدهم قفازًا ويرمي الكيس مع القفاز في حاوية النفايات.

تجارب الحجر المنزلي بين الوعي والاستخفاف

أم علي: لا داعي للهوس بالتعقيم

على المقلب آخر، الحاجة أم علي المقداد، العائدة أيضًا من إيران، تقدّم نموذجًا يدعو الى عدم الهلع والهوس بالتعقيم. وقالت لـ"العهد": "لا يجب الخوف.. نحنا كنا في إيران وعندما عدنا في 17 شباط الماضي كان المنزل (في الأوزاعي) مليئًا بالضيوف وصافحت الجميع ولا أحد أصابه مكروه"، وأضافت "لم أخضع لأي فحص، وزرتُ قريتي وتنقلتُ بـ"الفان" وعدتُ الى منزلي بشكل طبيعي ولم يحصل أيّ شيء".

وعن اجراءاتها الوقائية، أكدت الحاجة أم علي أنها تستخدم الـODEX أثناء الجلي وعند تنظيف المنزل كاملًا، وأشارت الى أنها تلازم منزلها لكن الناس لا يزالون يزورونها.

إقرأ المزيد في: خاص العهد