خاص العهد
الأموال المسحوبة..القضاء يتحرّك وفضل الله لـ"العهد": بالتأكيد هناك امكانية لاسترجاعها
فاطمة سلامة
تفرض المصارف اللبنانية ما يُشبه "الحظر" على أموال المودعين. أولئك تمارس في حقهم أقسى أنواع "الكابيتال كونترول". يسحبون أموالهم بـ"القطارة" من البنوك، وكأنهم يتسولونها. الكاميرات الموجودة في المصارف شاهدة على الكثير من المشاهد التي توسّل فيها صغار المودعين الموظفين والمديرين لتيسير حالهم. على الدوام، كانت الاجابات جاهزة بأن لا سيولة كافية بالعملات الصعبة. وعلى المقلب الآخر، نجد نافذين كباراً من سياسيين ورجال أعمال يهرّبون مليارات الدولارات من المصارف الى الخارج بلا حسيب ولا رقيب. أولئك، لا قيود على أموالهم بحكم المناصب والمحسوبيات. الرقم الذي كشفه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في هذا الصدد كان صادماً. نحو 11 مليار دولار من أموال المصارف موجودة في الخارج. الرقم المذكور كافٍ لتحليل الأسباب الرئيسية وراء أزمة الدولار الذي بات عملة نادرة تهدّد بسعر صرفها العملة الوطنية.
بناء على ما تقدّم، كان لا بد من مساءلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن تلك التحاويل الخارجية التي سحبت بموجبها الأموال الى الخارج، لتأتي المفاجأة خلال الجلسة التي عقدتها لجنة المال والموازنة بأن لا علم للحاكم بهذه التحويلات. الأخير وعد باتخاذ الاجراءات القانونية لمعرفة مصير التحويلات ان حصلت فعلاً. مصادر نيابية في لجنة المال والموازنة تشدّد لموقع "العهد" الإخباري على أهمية استرجاع جزء من الأموال المسحوبة لمعالجة أزمة الدولار التي تعاني منها المصارف اللبنانية. وفق المصادر، يقول حاكم مصرف لبنان إنّنا نحتاج 5 مليارات دولار لتيسير الحال، وعشرة مليارات دولار لتحسين الوضع. اليوم وفي ظل كل هذه الظروف الضاغطة التي يعيشها البلد وأجواء عدم الثقة لا امكانية ـ بحسب المصادرـ لا لجلب ودائع ولا حتى ضمان الحصول على مساعدات. الحل الوحيد يكمن في محاولة استرجاع جزء من تلك الأموال اللبنانية من الخارج. المسألة تحتاج الى قرار جريء من هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان من جهة، ومن الحاكم والمصارف من جهة أخرى.
وتؤكّد المصادر أنّ قضية الأموال المسحوبة ذات شقين: أول طوعي، يتمثّل بالطلب من المسؤولين في السلطة الذين يمتلكون حسابات في الخارج استرجاع جزء من أموالهم لوضعها في المصارف اللبنانية، وذلك على سبيل "المونة" عليهم لمساعدة لبنان بالخروج من أزمته، وثان قانوني، يتعلّق بهيئة التحقيق الخاصة لدى المصرف المركزي، والتي تمتلك الحق في مراسلة أي دولة تجمعنا بها اتفاقيات للطلب منها تزويدنا بحسابات مودعين في الخارج، للبحث ما اذا كان هناك أموال مشبوهة وحسابات هُرّبت ضريبياً.
بموازاة ذلك، جرى تشكيل لجنة نيابية مصغّرة للتواصل مع مصرف لبنان وهيئة التحقيق لمتابعة مسألة التحويلات الى الخارج. كذلك، تحرّك القضاء اللبناني، اذ طلب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات من القضاء السويسري، وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، مساعدة قضائية لإيداعه معلومات عن مدى إجراء تحويلات مصرفية مالية مشبوهة من لبنان إلى الخارج قام بها سياسيون في الآونة الأخيرة. فهل هناك امكانية لاسترجاع جزء من تلك الأموال المسحوبة؟.
يجيب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله على السؤال المذكور بالقول: "بالتأكيد هناك امكانية لمعالجة هذا الأمر من خلال اجراءات يقوم بها حاكم مصرف لبنان والمصارف، ومن خلال مبادرة من في السلطة لسحب أموالهم من الخارج وايداعها في المصارف اللبنانية".
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يضيف فضل الله : "سمعنا أنّ القضاء بدأ في التحرك من خلال الطلب من الجهات الرسمية والدول التي بيننا وبينها اتفاقيات لتبادل المعلومات الضريبية بأن تحدد مجموعة من الأسماء وتطلب حساباتها من الخارج، المهم أن تكون هناك نية جادة للمعالجة وأن لا يكون هناك مزيد من التمييع والتضييع للوقت".