خاص العهد
نار الأسعار والأرباح: اجراءات رقابية لاتحاد بلديات الضاحية ووزارة الاقتصاد
فاطمة ذيب حمزة
يتصدر الوضع المعيشي في لبنان دائرة الاهتمام الشعبي، وتحديداً في بعض التفاصيل المتعلقة بالسوق والمستهلك، لناحية الأسعار ونارها المستعرة بين المستوردين والتجار. أخطر ما في القضية، رفع نسبة الأرباح لتلامس المئة بالمئة، وهو ما يكوي جيوب المستهلك ويرفع أنينه من وجع الفواتير وأرقامها. لذلك، كانت مبادرة اتحاد بلدية الضاحية الجنوبية، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة - مديرية حماية المستهلك، ومرافقة مراقبيه في جولات ميدانية على التعاونيات في الضاحية الجنوبية، بهدف ضبط الأسعار ومراقبتها ومعاقبة التجار الجشعين وفقًا للقانون.
حماية المستهلك وبلديات الضاحية .. الأسعار أولويتنا
لم تكن الأنباء عن رفع أسعار السلع استغلالًا للأوضاع بعيدة عن آذان المعنيين. في وزارة الاقتصاد، كما في البلديات، كانت شكاوى تجاوزات القوانين المتحكمة بتسعير المواد الغذائية تصل بوتيرة مرتفعة. هذه قضية تشبه قضايا التلاعب التي تدخل في خانة حماية المستهلك من استغلال التجار، لكن اليوم تشكل أولوية متقدمة، بعد أن لامست الأمور خطوط الأمن الاجتماعي الحمر.
عن كثب، قرر اتحاد بلدية الضاحية الوقوف بوجه هذه الموجة من الاستغلال، فدعا مراقبي وزارة الاقتصاد الى جولة على التعاونيات لمعاينة الأسعار وهوامش الربح، ومقارنتها مع أسعار الجملة، والتأكد من اعتماد الليرة اللبنانية في الصرف والتسعير والفوترة.
درغام: قررنا القيام بإجراءات تمنع وتحد من فورة الغلاء
يقول رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد درغام لموقع "العهد" الإخباري إن "صرخة الناس عن غلاء المواد الغذائية وغيرها بدأت تصل الينا بشكل أكبر، خصوصاً مع تبدل سعر صرف الدولار، فقررنا القيام بإجراءات تمنع وتحد من فورة الغلاء المستشرية والتي تنعكس سلباً على الناس، وعليه تم التواصل مع وزارة الاقتصاد للتنسيق في زيارات رقابية على المؤسسات والمحلات".
ينقل درغام لموقعنا "ارتياحًا لدى الناس من هذه الجولات الرقابية وتأثيرها، خصوصًا أننا نعلم أن بعض المحال التجارية عادت لتتراجع عن رفع أسعار المواد الغذائية لديها".
يؤكد درغام أن "محاضر ضبط ستنظم بحق المخالفين، وترفع إلى القضاء المختص"، موضحًا أن "وزارة الاقتصاد هي المرجع الرئيسي لهذا النوع من الرقابة، ونحن نؤازرها عبر دوريات مساندة لفرق الوزارة لتأمين استمرارية هكذا جولات".
مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد: تواصل مع اتحاد بلدية الضاحية لتنظيم جولات على التعاونيات
في هذا السياق، يشير مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة طارق يونس لموقع "العهد" الإخباري إلى أن "النظام الاقتصادي في لبنان لا يحتم تسعير كل المواد الغذائية في التعاونيات، لكن قانون حماية المستهلك يستدعي إعلان الاسعار بالليرة اللبنانية مع الفواتير".
ثم يذكر يونس بالمرسوم 73/1983 الذي يطرح تحقيق الأرباح غير المبررة وغير المشروعة، وهو القانون الذي نسير وفقه في عملنا لمراقبة الأسعار وتسطير المخالفات لأي جرم يُرتكب في المضاربة بالسعر.
ويطرح مثالًا على ذلك، ما حصل في الجولة الأولى التي قام بها مراقبو الوزارة مع عناصر اتحاد بلديات الضاحية في إحدى التعاونيات، حيث تبين أن هناك اختلالاً في الأسعار الموضوعة على السلع، والمعتمدة في الفاتورة النهائية عبر صندوق الحسابات، فكان أن سطرت الوزارة ضبطاً بحق التعاونية بقيمة 20 مليون ليرة لبنانية، كإجراء مالي ردعي، يحمي المستهلك من جشع التجار.
من هنا، يقارب يونس هذه الأزمة والجولات بالقول إن "الأولوية هي لضبط السوق وتفلت الأسعار بأي طريقة وفقاً للقانون، تماما كما جاء في القانون رقم 277 الذي يحدد نسب أرباح لبعض السلع الغذائي والاستهلاكية الاساسية".
ويتابع يونس لموقع "العهد": "جولاتنا دائمًا موجودة بالسوق ولكن بعد تغير سعر الصرف الدولار وفي بروز ظاهرة رفع الأسعار ونسبة الأرباح، حصل تواصل مع اتحاد بلدية الضاحية من أجل تنظيم جولات ميدانية ودورية على التعاونيات، بهدف تكثيف التواجد، وضبط الأسعار بالنسبة للمستهلك – المتضرر الأول والأخير منها".
المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة: قررنا إرسال المحاضر إلى القاضي المنفرد الجزائي
خلاصة الأمر، أن جشع بعض التجار لا يجب أن يأكل أخضر المستهلك ويابسه، خصوصًا في هذه الظروف الصعبة، وأن المواطن يجب أن لا يشعر بأنه متروك لمواجهة أطماع الموردين والتجار وأصحاب الأموال، وهو تحديدًا ما دفع المعنيين إلى تفعيل هذه الجولات وتنظيمها.
المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس تؤكد لموقع "العهد" الإخباري أن "مديرية المستهلك تركز في هذه الفترة على أسعار المواد الغذائية، لأنها تشكل أولوية داهمة، مع عدم إهمال التجاوزات الأخرى إنْ وقعت".
ترحب عباس بالتنسيق مع اتحاد بلديات الضاحية وبالخطوة الجديدة، في سبيل ضبط المخالفات التي تمس بأمن المواطن الإجتماعي. وتشير لموقعنا إلى أن "هناك تجاوبًا كبيرًا في مسار الجولات، من الدوريات، إلى التنسيق، وصولاً إلى تسطير مخالفات قانونية، ولذلك من المفروض أن نحقق نتيجة جدية في ردع التجار وجشعهم وتفلتهم".
وتكشف عباس لموقعنا أن الوزارة قررت إرسال المحاضر التي تُسطر إلى القاضي المنفرد الجزائي، وذلك بهدف اختصار الإجراءات وصولات لاتخاذ القرارات القضائية الرادعة بحق المخالفين".
وعليه، ولكي تنجح الحملة والجولات الردعية لمن تسول له نفسه استغلال الأوضاع، ومراكمة الأرباح حتى ولو على أوجاع الناس، تُذَكّر وزارة الاقتصاد والتجارة المستهلِكين بضرورة الابلاغ عن أيّ مخالفة على الخطّ الساخن 1739 لتسجيل الشكاوى وملاحقتها. القضية ليست مجرد أسعار وأرباح أو أرقام، إنها أزمة مجتمع كامل، تتعلق بأمنه وأمانه.