معركة أولي البأس

خاص العهد

مطار بيروت..إجراءات مواجهة فيروس
26/02/2020

مطار بيروت..إجراءات مواجهة فيروس "كورونا" بين الجهوزية والشائعات

فاطمة سلامة

تخيّلوا لو أنّ المصابة الوحيدة حتى الآن بفيروس "كورونا" ت.ص. عبرت طريقها بلا مراقبة من الطائرة في مطار بيروت الدولي الى منزلها. كم حالة كان من الممكن أن نسجّل حتى الآن، خصوصاً أنّ الفيروس المستجد معروف لجهة سرعة انتقال العدوى؟. هل كان أهلها ومحيطها بمنأى عن الفيروس؟ هل كان لبنان نجا من وباء حقيقي على غرار بعض الدول؟. أسئلة يُطلقها لموقعنا الطبيب الذي استطاع كشف إصابة اللبنانية القادمة من الجمهورية الاسلامية الايرانية الأسبوع الماضي لدى سؤاله عن جهوزية المطار لمواجهة فيروس "كورونا". بالنسبة للدكتور حسن ملاح، وهو رئيس قسم الحجر الصحي في مطار بيروت، فإنّ حصر الإصابة بحالة وحيدة في لبنان هو إنجاز يُسجّل للفريق اللبناني وليس نقصاً. وفق قناعاته، فإنّ الإجراءات التي يتّخذها مطار بيروت ساعدت في احتواء المرض منعاً لتفشيه. وفي مقابل كلام ملاح، نسمع من يتحدّث عن تقصير فادح في مطار بيروت الدولي، وغياب للرقابة. فماذا يقول المعنيون في المطار عن الاجراءات والتدابير التي يتّخذونها؟ وهل هي بنظرهم كافية؟. 

رئيس المطار: تدابيرنا متّخذة في كافة المطارات حول العالم

رئيس مطار بيروت الدولي الأستاذ فادي الحسن يؤكّد لموقع "العهد" الإخباري أنّ التدابير التي نقوم بها في المطار هي التدابير ذاتها المتّخذة في كافة المطارات حول العالم، والنابعة من توصيات منظمة الصحة العالمية. لا يُنكر الحسن حساسية الوضع القائم، مشدداً على ضرورة عدم الاستهتار، لكنّه يؤكّد أننا جاهزون لتلقي أي إشعار ولن نتأخر للحظة، ولدينا فريق طبي يعمل على مدار الساعة. ما الخطة المعتمدة بالنسبة للإجراءات؟ يجيب الحسن بالإشارة الى أنّ كافة القادمين الى لبنان من كافة الدول سواء الموبوءة أو غير الموبوءة يخضعون لفحص الكاميرات الحرارية كتدبير احترازي أولي. تماماً كما اتخذّ المطار العديد من الاجراءات لجهة وضع أجهزة تعقيم تلقائية حديثة للممرات المتحركة والسلالم الكهربائية. 

أما الاجراءات الخاصة المتعلّقة بالقادمين من البلدان الموبوءة فيجري التعامل معهم بشكل مختلف، وفق الحسن، الذي يؤكّد أنّ الطائرات القادمة من إيران وإيطاليا يجري إيقافها في مكان محدّد لدى وصولها الى مدرج المطار. بعد ذلك، يتوجّه الفريق الطبي للكشف عن كل قادم على حدة، بحيث يتم فحص كل شخص، وعلى أساس نتيجة ذلك الفحص إما يُرسل المسافر في الاسعاف الى المستشفى أو يُكمل طريقه الى قاعدة الوصول، ليمارس في منزله الحجر الصحي بعد ملء استمارة تتضمّن المعلومات الكافية والوافية عنه. بعدها تتم متابعته من قبل وزارة الصحة لمدة 15 يوماً. 

أما الركاب من الصين وكوريا ففي الأصل لا رحلات مباشرة بين هذه المناطق ولبنان، يقول الحسن الذي يشير الى أنّ مطار بيروت عمّم على شركات الطيران استمارات مسبقة يجري ملؤها من قبل الركاب لتحديد وجهة القدوم للذين يأتون على متن طائرات تضم قادمين من الصين وكوريا، للقيام بالفحوصات الطبية اللازمة لهم.  

رئيس الحجر الصحي: عديدنا قليل لكنّنا نقوم بواجباتنا على أكمل وجه

وفيما يُحكى عن تقصير بعمل الجهاز الطبي في المطار، لا ينفي رئيس الحجر الصحي الدكتور حسن ملاح أنّنا نعاني من نقص في العديد، لكنّ هذا الأمر لا يعني أننا لا نقوم بواجباتنا على أكمل وجه. يشرح ملاح لموقع "العهد" كيف أنّ الفريق الطبي في المطار والمكوّن من خمسة أطباء وخمس ممرضات يداومون ليل نهار ويتعاملون بكل جدية ومسؤولية مع الحدث الطارئ. يبدو ملاح عاتباً وبشدة على الإعلام وبعض المسافرين الذين يلجؤون الى منصات وسائل التواصل الاجتماعي لبث الشائعات والافتراءات في حملة تهويل غير مقبولة، لكنّه يُشدّد في المقابل على أنّ كل هذه الشائعات لن تثنينا عن القيام بواجباتنا، فنحن لا نطلب حمداً ولا شكوراً من أحد. نكاد نعمل 24/36 ساعة في اليوم انطلاقاً من الواجب الديني والأخلاقي والوطني الذي يحتّم علينا الوقوف في هذا الظرف مع الناس حفاظاً على سلامتهم. 

ويوضح ملاح أنّ هذا الفريق الطبي وعلى قلة عديده لا يُعنى فقط بملف "الكورونا" بل إن بعضه يعمل داخل مستوصف صحي للحالات الطارئة. وهنا يوضح المتحدّث أنّ وزير الصحة حمد حسن أرسل مسعفين أطباء جددًا لمساعدتنا. ويُكرّر صحيح أن عديدنا قليل لكنّنا نقوم بواجباتنا على أكمل وجه، والدليل أننا تمكنا من حصر حالات الاصابة بمريضة واحدة تتماثل للشفاء. 

وفيما يتعلّق بالإجراءات، يُكرّر رئيس الحجر الصحي ما قاله رئيس المطار لجهة أنّ الطائرات القادمة مباشرة من الأماكن الموبوءة وذات المخاطر العالية، -أي من إيران وإيطاليا-، هذه الطائرات يصعد اليها فور وصولها ثلاثة أطباء، ويجري فحص كل شخص على حدة. تماماً كما يجري الطلب منهم ملء الاستمارة. وهنا يروي لنا كيف تم الكشف عن الحالة الوحيدة المصابة في لبنان ت. ص. حيث لاحظ عليها بعض العوارض، فهاتف الصليب الأحمر الذي توجّه بها مباشرة الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي.  

ويؤكّد ملاح أنّ لبنان لم يعثر سوى على حالة واحدة مصابة رغم قدوم مسافرين كثر من إيران وإيطاليا والصين، وهذا بحد ذاته انجاز. ويلفت المتحدّث الى أنّ البعض وخلال مقاربته للموضوع يبالغ كثيراً في تحميلنا أكثر من المطلوب. فإحدى السيدات والآتية من دولة غير موبوءة لم تعجبها تدابيرنا بموضوع قياس الحرارة، فتوجهت الى المراقب الصحي بالقول "هذا كل ما فعلتموه!، عليكم إجراء فحص دم"، فأجابها المراقب بأنّ المطار لا يجري فحوصات دم، وفي حال تبيّن لديكِ أي عوارض يتم إرسالكِ الى المستشفى الحكومي فوراً.

أسئلة يطرحها مواطنون 

ورغم كل التدابير التي يتخذها مطار بيروت بالتنسيق مع وزارة الصحة،  إلا أنّ هناك من يشدّد على أنّ هذه الاجراءات ليست كافية، طارحاً العديد من الأسئلة: ما الذي يضمن التزام هؤلاء القادمين من المناطق الموبوءة بالحجر الصحي؟ ما الذي يضمن أن لا تكون المناطق غير الموبوءة عرضةً للإصابة أيضاً بالفيروس، ما يتطلّب تشديد الإجراءات على القادمين منها؟. أسئلة مشروعة ربما لكنها تتطلّب تضافر الجهود وتحتّم على المواطنين مسؤولية شرعية ووطنية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل