معركة أولي البأس

خاص العهد

 عشيّة الاستشارات.. الكرة في ملعب الحريري
18/12/2019

 عشيّة الاستشارات.. الكرة في ملعب الحريري

فاطمة سلامة

تنتقي مصادر مطّلعة على عملية تشكيل الحكومة عباراتها جيداً لدى سؤالها عن الأجواء التي تسبق موعد الاستشارات. لم يعد لدينا الجرأة لاستشراف المشهد الذي ستكون عليه صبيحة الاستشارات النيابية. التجارب السابقة علّمتنا العمل جيداً بالمثل القائل "ما تقول فول ليصير بالمكيول". هذا المثل يصلح جيداً في العمل السياسي، خصوصاً في عملية تشكيل الحكومة، تلك العملية التي تخضع لجملة من الاعتبارات والقواعد وتتحكّم بها الأمزجة السياسية المختلفة. إلا أنّ المصادر ورغم تشديدها على عدم القدرة على حسم المشهد المحتمل غداً الخميس، خصوصاً أنّ ربع الساعة الأخير قد يأتي بما لم يكن بالحسبان، تماماً كما حصل الاثنين، تؤكّد لموقعنا أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يقوم بمساع عشيّة الاستشارات لرأب الصدع بين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وكتلة "لبنان القوي" سعياً وراء إنجاح التكليف. لكنها في الوقت نفسه توضح أنّ مشاورات الساعات المقبلة لن تكون سهلة ونأمل أن تؤتي أكلها كي لا نذهب نحو تأجيل ثالث للاستشارات. 

تحاول المصادر أكثر تبسيط صورة المشهد الحكومي الحالي، فتلفت الى أنّنا وكما نعلم فإن تكليف الحريري لا يزال متوقفاً على حصوله على تصويت كتلة مسيحية وازنة من أصل اثنين: "لبنان القوي" و"الجمهورية القوية" لحصوله على الميثاقية المسيحية، في حال بقي عند موقفه برفض التكليف بعدد محدود من الأصوات المسيحية. وبطبيعة الحال، تضيف المصادر فإنّ هناك صعوبة في حصول الحريري على تصويت كتلة "القوات" اللبنانية لاعتبارات وحسابات عدة، اللهم إلا إذا حصلت معجزة ما. انطلاقاً من هذا الأمر، فإنّ بري ـ بحسب المصادر ـ يتّجه للعمل على تقريب وجهات النظر بين الحريري و"لبنان القوي" انطلاقاً من التسوية التي جمعتهما. برأي المصادر ليس المطلوب أن تعود الأمور الى سابق عهدها، بل المطلوب أن يكون هناك حد أدنى من التعاون والتنسيق عسى أن نصل الى اتفاق يمهّد للخروج من الأزمة. ولدى سؤالنا المصادر عن الطروحات التي ينطلق منها الرئيس بري في مهمته، تكتفي بالاشارة الى أنّ الرئيس بري وكالعادة يخرج أرانب الحل في اللحظة الأخيرة، رغم أنها تتخوّف من أن لا نستطيع هذه المرة تحقيق الأهداف المطلوبة نظراً للشروط والشروط المضادة التي لم نشهد مثيلا في حدتها من قبل. وفي سياق متصّل، توضح المصادر أنّ لقاء بري ـ الحريري أمس الثلاثاء شكّل بدايات إيجابية، خصوصاً لجهة ضبط الشارع "الملتهب" ودرء الفتنة.  

ما المطلوب من الحريري؟

بموازاة ما تقوله المصادر، لا تبدو مصادر أخرى مطّلعة على تشكيل الحكومة مؤمنة بإمكانية التوصل الى حل في ظل الشروط التي لا يزال يضعها الحريري. من وجهة نظرها، لا يمكن منح الحريري شرف التكليف، ولا تزال السقوف العالية من قبله على حالها. وهو الأمر الذي يؤكّده مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية بيار رفول لموقع "العهد الإخباري" لدى سؤاله: ما المطلوب من الحريري عشية الاستشارات؟. برأي رفول فإنّ الحريري مطالب بتغيير كل المنطق الذي تبناه عقب الاستقالة. فالأحادية التي يتعاطى بها الحريري لجهة مطالبته بصلاحيات استثنائية وتمسكه بشعار "أنا أقرر وأنا أعين الوزراء" لن توصل الى نتيجة ولن تشكّل حكومة. وعليه، يقول رفول "لن نوقّع سوى على حكومة تكنو-سياسية لأنها الوحيدة القادرة على انقاذ البلد في هذا الظرف الاستثنائي والمصيري". وفق قناعاته، ليس باستطاعة حكومة التكنوقراط أن تأخذ قراراً أو تتحمّل مسؤولية. كل تلك الحواجز التي يتم وضعها لعدم الوصول الى حل لا أعرف الى أين ستاخذنا، يضيف رفول. 

ويُشدّد مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية على أنّ الحريري مطالب بالقيام بمسؤولياته لجهة تفعيل حكومة "تصريف الأعمال" إذ لا يجوز رمي المسؤولية بهذه الطريقة،  ولنا الحق أن نتساءل كلبنانيين لماذا لا يعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال اجتماعاً حتى الساعة لمناقشة الأوضاع الطارئة في البلد؟ لماذا لا يشارك في الاجتماعات التي تعقد في هذا الصدد؟. برأي رفول إنّ لهذا الأمر تفسيراً واحداً، فعندما لا يتدخّل المسؤول في الحل فإنّه يترك هذا الأمر كجزء من اللعبة على اللبنانيين. ويتوجه رفول الى الحريري بالقول "هناك وضع لبناني استثنائي، ماذا فعلت لعلاجه؟ كافة الصلاحيات بين يديك، فلتتفضّل لممارسة مسؤولياتك وتدعو الى اجتماع لمجلس الوزراء". من وجهة نظر رفول، فإنّ للصلاحيات مسؤوليات لم تمنح ليجلس المسؤولون في المنازل، واذا فعلوا ذلك، يأخذ غيرهم تلك الصلاحيات.

ويؤكّد رفول أن الحريري وفي حال بقي على نفس الشروط فإنّه بالتأكيد لن يأخذ الأكثرية، ولن يحظى بتسمية كتلة مسيحية وازنة. فنحن لن نسير بحكومة التكنوقراط، وتوقيعنا عليها يعني مساهمتنا في المخططات الجهنمية التي تسعى لتخريب البلد، وكلنا يعلم أنّ هناك مخططات يحضر لها لتضع بعض الجهات الخارجية يدها على الغاز والنفط والمرفأ والمطار. بالنسبة لرفول فإنّ هناك كتلاً نيابية وازنة ترفض هذا النوع من الحكومات على رأسها "الثنائي الشيعي" وكتلة "لبنان القوي"، وهذا الرفض ينقذ البلد. 

ويختم رفول حديثه بالاشارة الى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون مصر على إنجاز الاستشارات غداً الخميس، وهي لا تزال قائمة في موعدها حتى الساعة. 

بناء على ما تقدّم، فإنّ أحداً لا يملك التنبؤ بالسيناريو الذي سترسو عليه الأجواء الحكومية، بانتظار ساعات المشاورات القليلة المقبلة والحاسمة، فإما أن يتمكن الحريري من كسب الأصوات المسيحية عبر خفض السقوف العالية وإبداء المرونة المطلوبة، ما يعبّد الطريق ليصبح رئيساً مكلفاً غداً، وإما أن يرضى بتكليف بعدد محدود من الأصوات المسيحية، أو نكون أمام حلقة جديدة من مسلسل الفراغ الحكومي، ويخضع مصير الاستشارات لفرضيات جديدة.
 

الاستشارات النيابية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل