خاص العهد
معاهدة عدم محاربة "اسرائيل".. الكويت خارج المشهد
لطيفة الحسيني
لا يمرّ يوم وإلّا ويُنشر خبر عن الخذلان العربي والخليجي لقضايا الأمة العربية ولا سيّما فلسطين. خيبةٌ اعتادتها الجماهير، فلم تعد اللقاءات التطبيعية بين المسؤولين الخليجيين وأولئك الصهاينة تصدمهم. المفاجأة والتمايز هو أن توقف أنظمة الخليج قطار تشريع العلاقات مع الاحتلال، لكن هذا لن يحصل كما تشير كلّ المعطيات. نحن أمام مزيد ومزيد من الارتماء في الحضن الاسرائيلي والأمريكي تحقيقًا لمصالح مُشتركة تضع إيران في سلّم الأولويات.
في الكويت، لا مكان لكلّ هذه الموجة. تبدو وحيدة خليجيًا، كلّهم يريدون "اسرائيل"، وهي ترفض أيّة هرولة نحو أعداء الأمة. جذور الصمود الكويتي تجاه الكيان الصهيوني تعود الى أيام الشيخ صباح السالم الصباح عندما أصدر مرسومًا عام 1967 بات راسخًا في عقيدة الكويتيين بمختلف تياراتهم ينصّ على أن البلاد في حربٍ دفاعية مع العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة. سياسةٌ ثابتة لم يبدّلها أيّ أحد.
مؤخرًا، خرقت المواقف الكويتية من القضية الفلسطينية المشهد الخليجي فاستحوذت على إعجاب من يُناصر القضية المركزية للمسلمين. على لسان رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، صدر كلامٌ كثير يصبّ كلّه في خانة رفض أيّة مساومة على حقوق الشعب الفلسطيني وما ورد في صفقة القرن المشؤومة وقبله إعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الغاصب. لكن هناك من يسأل اليوم لماذا كلّ هذا الحزم الكويتي إزاء فلسطين؟
الكاتب الكويتي عبد الوهاب جابر جمال يقول في حديث لموقع "العهد الإخباري" إن مواقف بلاده "مُنسجمة تمامًا مع المرسوم الأميري الصادر عام 1967، إذ لا تبديل لهذا النهج وهذه السياسية"، ويضيف إن "نظرة مجلس الأمة لا تنفصل عمّا يؤمن به الشعب الكويتي، فمنذ بدايات الاحتلال لفلسطين كان واضحًا في دعم القضية الفلسطينية ولأجلها قدّم شهداء أبرزهم الشهيد فوزي المجادي الذي سقط على أرض فلسطين واحتُجز جثمانه لعشرين عامًا الى أن استعادته المقاومة الاسلامية في لبنان في صفقة التبادل عام 2008 مع العدو، وحينها شيّع بين أبناء وطنه بمشهد مهيب أكد التأييد الكويتي لخيار مناهضة الاحتلال".
يشدّد جمال على أن السياسة الكويتية تجاه فلسطيين تحكمها المبادئ الانسانية والاسلامية والعروبية، التي توحّد أطياف المجتمع الكويتي بمختلف انتماءاتهم السياسية.
أمّا ما تُروّجه بعض الشخصيات الخليجية لجهة توقيع دول مجلس التعاون الخليجي قريبًا على اتفاق عدم محاربة "اسرائيل" بُعيد إعلان صفقة القرن، فيجزم جمال بأن "الكويت لن تبرم أيّة معاهدة من هذا القبيل، خاصة أن الحكومة لا تستطيع التوقيع على أيّ اتفاقية مع أيّ طرف أو دولة دون الرجوع الى مجلس الأمة، فنظامنا الديمقراطي يحتّم ذلك ومن المستحيل أن يحصل هذا الميثاق مع الاحتلال الصهيوني ولا سيّما أن مرسوم الحرب لا زال ساريًا ويمنع ذلك".
القيادة الكويتية لا تعتبر نفسها معنية بما يحصل من لقاءات في الجوار مع شخصيات اسرائيلية، لذلك يؤكد جمال أن بلاده "ستبقى عصيّة على التطبيع مهما اتفقت أيّ دولة خليجية مع الكيان الصهيوني، الموضوع غير قابل للنقاش أصلًا ولا يُمكن للمواقف أن تتبدّل أو تتغيّر".