معركة أولي البأس

خاص العهد

سوق العقارات: حركة نشطة جداً..لهذه الأسباب 
16/01/2020

سوق العقارات: حركة نشطة جداً..لهذه الأسباب 

فاطمة سلامة

خلال العامين الماضيين، مرّ السوق العقاري في أزمة غير مسبوقة. حالة من الجمود سادت عمليات البيع والشراء. تعليق القروض السكنية احتلّ رأس الهرم لدى الحديث عن الأسباب. العاملون في هذا القطاع شكوا لمرات ومرات أحوالهم بعد أن باتت عمليات بيع الشقق السكنية والأراضي نادرة. إلا أنّه وعلى قاعدة "رب ضارة نافعة"، دبّت الحياة في هذا القطاع إثر الأزمة الأخيرة. كيف ذلك؟. بعدما بدأت المصارف بتطبيق سياسة "الكابيتال كونترول" وسحب الودائع بالقطارة، ثمّة نصائح وُجّهت لأصحاب الودائع خصوصاً الرساميل بالتوجه الى استثمار الودائع في القطاع العقاري. أولئك وجدوا في الأمر فرصة، خصوصاً بعدما باتت ودائعهم مهدّدة وباتوا قلقين على مستقبلها. وعملاً بالمثل القائل "عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة" توجّه هؤلاء الى السوق العقاري الذي شهد خلال الثلاثة أشهر الماضية حركة نشطة لأول مرة منذ ست سنوات، وفق ما يؤكّد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان الأستاذ وليد موسى لموقع "العهد" الاخباري. 

يغوص موسى في شرح ما حدث على ساحة السوق العقاري. ذعر المواطنين وخوفهم على ودائعهم من "هير كات" محتمل بنسبة 20 و25 بالمئة، دفعهم الى استثمار ودائعهم في السوق العقاري عبر نقل السيولة من المصرف الى السوق العقاري. الأخير يكاد يكون في أحسن حالاته اليوم، اذ لا مشاكل تواجهه بعدما بات في حركة نشطة جداً جراء الأزمة الحاصلة. هذه الحركة عمرها من عمر الأزمة، وتتصاعد مع الوقت، اذ يزداد الطلب على العقار يومياً وبشكل مخيف. قلة الثقة بالقطاع المصرفي دفعت كثراً الى تحويل ودائعهم من أموال الى عقار سواء أراض أو شقق سكنية. كيف تتم العملية؟.

يوضح موسى أنّ المصرف يتولى في هذه العملية دور الوسيط بين المطورين الذين اقترضوا من المصرف لبناء وشراء العقارات، وبين المودع الذي وضع أمواله في المصرف المذكور. الأزمة بطبيعة الحال أثّرت كثيراً على المطورين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين بسبب الأزمة عن سد قروضهم، فيما المصرف أيضاً لم يعد بمقدوره اعطاء المودع وديعته بالوقت الذي يختاره. هذا الأمر بحسب موسى دفع بالمصرف ليكون صلة الوصل بين المدين والمودع. المطورون باتوا يبيعون العقارات من خلال "شيك مصرفي" يقبضونه عبر الزبون المودع. وفي هذه العملية -وفق موسى- الجميع يربح. المودع يتخلّص من القلق ويطمئن على استثمار وديعته في العقار. المدين يتخلّص من الفوائد والقروض وهمّ سدادها للمصرف، والأخير يتخلّص من الهمين، أول لاسترداد أمواله، وثان لرد الوديعة لصاحبها، كما يحسّن مستوى السيولة لديه. هل تتقاضى المصارف عمولة؟. يجيب موسى بالقول "المصارف لا تخسر، وهي الرابحة عندما تدفع بالمدين الى سداد دينه، وهي في الكثير من الأوقات تلعب دور وسطاء عقاريين"، لكنّ موسى ينفي علمه بأي عمولة تتقاضاها المصارف على هذه العملية. 

 

سوق العقارات: حركة نشطة جداً..لهذه الأسباب 

 

ويوضح موسى أن لا طلب محدداً على نوعية شقق، سواء صغيرة، متوسطة، أو كبيرة. حجم الوديعة في المصرف تحدد حجم الشقة. على سبيل التبسيط، اذا كانت الوديعة تقدّر بـ200 ألف دولار، يلجأ المودع الى شراء شقة بـ150 ألف ويترك 50 ألف دولار في المصرف. اذا كانت الوديعة مليوني دولار، يسارع المودع الى شراء شقة بحوالى مليون ونصف المليون دولار ويترك الباقي في المصرف. وفق موسى فإنّ القضية نسبية، وتعود الى الأموال التي يمتلكها المودع. وفيما يتعلّق بالأسعار، يوضح موسى أنّه وقبل الأزمة كانت الأسعار قد انخفضت بنسبة 30 و40 بالمئة لعدة أسباب منها الجمود وتوقف القروض السكنية. أما اليوم وبعد تحرك السوق فإنّ الأسعار ثابتة، فيما رفعها البعض حوالى الـ10 بالمئة نتيجة الطلب المتزايد على جميع أنواع الشقق. وفق موسى، هناك حركة بيع أراض وشقق بملايين الدولارات.

وحول أزمة الدولار، يلفت رئيس الاتحاد العقاري الدولي الى أن لا علاقة لنا بالدولار. المواطنون يشترون تبعاً للسعر الرسمي لأنّ الدين يجري سداده بالرسمي، والعمليات على الأغلب بالليرة اللبنانية. ويلفت الى أنّ الحركة التي سادت في القطاع العقاري سدّت ثغرة من الأزمة التي ضربت القطاع جراء توقف القروض السكنية. برأي موسى، نستطيع القول إن السوق انقلب رأساً على عقب اليوم. ليس لأنّ السوق العقاري يتجه نحو النمو، بل لأن المصيبة المصرفية جعلته المتنفس الوحيد لدى البعض لضمان أمواله. 

وفي سياق متصّل، وفيما يحكى عن عقوبات يواجهها المستثمرون الجدد في العقارات لجهة سبل نقل الملكية، يؤكّد موسى أنّ هذا الأمر غير مطروح، وقد تواصل مع مدير دائرة الشؤون العقارية للاستفسار عن هذا الأمر. الدولة لم تعرقل التسجيل بحجة "الشيك المصرفي". عكس ذلك تماماً، فالمهم لديها أن يكون الشيك باسم أمين صندوق الخزينة المركزية. 

وفي الختام، ينوّه موسى الى أنّ من يبيع العقارات اليوم هو المطوّر المحتاج الى الأموال، وليس من يملك الأموال لأن لا مصلحة لأحد بأن يأخذ الأموال ويضعها في المصرف اذا لم تكن لديه قروض.
 

مصرف لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل