خاص العهد
المجتمع المدني التونسي.. سد منيع ضد الاختراق الصهيوني
روعة قاسم
يشكل المجتمع المدني التونسي سدًا منيعًا في وجه أية محاولات اختراق إسرائيلية لتونس من خلال التطبيع. وتنشط العديد من الجمعيات والأحزاب التونسية من أجل مناهضة التطبيع وتجريمه في الدستور التونسي. وخاضت تلك المنظمات والهيئات العديد من المعارك من أجل مواجهة التطبيع ومناهضته في أكثر من مرحلة وعلى أكثر من صعيد سواء التطبيع الثقافي او الاقتصادي أو السياسي أو غيرها.
وتسعى اليوم هذه المنظمات والهيئات لإعادة طرح مسألة سنّ قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، خاصة أن هناك محاولات سابقة تمت لطرحه أمام المجلس التأسيسي التونسي سنة 2012 لكنها اصطدمت حينها بعوائق عديدة حالت دون تمريره. ويرى البعض أن الظرف الراهن في تونس اليوم مع ما تشهده المنطقة والعالم العربي من محاولات اختراق صهيوني على أكثر من صعيد، يجعل سنّ هذا القانون ضرورة ملحة.
تقول كوثر الشابي الناشطة في الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية لموقع "العهد" الاخباري إن الهيئة تأسست سنة 2011 بعد الثورة ولكن نشاطها كان موجودًا قبل هذه الفترة وتحديدًا أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات وكانت ناشطة تحت خيمة الاتحاد العام التونسي للشغل". وتلخص أهداف الهيئة بـ"الكشف عن كل ما هو نشاط تطبيعي بكل أشكاله وأنواعه، سواء التطبيع الأكاديمي والاقتصادي والسياسي والرياضي والثقافي"، مضيفةً "كانت لنا العديد من الخطوات في هذه المعركة منها تقديم قضايا لدى المحاكم التونسية المختصة للتصدي لكل اختراق. فرفعنا قضية ضد بثّ شريط سينمائي على مستوى التطبيع الثقافي وقضية ضد وكلاء أسفار سياحية نظمت رحلات للقدس عبر الأردن وهو ما يسمى بالتطبيع غير المباشر. ورفعنا قضية ضد وفد صهيوني كان ينوي السنة الماضية القدوم الى تونس للمشاركة في مناسبة رياضية. كذلك ننظم الأنشطة والندوات وأنشطة ميدانية ومسيرات لتوعية المواطن التونسي والعربي والمغاربي لأننا نتعامل كذلك مع المغرب العربي في هذا المجال"، مؤكدة أن "كل اختراق يهدد تونس أو المغرب والجزائر فيما يخص التطبيع سنكون له بالمرصاد".
أما عن المطالبات بتجريم التطبيع في الدستور التونسي فتقول محدثتنا "نحن لم نتوقف عن مناهضة التطبيع بل نسعى الى تجريمه، ومنذ سنة 2012 قدمنا الى المجلس التأسيس وثيقة لإضافة مادة في الدستور تنص على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وهو الفصل 27 ولكن للأسف لم يقبل هذا الفصل، ونحن الآن نسعى الى سنّ قانون يجرّم التطبيع ونأمل أن يمرّ هذا القانون هذه السنة خاصة مع انتخاب الرئيس الجديد قيس سعيد باعتباره يساند القضية الفلسطينية ويعتبر أن القضية الفلسطينية مركزية والتطبيع خيانة عظمى. وقد قدمنا رسالة مفتوحة الى الرئيس قيس سعيد بأن يتقدم بمبادرة تشريعية الى مجلس النواب لسنّ قانون يجرم التطبيع وبذلك يصبح أي شخص يقيم علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني او أي اختراق بمثابة خائن لوطنه".
من جهته، الكاتب والباحث عابد الزريعي المنسق العام للمؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يشدد لموقع "العهد" أن "تجريم التطبيع في تونس وفي أي بلد عربي أصبح ضرورة ملحة لأن هناك اختراقات كبرى يحاول العدو الصهيوني من خلالها الالتفاف على القضية الفلسطينية وفرض وقائع الهيمنة على المنطقة العربية". ويتابع "وفي ظل عدم وجود محددات ضابطة ومانعة لعملية التطبيع اصبحت هناك انفلاتات واختراقات من قبل جهات عديدة. ومن جانب آخر أصبح هناك نوع من الموانع التي تحول دون خوض معركة ناجعة ضد عملية التطبيع، وبالتالي لا بد من وجود عناوين وضوابط قانونية واضحة تماما تجرّم هذا الفعل ليصبح النضال ضد التطبيع على مستويين، الأول قانوني، في إطار اعتبار عملية التطبيع خرقا للقانون، ومن ناحية اخرى من خلال العمل الجماهيري".
ويحذر محدثنا من ظاهرة "الحياد"، هذا المصطلح الذي يتم تمريره في الندوات، ويلفت النظر الى أن عنوان الحياد يحمل في جوهره فكرة التطبيع. فالحياد يعني الانتباه للذات اولا وقد بدأت الفكرة تتسرب في مختلف الساحات العربية وهناك من يستغلها من أجل تمرير التطبيع على حد قوله. لذلك يشير الزريعي الى أن تجريم التطبيع بات ضرورة أساسية في الساحة التونسية، ويعرب عن أمله بأن يلقى طريقه الى التنفيذ مع التوجهات التي يعبر عنها رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد، معتبرا أن العوامل الموضوعية أصبحت متوفرة اذا صدقت النوايا من أجل سن قانون لتجريم التطبيع في تونس وهو يصبح بدوره قائدا ومبشرا لتجريم التطبيع على مستوى المنطقة العربية.