معركة أولي البأس

خاص العهد

شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه الى
28/02/2020

شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه الى"وزير النفط"

في استرجاع تاريخي لموضوع النفط في لبنان، والبحث عن بداياته، يعيد موقع "العهد" الإخباري نشر رسالة كان كتبها العالم الراحل الدكتور غسان قانصوه المختص في هذا المجال ويمكن اعتباره أب المشروع النفطي في لبنان وهي وثيقة تاريخية أرسل فيها ملاحظاته إلى وزير النفط يومها الشيخ توفيق عساف، مع الإشارة إلى سيرة الراحل الكبير الذي كانت له محطات بارزة في الإضاءة على هذا الميدان.. وذلك تكريماً له بمناسبة بدء الحفر الاختباري للتنقيب عن النفط في مياه لبنان مطلع آذار/ مارس 2020.
...

شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه الى"وزير النفط"


شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه (رحمه الله) الى"وزير النفط"
ان الحكم على فقر لبنان بموارده الطبيعية لجهة المعادن والبترول والثروات الطبيعية ليس منطقياً، سيأتي يوم ترتاح فيه روح العالم غسان قانصوه الذي مات وهو يحلم بأن يرى منصات البترول وهي تعمل على الارض وفي المياه اللبنانية. ومن الصعب ان نرفض فكرة وجود البترول في بلادنا مع وجود العروض الكثيرة من الشركات العالمية للبحث والتنقيب عنه مع الكلفة العالية لهذا العمل وهذا يعني ان هذه الشركات لا يمكن ان تقدم على مثل هذا العمل ما لم تكن متأكدة بشكل قاطع من وجود هذه الثروة، والمحيط العربي والمتوسطي زاخر بها وشواهد وجوده عندنا ايضاً كثيرة خصوصاً الغاز الطبيعي الذي تفجرت آباره في اكثر من مكان. والدراسات التي وضعها فقيد العلم الدكتور غسان قانصوه واثبت فيها وجود تلك الثروات في ارضنا ومياهنا لكن وللأسف آبار الغاز اقفلت وآبار البترول لم تفتح وليس منطقياً الاستفاضة في تفاصيل مع وجود هذا الشرح للعالم قانصوه الذي جاء بخط يده في رسالة وجهها الى وزير الصناعة والنفط الشيخ توفيق عساف بتاريخ 19/1/1974.
وما بين تلك الفترة ووفاة العالم قانصوه كثيراً ما كتبت "الانتقاد" ـ "العهد" عن ارائه ويقينه وشواهده على وجود البترول في بلادنا. فهل بعد وفاته سيكلف احدهم نفسه عناء التفكير جدياً بالثروات الدفينة التي يمكن ان تنقذ لبنان وأجياله من ديون طوقت عنقه وبطالة دخلت كل بيت فيه؟؟
وهذه الرسالة بالنص:
معالي وزير الصناعة والنفط الشيخ توفيق عساف المحترم.
تحية واحترام وبعد،
بناءً لرغبتكم قمت بدرس العرضين المقدمين من قبل شركة البترول الفرنسية وشركة اجيب الايطالية للبحث والتنقيب عن البترول في المياه اللبنانية وأتشرّف بأن أقدم اليكم التقرير التالي:

 
الوضع الحالي للبحث والتنقيب عن البترول في لبنان:
ان البحث والتنقيب عن البترول في لبنان يخضع في الوقت الحاضر للتشريعات التالية:
أ ـ القرار رقم 113/ل ر الصادر بتاريخ 9 آب 1931.
ب ـ القرار رقم 113/ل ر الصادر بتاريخ 23 حزيران 1936.
ج ـ المرسوم الاشتراعي رقم 113/ك الصادر بتاريخ 9 تشرين الاول 1941 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 تشرين الاول 1941 تحت رقم 3929.
د ـ القرار رقم 136/ ف ل الصادر بتاريخ 23 شباط 1942.
هـ ـ القانون الصادر بتاريخ 27 شباط 1946.
و ـ المرسوم رقم 7281 الصادر بتاريخ 7 آب 1961 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 آب 1961 تحت رقم 36.
بتاريخ 16 آب 1961 تحت رقم 36.
واستناداً الى هذه التشريعات حصلت مجموعة من الافراد والشركات على رخص للبحث والتنقيب عن البترول في الاراضي اللبنانية اهمها:
1 ـ السيد بشارة ثابت اللبناني الجنسية الذي حصل على رخصة تشمل خمس مربعات (10 × 10كم) في لبنان الشمالي ورخصة اخرى تشمل خمس مربعات في لبنان الجنوبي، قسم من هذه المربعات يقع في المياه الاقليمية قرب الساحل.
2 ـ شركة بترولكس (PETROLEX) التي حصلت على رخص تشمل 13 مربعاً منتشرة في كامل المناطق اللبنانية: لبنان الشمالي، البقاع، جبل لبنان، بيروت ولبنان الجنوبي.
3 ـ السيد نعمة ملحم ادّه اللبناني الجنسية الذي حصل على رخصة تشمل 7 مربعات في لبنان الشمالي.
4 ـ السيدان شاهين وعابديني حصلا على رخصتين للبحث والتنقيب في المنطقة الساحلية الواقعة بين جبيل والحدود السورية.
هذا فيما يخص رخص البحث والتنقيب، اما فيما يخص الامتيازات الممنوحة لتطوير واستغلال البترول في الاراضي اللبنانية، فهناك امتياز واحد منح الى شركة الزيوت اللبنانية بتاريخ 8 تموز 1955 مدّته 57 عاماً وصدّق بالقانون الصادر بتاريخ 10/8/1955 وقد عدّل باتفاق ثنائي بين الشركة والحكومة اللبنانية بتاريخ 12 حزيران 1959 وصدّق بالقانون الصادر بتاريخ 17 آب 1959 الذي اتاح توسيع رقعة الامتياز حتى تشمل 24 مربعاً ومنح الحكومة 13,75% من الاسهم بدون مقابل.
لقد قامت شركة الزيوت اللبنانية حتى 12/8/1969، تاريخ صدور المرسوم القاضي بالغاء الامتياز الممنوح لها، بحفر خمسة آبار في مناطق مختلفة من الاراضي اللبنانية. الا انها عادت واستردت الامتياز بناءً على قرار من مجلس شورى الدولة سنة 1970. وهناك في الوقت الحاضر خلاف بين الشركة والحكومة اللبنانية لا يزال عالقاً امام مجلس شورى الدولة (وقد حلّ هذا الخلاف لمصلحة الشركة بعد كتابة هذا التقرير).
بالاضافة الى الآبار التي قامت بحفرها شركة الزيوت اللبنانية، قامت شركة نفط لبنان (فرع من شركة نفط العراق) بناءً على الامتياز المعطى لها سنة 1938 والذي تخلت عنه فيما بعد سنة 1948، بحفر بئر في الطربل شمال طرابلس. كما تم حفر بئر آخر وصل الى عمق 650 متراً على يد شاهين وعابديني في عجرين قرب جونية. ويبين الملحق رقم 1 تفاصيل الاعمال الجيولوجية والجيوفيزيائية ونتائج الاختبارات والآبار التجريبية التي تم حفرها في مختلف المناطق اللبنانية (من محاضرة ألقيتها في بيت المهندس بتاريخ 16/8/1972 حول صناعة البترول في لبنان: حاضرها ومستقبلها).
 
ويعرض الدكتور قانصوه محتوى عرضي شركتي البترول الفرنسيتين وشركة اجيب الايطالية، ومن ثم يبدي رأيه بتفاصيلهما.
 الرأي:

أ - المقدمة: يعود اهتمام الشركتين المتقدمتين لطلب الامتياز للبحث والتنقيب عن البترول في المياه اللبنانية الى كون الطبقات الارضية في حوض البحر الابيض المتوسط أثبتت انها حاملة للبترول والغاز.
لقد تفجر البترول في بئر Gela Mareu في البحر الادرياتيكي وقد جرى تطوير واستغلال هذه البئر سنة 1965 معلنة بدء انتاج الغاز في مياه البحار في اوبوبا، ولم تمض سنة على اكتشاف البئر الاخيرة حتى تتالت الاكتشافات في البحر الادرياتيكي فعثر على الغاز في Porto Corsini Mare سنة 1961 وفي Cesenatico Mare سنة 1962 وفي Ravena Mare Sud سنة 1963 وفي Punta Marina سنة 1965 وبعد سنة 1967 اكتشفت حقول مهمة للغاز هي: Amelia ، Cervia Ariana و Porto Garibaldi - Aoostino  سنة 1968، Diana سنة 1969، David سنة 1970، Barbara، Antonella و Emilie سنة 1971، Dora في البحر الادرياتيكي و Luna في البحر الايوني مقابل اليونان سنة 1972.
ان حصيلة البحث والتنقيب عن البترول والغاز في البحر الادرياتيكي هي اكتشاف 17 حوض للغاز يقدر الغاز الممكن استخراجه بـ 100 مليار متر مكعب ووصل الانتاج سنة 1972 الى 6,3 مليار متر مكعب وقد تم حفر البئر Ernesto Nordi في المياه الاقليمية الايطالية على عمق 167 متراً واستمر الحفر حتى 6173 متراً حيث عثر على الغاز الطبيعي.
وتواصل يوغوسلافيا ابحاثها عن البترول والغاز في القسم العائد لها من البحر الادرياتيكي بعد ان حصلت على نتائج مشجعة بعثورها على مكامن للغاز في عدة اماكن اهمها في المياه القريبة من مدينة Pula وهي الان في طور اعداد الخطط لاستغلال الغاز الذي يتوقع ان يبدأ انتاجه سنة 1977.
ومن الدلائل المشجعة على البحث والتنقيب عن البترول في المياه اللبنانية عثور شركة فيليبس سنة 1973 على الغاز الطبيعي في بئر "أبو متر" في المياه القريبة من مدينة الاسكندرية والذي ستتولى المؤسسة العامة للبترول ا لمصرية استغلاله بحسب  نصوص العقد مع شركة فيليبس وتقوم المؤسسة وبعد ان حصلت على قرض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بوضع الخطط لاستغلال الغاز المكتشف وذلك بمد خط بحري طوله 40 كلم وقطره 11 بوصة لايصال الغاز الى الدخيله بالقرب من الاسنكدرية. ومن المقدر ان يباشر الخط عمله سنة 1977 وبطاقة ثلاثة ملايين متر مكعب يومياً يستخدم منها مصنع الاسمدة الليميائية 2،1 مليوناً ومصنع الحديد الاسفنجي 8،1 مليوناً.
هذا وكانت شركة تابعة لشركة البترول الايطالية ايني، قد عثرت على الغاز الطبيعي في بئر "ابو ماضي" في دلتا النيل بالقرب من البحر السنة 1967 وقد باشرت في تشرين الاول 1974 (أي بعد كتابة هذا التقرير) بالاشتراك مع المؤسسة العامة للبترول المصرية، وباستغلال هذه البئر بمعدل 2,86 مليون متر مكعب يومياً لاستعماله في مصنع الاسمدة الكيميائية في الطلقة وفي المصانع والمحطات الكهربائية في منطقة الدلتا.
وقد بدأت شركة اسو (بعد كتابة هذا التقرير) في 26 كانون الاول 1974 بحفر أول بئر استكشافية للبحث عن النفط في رسمال الدلتا في البحر الابيض المتوسط في تركيب يعتبر من اكبر التراكيب النفطية التي كشفت عنها الدراسات السيزمية التي اجرتها الشركة في المنطقة المذكورة وتقدر مساحة هذا التركيب بـ 83 كلم مربعا.
ومن ثم يتحدث الدكتور قانصوه عن التنقيب عن النفط في بحر ايجه حيث ادى اكتشافه الى توتير الاجواء بين اليونان وتركيا ومن ثم احتلال تركيا لقبرص.
وفيما يختص ب"اسرائيل"، فقد منحت اول رخصة للتنقيب عن البترول والغاز في المناطق المغمورة سنة 1962 وذلك للشركة الكندية Petrocana وهي شركة متفرعة عن شركة Saneana وقد قامت هذه الشركة بعمل مسح جيوفيزيائي للمناطق المغمورة، تبعتها شركة Asher Oil Company التي اجرت مسحاً جيوفيزيائياً في المنطقة المغمورة لمواجهة كينا. وفي اوائل عام 1966 تشاركت شركة Livingstone Oil  مع شركة Petrocana الكندية وفي اواخر عام 1966 حصلت شركة Belco الاميركية على امتيازات بحرية بالقرب من ميسارية وحيفا. وقد تم سنة 1966 اجراء عمليات مسح جيوفيزيائي واسعة في "اسرائيل" شملت اعمال المسح السيزفي ومسح الجاذبية، كما تم اجراء مسح مغناطيسي جوي للبلاد بأكملها وكذلك لشريط من المنطقة المغمورة في البحر الابيض المتوسط عرضه عشرون ميلاً. وتدل الابحاث الاولية التي اجرتها الحكومة الاسرائيلية على ان منطقة البحر الميت منطقة تجمع بترولي، ولذلك فقد رصدت لأعمال البحث والتنقيب في هذه المنطقة 50 مليون دولار في موازنة سنة 1974 وقامت باتصالات مع الشركات الالمانية بغية تشجيعها على المساهمة في تمويل عمليات البحث وتطوير آبار البترول المرتفعة.
ومن الجدير بالذكر، ان شركة أجيب حصلت منذ نيسان 1972 على 50 بالمئة من الامتياز الممنوح سنة 1971 الى شركة شل مالطة للبحث والتنقيب عن البترول والغاز في المياه الاقليمية لجزيرة مالطة وقد جرى حتى نهاية 1972 حفر بئر تجريبية للتأكد من وجود البترول والغاز في تلك المياه.
اما بالنسبة لتونس، فقد اتفقت الشركتان، صاحبتا العرضين المقدمين الى وزارة الصناعة والنفط وهما شركة اجيب وشركة البترول الفرنسية، سنة 1972 على التعاون فيما بينهما وتأسيس شركة مساهمة تضم شركتي Aquttaine Erap الفرنسيتين للبحث والتنقيب عن البترول والغاز في المياه التونسية وقد حصلتا على امتياز مساحته 6000 كلم مربع شرق خليج قابس كما حصلت شركتا اجيب والبترول الفرنسية بالاشتراك مع شركة Amoco International Oil Company على امتياز مساحته 18000 كلم مربع في خليج قابس ايضاً.
 
ب ـ نقد وتحليل للعرضين موضوعي البحث:
 
ان العرضين المقدمين الى وزارة الصناعة والنفط يتعارضان الى حد كبير مع احكام القرارات والقوانين والمراسيم التي تنظم قواعد البحث والتنقيب عن البترول في لبنان وبالمقارنة بين الشروط والامتيازات التي يوفرها العرضان المذكوران وبين التشريعات اللبنانية من جهة والنظم السائدة في صناعة البترول العالمية من جهة ثانية لا بد لنا من ابداء الملاحظات التالية:
1 ـ رقعة الامتياز: تنص التشريعات اللبنانية على منح مربعات طول كل واحد منها 10 كيلومترات وبذا تصبح مساحة المربع الواحد 100 كلم مربع وتسمح لصاحب الامتياز ان يحصل على عدة مربعات ولكنها لا تسمح باعطاء مساحة في البحر تفوق كامل مساحة لبنان العربية بـ 60 بالمئة الى شركة واحدة. وقد طالبت شركة البترول الفرنسية بمساحة قدرها 17000 كلم مربع بينما طالبت شركة اجيب بـ 16000 كلم مربع.
ان مصلحة لبنان تقضي بتقسيم هذه المساحة الكبيرة الى عدة رقع او مربعات صغيرة كما حصل في بحر الشمال واعطائها الى شركات متعددة، بعد الاعلان عن مناقصة عالمية تحدد بشروطها في قانون بترولي لبناني جديد، يراعي كل ما استجد في صناعة البترول العالمية منذ سنة 1961 تاريخ صدور آخر مرسوم ينظم قواعد البحث والتنقيب عن البترول في لبنان وحتى سنة 1975، آخذاً بعين الاعتبار خاصة الاربع سنوات الاخيرة اي منذ اتفاقيات طهران وطرابلس الغرب، وفي كاراكاس سنة 1971 التي جاءت لتفتح صفحة جديدة في علاقة دول منظمة اوبيك بالشركات العالمية التي تسيطر على هذه الصناعة.

2 ـ مدة البحث والتنقيب عن البترول: ان المدة المعروضة من قبل الشركتين للبحث والتنقيب جاءت متشابهة للتشريعات اللبنانية اذ ان هذه نصت على منح رخصة البحث لفترة اربع سنوات يمكن تمديدها على دفعتين ثلاث  سنوات، الا ان هذه المدة اصبحت جد طويلة بالنسبة للعقود  والاتفاقيات الحديثة العهد، حيث تتراوح فترة البحث بين ثلاث وخمس سنوات على الاكثر، وهذا ما تعهدت به مثلاً شركتا صن اويل وشركة البترول الفرنسية بعقديهما الموقعين مع شركة سونا تراك الجزائرية على التوالي في 27 آذار 1973 و 5 حزيران 1973.

ان عرض شركة البترول الفرنسية هو أكثر ملائمة من عرض شركة اجيب فيما يخص المدة والتخلي عن المناطق التي لم يعثر فيها على البترول ولكن في كلتا الحالتين تبقى عملية البحث بطيئة والآبار المحفورة قليلة بدليل ضآلة عدد الآبار التي يوجب حفرها في فترة العشر او الاحدى عشرة سنة.

شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه الى"وزير النفط"


3 ـ مدة الامتياز التي تلي فترة البحث والتنقيب: ان مدة الامتياز التي يتم فيها تطور استغلال آبار النفط ايضاً طويلة، فلقد نصت التشريعات في الولايات المتحدة الاميركية على الا تزيد عن عشرين سنة، وفي الاتفاقيتين المذكورتين آنفاً بين شركتي صن اويل والبترول الفرنسية وبين شركة سفرياتراك الجزائرية، تنص كل من الاتفاقتين على تحديد فترة التطوير والاستغلال فقط بـ 12 سنة بينما هي في عرفنا: 25 سنة لشركة البترول الفرنسية و 40 سنة لشركة أجيب قابلة للتجديد 10 سنوات اخرى.
 
وهنا تجدر الاشارة الى ان التشريعات اللبنانية تعطي صاحب الامتياز امكانية المحافظة على امتيازه طيلة 75 سنة قابلة للتجديد 25 سنة اخرى، لذلك اصبح من الضروري وبأسرع ما يمكن سن قانون بترولي جديد يتلافى هذا الواقع الغير الطبيعي
.
4 ـ الشركات العاملة: احتفظت كل من الشركتين لنفسها بالحق في ادخال شركاء معها ولم تعرضا على الحكومة اللبنانية الدخول شريكاً بعد البدء في عملية البحث والتنقيب، وفي الوقت الذي لم تتطرق فيه شركة البترول الفرنسية مطلقاً لهذا الموضوع، نجد ان شركة اجيب لم تعط هذا الحق للحكومة اللبنانية الا بعد ان يبلغ الانتاج 20000 برميل في اليوم أي عشرة ملايين طن في السنة وبنسبة ضئيلة قدرها 20 بالمئة تزيد ببطء ولا تصبح 50 بالمئة الا بعد بلوغ الانتاج 500000 برميل في اليوم أي 25 مليون طن في السنة.
هذه الشروط تذكرنا بالشروط التي كانت سائدة في العشرينات والثلاثينات في صناعة البترول العالمية وهي لا تتفق مطلقاً مع واقع صناعة البترول العالمية اليوم. لقد كانت شركة أجيب أول شركة عالمية تعرض على الدول المنتجة للبترول ان تدخل شريكاً في النصف في عمليات الانتاج بعد العثور على البترول بكميات تجارية، وكانت تتحمل وحدها مخاطر البحث والتنقيب الا في حال العثور على البترول بكميات تجارية عندئذ تتحمل الدول المنتجة 50 بالمئة من تكاليف البحث، وجاءت الاتفاقيات التي عقدت مع ايران سنة 1957 والمغرب سنة 1958 ومصر سنة 1961 وتونس سنتي 1961 و 1966 لتكرّس هذا الاتجاه واذ بها في عرضها للحكومة اللبنانية تشترط ان يبلغ الانتاج 25 مليون طن سنوياً حتى تتمكن الحكومة من الدخول شريكاً في النصف.
اما شركة البترول الفرنسية فقد دخلت منذ سنة 1965 في الجزائر في اتفاقيات مشاركة وقد حتم القانون البترولي الجزائري الجديد الصادر سنة 1971 على الشركات العاملة في الجزائر ان تدخل لشراكة مع شركة البترول الوطنية الجزائرية (سونا تراك) بنسبة 15 بالمئة لسونا تراك و 49 بالمئة للشركة الاجنبية.
ان الاتجاهات الحديثة في عقود المشاركة تعطي للدول المنتجة الحق بالحصول على نسبة من البترول المنتج تصل حتى 85 بالمئة وفي العقود المصرية تسترجع الشركة الاجنبية نفقات البحث والتنقيب من خلال بيع 40 بالمئة من البترول المنتج لهذه الغاية حتى تحصل الشركة على كامل المبالغ المنفقة للبحث والتنقيب، اما في العقود الليبية، فإن الحكومة الليبية تدفع نقداً، بعد العثور على البترول بكميات تجارية، نسبة من تكاليف البحث تعادل حصتها في الشركة الجديدة التي تتراوح بين 8 ـ 85 بالمئة على ان تسترجع ما دفعته للشركة في فترة تتراوح بين 15 ـ 20 سنة وبدون فائدة.
اما في عقود المقاولة، فإن الشركة الاجنبية تعمل لحساب الدولة المنتجة ولقاء تحملها تكاليف البحث تحصل على امتياز الحصول على كميات محددة من الانتاج بأسعار منخفضة ولفترات طويلة كما يحدث حالياً في ايران مثلاً.

5 ـ الريع: ان تنفيق الريع أي اعتباره جزءاً من كلفة الانتاج أصبح من المسلّمات في صناعة البترول العالمية، وان اعتماد الاسعار المعلنة لاحتساب الريع ايضاً اصبح من المبادئ المتعارف عليها في هذه الصناعة وان الفرق الكبير بين احتساب الريع على اساس الاسعار المعلنة والاسعار الحقيقية، اذ ان الاسعار المعلنة تفوق الاسعار الحقيقية بـ 40 بالمئة الا في حالات الازمات والحروب عندئذ تصبح هذه القاعدة غير قابلة للتنفيذ.
 
لقد طالبت منظمة اوبيك منذ انشائها سنة 1960 بتنفيق الريع وكان لها صولات وجولات مع شركات البترول العالمية الى ان استقرّ الامر على ما هو عليه ورضخت الشركات لمطالب الدول المنتجة للنفط ولا يجوز العودة الى الوراء واعتماد مبادئ عفى عليها الزمن واصبحت نسياً منسياً.
ان شركة البترول الفرنسية تطلب احتساب الريع على اساس الاسعار المحققة واحتسابه كجزء من ضريبة الدخل بينما تفرض شركة اجيب احتساب الريع على اساس الاسعار المعلنة وتنقيته، ان النسبة التي يبرزها كل من العرضين ضئيلة اذا ما قيست بالنسبة للاتفاقيات الاخرى التي عقدت في مناطق مختلفة من العالم. ان نسبة 12,5 بالمئة تعداها الزمن واصبحت اليوم بحدود 20 بالمئة في بعض الاتفاقيات.

6 ـ ضريبة الدخل: لقد حددت اتفاقية طهران الموقعة بتاريخ 14 - 2 - 1971 واتفاقية طرابلس الغرب الموقعة بتاريخ 2 نيسان 1971 بين الدول المنتجة للنفط والشركات البترولية ضريبة الدخل بـ 55 بالمئة من الارباح وفرضت اضافات وزيادات سنوية ابتداءً من سنة 1973، معلنة بذلك نهاية مبدأ تقاسم الارباح (50 بالمئة للدولة المنتجة، 50 بالمئة للشركة العاملة) الذي بوشر بتطبيقه منذ سنة 1952 وقد تجاوزت الشركات اليابانية المبدأ المذكور سنتي 1957 و 1958 عندما وقعت اتفاقية مع كل من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت للبحث والتنقيب عن البترول في المناطق المغمورة العائدة للمنطقة المحايدة بين السعودية والكويت. وقد جاء في هذه الاتفاقية ان ضريبة الدخل التي سوف تدفعها الشركة هي 75 بالمئة من الارباح الصافية وان الريع البالغ 20 بالمئة من الاسعار المعلنة سيحتسب على انه جزء من تكلفة الانتاج.
ولعل من المفيد ان نذكر ان شركة "ايني" وهي الشركة الام لشركة "اجيب" ابتدأت بضريبة قدرها 50 بالمئة من الدخل الصافي على اساس الاسعار المحققة ووصلت الى ضريبة قدرها 40 بالمئة على البترول المستخرج من الاعماق بين 1000 ـ 2000 متر ولا بد لنا من الاشارة الى أن ضريبة الدخل قد بلغت في بعض العقود المعقودة في الآونة الاخيرة نسبة 85 بالمئة من الارباح الصافية.

7 ـ الدفعات النقدية: لم تعرض شركة البترول الفرنسية أي دفعات نقدية بالرغم من انه اصبح من المتعارف عليه ان تدفع الشركات دفعات نقدية عند توقيع العقد وعندما يبلغ الانتاج نسبة معينة، اما شركة اجيب فقد ربطت الدفعات النقدية بالوصول الى مستوى انتاج معين وهو 10000 برميل في اليوم أي خمسة ملايين طن وما فوق في السنة، وهذه الشروط ولا شك مجحفة نظراً للعرف السائد في صناعة البترول العالمية. وبالنسبة لايجار رقعة الامتياز، فان القيمة زهيدة جداً وتذكرنا بالامتيازات القديمة التي كانت سائدة في العشرينات في البلاد العربية.
 لقد تعرضنا فقط للشروط والامتيازات التي طرحتها الشركات ضمن نطاق العرضين المقدمين الى وزارة الصناعة والنفط وهناك نقاط اخرى كثيرة لا بد من اخذها بعين الاعتبار للمحافظة على مصلحة لبنان العليا نرى من الواجب والمفيد ان تدون في القانون البترولي الجديد لتنظيم قواعد البحث والتنقيب عن البترول في لبنان.
ج ـ التوصيات والاقتراحات:
1 ـ تأجيل البت في العرضين المذكورين لغاية اصدار القانون البترولي الجديد.
2 ـ العمل على اصدار القانون البترولي الجديد بعد دراسة مقارنة بأقرب وقت ممكن.
3 ـ تقسيم المناطق المغمورة والمياه الاقليمية الى مرتبات ورقع صغيرة والاعلان عن مناقصة عالمية او استدراج عروض على اساس الشروط المحددة في القانون البترولي الجديد.
4 ـ دراسة امكانية ابقاء الامتيازات الحالية للمناطق البرية والبحرية.
5 ـ انشاء شركة وطنية لبنانية للبترول تتولى الاشراف على مصالح لبنان في اتفاقيات المشاركة التي ستعقد مع الشركات الاجنبية وتعزيز اجهزة المديرية العامة للبترول حتى تتمكن من القيام بالمهام المذكورة.
6 ـ يمكن وقبل اقرار مشروع القانون البترولي الجديد عقد اتفاقيات مع الشركات البترولية شرط ان تؤخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي اوردناها سابقاً في معرض نقد وتحليل العرضين وكذلك الاعراف والنظم السائدة حالياً في صناعة البترول العالمية.
الدكتور غسان قانصوه
----------------------
سيرة الراحل الكبير
ولد الدكتور غسان قانصوه في بعلبك في العام 1953 وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة القديس غريغوريوس في بعلبك، حيث حصل على الشهادة الابتدائية وكان ترتيبه الاول بين أقرانه.
تلقى علومه المتوسطة في مدرسة الحكمة في بيروت بتفوق، وكان ترتيبه الاول ايضاً في جميع الصفوف التكميلية.
حصل على شهادة البكالوريا القسم الاول  الفرع العلمي وهو طالب في كلية المقاصد الاسلامية في صيدا. وكان الوحيد في تلك السنة في المدرسة المذكورة الذي فاز بالبكالوريا اللبنانية والفرنسية معاً، وجاء ترتيبه الاول في البكالوريا المدرسية مع معدل جيد جداً.
أنهى دراسة البكالوريا القسم الثاني  فرع الرياضيات في الكلية العاملية في بيروت، ثم التحق ببرنامج اللغة الانكليزية في الجامعة الاميركية، وأنهى هذا البرنامج  حسب تعبير المدير  كواحد من أحسن الذين التحقوا به.
كان الدكتور قانصوه عازماً على متابعة دراسته باللغة الانكليزية في الخارج، الا ان غلاء التعليم في العالم الغربي دفعه الى التفكير بالعالم الشرقي ويوغوسلافيا بالذات.. وانطلق من هذا الواقع وبدأ دراسته الجامعية في جامعة زغرب بيوغسولافيا (السابقة)، حيث أمضى أحد عشر عاماً. انتسب في الفترة الاولى منها الى كليتين في آن واحد ثم الى ثلاث كليات ثم الى أربع، وفي النهاية حصل على الشهادات التالية:
1 دكتوراه في هندسة الكيمياء الصناعية بدرجة ممتاز.
2 دكتوراه في العلوم الكيميائية بدرجة جيد جداً.
3 دكتوراه في العلوم  الاقتصادية بدرجة ممتاز.
4 هندسة بترول (مصافي وبتروكيماويات) بدرجة ممتاز.
ما حصله الدكتور قانصوه في احد عشر عاماً، يحتاج الطالب اليوغسلافي لإنجازه الى ما لا يقل عن ثمانية وعشرين عاماً، لذلك منحه رئيس الجمهورية اليوغسلافية (حينها) جوزيف بروزتيتو وسام العلم اليوغسلافي ذا النجمة المذهبة، وهو ثاني أرفع وسام في البلاد، ويمنح عادة لرؤساء الوزراء. ولأول مرة يمنح لطالب باحتفال أقيم في مبنى مجلس الوزراء تكريماً لهذه المناسبة.
لم يقتصر نشاط العالم قانصوه على الحصول على الألقاب العلمية الرفيعة، بل تعداه الى مجال الابداع والاختراع، فقد صمم واخترع آلة لدراسة فاعلية العوامل المساعدة في تفكيك ذرات البترول. كما حضّر ثلاثة عوامل مساعدة جديدة تستعمل في تكسير الذرات في صناعة البترول أيضاً، واحد منها يعتبر من أفضل العوامل المساعدة المعتمدة حالياً. كما اشترك في مؤتمرات علمية عالمية، منها المؤتمر العالمي للكيمياء الصناعية في بلغراد سنة 1963، بمحاضرة ألقاها في المؤتمر المذكور. وبسبب اشتراكه رُفع العلم اللبناني على باب المؤتمر، وكان العلم العربي الوحيد.
واشترك الدكتور قانصوه في العديد من المؤتمرات العالمية، منها المؤتمر العالمي للأبحاث عن البوكسيت وأوكسيد وهيدروكسيد الالمنيوم في زغرب 1963، كذلك اشترك في المؤتمر العالمي للبترول في العام 1966، وكان فيهما محاضراً.
هذه النتائج العلمية الباهرة دفعت أكاديمية العلوم والفنون اليوغسلافية لإقامة احتفال تكريمي له دُعي اليه سفير لبنان في بلغراد وقنصله العام، وقُدّم للدكتور قانصوه ميدالية الشرف للأكاديمية ودبلوم شرف، وأعلن رئيس الاكاديمية اعتباره عضواً مساعداً فيها.
رئيس بلدية زغرب أقام له احتفال تكريم آخر، قدم له فيها ميدالية الشرف لمدينة زغرب، مع ألبوم رسوم لأكبر فنان هناك «فيدروفايتش».
لم تتوقف بادرة التقدير عند احتفالات التكريم والأوسمة، بل أرسل رئيس اتحاد الطلبة اليوغسلافي كتاباً الى سفير لبنان هناك منير تقي الدين، شدد فيه على ان الدكتور قانصوه هو أفضل طالب عرفته الجامعة على الاطلاق. جدير بالذكر ان عدد طلاب جامعة زغرب يبلغ 22 ألف طالب.
كما كتب رئيس أكاديمية العلوم الى السفير تقي الدين: نأسف بشدة لأن يغادر الدكتور قانصوه بلدنا نظراً لإمكانياته العلمية الواسعة ومزاياه الانسانية، وأرجوك نقل أفكارنا وتقديرنا وعميق احترامنا للدكتور غسان قانصوه وإلى حكومتكم..
أما السكرتير العام لأكاديمية العلوم اليوغسلافية البروفيسور ميروسلاف كارشولين، فقد كتب عنه ما يلي: «نظراً للمزايا العلمية والانسانية الممتازة التي يتمتع بها الدكتور قانصوه، فإني أعتبر انه من مصلحة الانسانية جمعاء ان توفّر له جميع المساعدات اللازمة كي يتابع ابحاثه في الميادين العلمية والتكنولوجية. ولهذه الاسباب أوصي بحرارة كل من يعنيهم الامر الاستفادة من مواهبه».
وغير ذلك كثير، وآخر تقدير من قبل اليوغسلاف كان انتخاب الدكتور قانصوه مواطن شرف لمدينة Piot في جنوب يوغوسلافيا.
ومن اللافت للنظر ان الدكتور قانصوه في الستينات كان يعيش هم العالم العربي، ويخطط حتى اثناء الدراسة للاستفادة الى أقصى حد من البترول العربي، فدرس العلوم الاقتصادية وإنتاج البترول ومشتقاته في البلاد العربية، ودرس خصائص البترول، وكان موضوع الدبلوم في كلية الهندسة حول دراسة خصائص البنزين المنتج في يوغوسلافيا من منقطة Struzec بواسطة الاشعة ما تحت الحمراء، ودراسة خصائص أوكسيد وهيدروكسيد الأولمينيوم كعوامل مساعدة لتحويل المازوت الى بنزين، وفي سبيل ذلك اخترع آلة لتفكيك ذرات البترول. وتوصل الدكتور قانصوه من خلال أبحاثه الى الحصول على المازوت من الزيوت النباتية بمختلف أنواعه وبطريقة بسيطة من المزج على البارد. وكذلك الحصول على المازوت من مشتقات بترولية كانت ترمى من الفيول أويل وتباع كفيول أويل وبطريقة المزج على البارد أيضاً.
 تقلب الدكتور قانصوه في عدّة مناصب، ووضع عشرات الدراسات، وألقى عشرات المحاضرات، ونشر العديد منها، وقدمت هذه الدراسات الى رؤساء ووزراء، وبعضها بناءً لطلبهم، لكنها لم تجد طريقاً الى التنفيذ.
في البلاد العربية عمل قانصوه مديراً فنياً للاتحاد العربي العام للحديد والصلب في الجزائر، وقام بمساعدة المسؤولين في سوريا على حل المشاكل الفنية والاقتصادية لمعمل السماد الآزوتي وللمجمع البتروكيميائي الجديد قرب حمص.
شارك في العديد من المؤتمرات العلمية في ليبيا، مقدماً اقتراحات لرفع عجلة التنمية الصناعية في الدول العربية، وانتخب بالاجماع أميناً للسر في اللجنة الفنية في المؤتمر.
وفي الرياض أيضاً والجزائر كان مشاركاً في تطوير صناعة الحديد والصلب، وتفعيل دور الغاز والبترول في التنمية الاقتصادية للبلاد العربية.
أما الامم المتحدة فقد دعته مرتين لمساعدتها والاستفادة من علمه واختصاصاته، المرة الأولى كُلّف بوضع دراسة لتطوير صناعة الاسمدة الكيميائية في سوريا، (ما زالت الاستفادة منها مستمرة حتى اليوم). والمرة الثانية من قبل برنامج الامم المتحدة للبيئة، الذي مركزه نيروبي، وعين من قبل البرنامج مستشاراً اقليمياً رئيسياً برتبة مدير. وفي اطار هذا التعيين وضع دراسة لسلطنة عمان حول النتائج البيئية لإقامة مصنع للأسمنت في مسقط، وطرح الحلول لتفادي النتائج السيئة لإقامة هذا المصنع. وزار مركز التلوث الصناعي التابع للأمم المتحدة في باريس، واتفق مع المسؤولين هناك على اقامة مركز للطاقة البديلة قرب بعلبك  لبنان.
اشارة الى ان العالم قانصوه يتقن اللغة الفرنسية والانكليزية واللغة الصربو كرواتية (اليوغسلافية)، اضافة الى العربية، ويلمّ بالروسية والألمانية والإيطالية.
كثيرة هي الافكار والاقتراحات والاحلام التي آمن بها العالم قانصوه وسعى لتحقيقها، طالباً أن يُفسح له المجال لإنجازها من أجل تطوير واقع البلد الاقتصادي، الا انه لم يحظَ ب‏آذان صاغية. كتب كثيرة لا تستطيع ان تجمع بين دفاتها أفكار وطروحات هذا العالم المتميز.
الا ان هذا لا ينفي ضرورة الاشارة الى بعض افكاره لحل بعض المشاكل في منطقتنا، ومنها محطات الكهرباء التي تعمل على المازوت. ومثالاً على ذلك تأتي محطة بعلبك، حيث يقول العالم قانصوه: ان ستمئة ألف ليتر تنتقل الى بعلبك (عشرين صهريج) يزيدون في الضغط على الطريق الدولية، فهم خطر داهم على الطريق من بيروت الى البقاع (510 طن). يقول الدكتور قانصوه: ان نسبة الكبريت في المازوت المسموح بها 0,5% ويكون أحياناً 0,7% أو 0,8%، بينما المازوت المسموح باستعماله في أوروبا لا يتعدى 0,2%. أما أوروبا الشمالية (النرويج والسويد وفنلندا)، فالمسموح 0,15 وأوروبا متجهة نحو العام 2005 أن المازوت الذي يستخدم لا يتعدى الكبريت المسموح به في المازوت 0,05%.، أما المازوت الذي تطلبه الدولة حتى بالمواصفات اللبنانية في أوروبا فلا أحد يستعمله، ولذلك ينقص سعره في السوق العالمية عن البلاتس من 30 الى 40 دولاراً بالطن، بينما تشتريه الدولة بسعر البلاتس (عالي الجودة) زائد النقل، ما يعني ان محطة بعلبك كمثال  التي تستهلك (510 طن بالشهر) (180 ألف طن سنوياً)، تأخذ هذه المحطة فرق سعر على الاقل بين السعر العالمي وما يصل الى لبنان خمسة ملايين وأربعمئة الف دولار (فقط فرق سعر)، وهذا تأخذه الشركات المستوردة. ويضيف الدكتور قانصوه: أساساً اليوم في العالم لا أحد ينتج كهرباء على المازوت الا في بعض البلدان المتخلفة جداً، ونحن منها، لأن انتاج الكهرباء عن طريق المازوت هو الانتاج الاكثر كلفة، وهذا ما يرفع ايضاً الكلفة الصناعية، وعندها لا يمكن ان نكون مزاحمين.
ويشير العالم قانصوه الى ان الخسارة ايضاً في المعدات التي أصبحت في أوروبا خردة وتصل الينا بأسعار مرتفعة جداً.
يضيف: انه كان بإمكاننا تغذية هذه المحطات بالفيول أويل، وتحصل على هذا الفيول من السوق العالمية نسبة الكبريت فيه 0,5% وسعره يساوي نصف سعر المازوت، وعليه كان يمكن ان نوفر 63,000,000 دولار هدراً بالسنة، وبالنسبة الى التلوّث فالنسبة هي نفسها.
ويقول: ان فوائد الديون نتيجة هذه المعدات القديمة فقط للعام 1998 هي 68 مليون دولار، وأقساط متراكمة 160 مليون دولار حتى العام المذكور، وكل عام تتراكم ديوناً وفوائد.
ومن الامور التي وجد لها حلولاً وجدوى اقتصادية، موضوع الطاقة المستخرجة من النفايات (مشروع متكامل)، التي بإمكانها ان تحل المشكلة البيئية المستعصية لهذه النفايات، ومن خلال الغاز الذي يخرج منها يمكن توفير مئة وخمسين ألف طن «بروبان بوتان»، اي ما يساوي 30 مليون دولار.
تحدث العالم قانصوه عن حاجة لبنان الى 12 مليون متر مكعب من الغاز، ما يدفع الى ضرورة البحث عن مصادر الغاز. وأثبتت الدراسات منذ العام 1953 ومدعومة بالقرائن العلمية وجود هذا الغاز في يحمر وسحمر، والبئر التجريبية أعطت 50 متراً معكباً باليوم، وخرج الغاز تحت ضغط درجة 50 المتوسطية، وهذا يعني وجوده بكميات كبيرة. والأهم يقول قانصوه: انه تبين ان هذا الغاز هو غاز بترولي، ما يعني وجود النفط تحت هذه الطبقة الغازية.
تحدث ايضاً العالم قانصوه بالادلة عن وجود البترول بكميات ضخمة جداً في المياه اللبنانية، كما هو موجود في التربة اللبنانية، وأكد وجود معادن مختلفة كالحديد والاسفلت وغيرها، وقدم بذلك كتاباً لفخامة رئيس الجمهورية وللعهود كافة، ولم يلقَ أجوبة.
فكر العالم قانصوه باستغلال الطاقة الشمسية، ووضع دراسات لذلك. كما اقترح في دراسة مفصلة استغلال الرياح الشمالية وخصوصاً في البقاع، والتي من خلالها نستطيع انتاج الكهرباء وضمّها الى الشبكة.
دعا العالم الفقيد الى ضرورة ايجاد مجلس أعلى للطاقة للدراسة والتخطيط لاحتياجات لبنان من الطاقة والاستهلاك وطرق الحصول عليها.
كل هذه الدعوات والاقتراحات ذهبت سُدى، رحل العالم قانصوه وصوته الذي أطلقه ما زال بلا صدى.
هل هذا غريب؟
كلا.
هذه هي أزمة العلم والعلماء في لبنان.

شروط استخراج البترول في لبنان: رسالة ـ وثيقة من الدكتور غسان قانصوه الى"وزير النفط"


أوسمة، تكريم، تعظيم‏ من أفضل شخصيات العالم العلمية
عشرات الأوسمة والميداليات والشهادات والتقديرات والتنويهات العالمية والدولية نالها العالم اللبناني القدير غسان قانصوه، الذي وضع لبنان على صفحة الدول التي تمتلك طاقات فكرية عالية القيمة. حتى لو ذكرنا كل ما حصّله الدكتور قانصوه لا يعني هذا أننا أدينا حقه، ولكننا سنشير الى الوشاح الاكبر الذي حصّله من المركز العالمي للتوثيق في كامبريدج بريطانيا العام 1998، حيث صُنف ضمن أفضل خمسمئة عالم أو شخصية في العالم. ولم يكن هذا التكريم هو الأول، بل هي عدة تكريمات. اشارة الى ان هذا المركز يصدر كل المجلدات للمميزين في كل الحقول في العالم، وفي كل عام يعطي جوائز لأصحاب الانجازات الضخمة والمميزة، وكان الدكتور قانصوه بين هذه الشخصيات. ومع نهاية القرن العشرين قرّر المركز اجراء احصاء لأهم ألفي شخصية، وكان اسم الدكتور قانصوه بين هذه الشخصيات. وبعد ذلك، وبعد ان حصل المركز على معلومات اضافية عن الانجازات والمؤلفات والشهادات والكتب، تبدلت النظرة وتطوّرت ليكون العالم قانصوه منتقى ومتميزاً بين هذه الشخصيات الذين حصّلوا بالمناسبة دبلوم شرف مكتوباً بأحرف من ذهب. ثم توالت التكريمات وتجددت، حيث وصلوا الى قناعة بأن غسان قانصوه يجب ان يكون في المجلد الذي يصدرونه حول أفضل الشخصيات المثقفة في العالم، فلم يجدوا في العالم كله سوى عشرين ألف مثقف من 62 دولة، ولكون الامم المتحدة فيها 172 دولة، يظهر بالمقاييس لديهم ان 125 دولة ليس لديها مثقف واحد، بما فيهم اساتذة الجامعات، وهنا تكمن أهمية هذا التكريم، حيث أُدخل لبنان كدولة في مجموعة الثلاث والستين بشخص العالم غسان قانصوه. وبعد ذلك أعلنوا (في كامبريدج) انهم قرروا انتقاء خمسمئة عالم بين 250 ألف عالم يعتبرونهم الافضل، وأفردوا لهم مجلداً خاصاً على انهم الاهم، وبالطبع انتخب العالم قانصوه من بينهم، ومنحوه الوشاح للمركز العالمي. وقد اتخذ المركز هذا القرار بإجماع اعضاء مجلس الادارة. أما المفاجأة الثانية فكانت بانتقائه واحداً من اصل خمس وخمسين شخصية سُلطت عليهم الاضواء في مقدمة المجلد المذهب المخصص لهؤلاء الألفين المميزين في العالم.
وحصل على عدّة رتب، ولمزيد من التقدير والاحترام قرر المركز العالمي للتوثيق في كمبريدج  انكلترا، انتخاب د. قانصوه نائباً للمدير العام للمركز لقارّة آسيا، وأرسل له ميدالية شرف بهذه المناسبة.
باختصار ونتيجة لإعجاب المشرفين على المركز العالمي للتوثيق في كمبريدج بعلم وكفاءة الدكتور قانصوه، فقد انتخبه مجلس ادارة المركز بكامل اعضائه رجل العام لسنة 1998 في العالم، وأعقبه تقديم جائزة النجمة المذهبة له بهذه المناسبة.
أما في ما يخص معهد التوثيق الاميركي الذي يقع في نورث كارولينا في الولايات المتحدة، فقد فاجأ الدكتور قانصوه بانتخابه ووضع اسمه في كتاب الشرف العالمي، واعتبره احد خمسمئة من القادة المؤثرين على مجرى الحياة العلمية في العالم. ولم يقتصر تكريم المعهد على ما ذكرنا، وإنما تعداه الى منح الدكتور قانصوه دبلوم الشرف للثقافة العالمية ومفتاح النجاح العالمي في حقلي الصناعة والعلوم، وعضوية الجمعية المشرفة على معهد التوثيق الاميركي.
كما أُعلم العالم قانصوه ان المعهد قد انتخبه عضواً مؤسساً في جمعية المثقفين القادة في العالم.
عصام البستاني

إقرأ المزيد في: خاص العهد