معركة أولي البأس

خاص العهد

حطيط لـ
14/12/2019

حطيط لـ"العهد": انتاج النفط والغاز في غضون 4 سنوات.. ولا خوف على ثرواتنا بوجود المقاومة

فاطمة سلامة
منذ توقيع لبنان عقود الاستكشاف والتنقيب عن النفط مع الشركات العالمية الثلاث "توتال، إيني، نوفاتيك" في شباط/فبراير 2018، تضاعف الحديث عن المطامع "الاسرائيلية" بثروات لبنان. قيل الكثير في هذا الصدد، وكتبت مقالات بالجملة قاربت التربص الصهيوني بنفط لبنان. مراجعة سريعة للزيارات الأميركية الاستطلاعية المكثّفة هذا العام ـ للتفاوض نيابة عن كيان العدو حول ترسيم الحدود ـ، توضح المحاولات الخارجية لقضم حدود لبنان، ومنها ثرواته. تلك المحاولات لاقت ممانعة ومقاومة رسمية وإصرار على ترسيم الحدود بالشروط اللبنانية وبعدم التخلي عن شبر واحد من مياهنا. 

وبموازاة تلك المحاولات، كثّف لبنان جهوده في الفترة الأخيرة لبدء عمليات استكشاف النفط. الجمعة (13/12/2019)، برزت أولى الخطوات في هذا الصعيد. وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني سلّمت رخصة الحفر في أول بئر استكشافية في البلوك رقم 4 لكونسورتيوم "توتال، إيني ونوفاتيك"، في خطوة أولى تمهّد لانضمام لبنان الى نادي الدول النفطية. 

حطيط لـ"العهد": انتاج النفط والغاز في غضون 4 سنوات.. ولا خوف على ثرواتنا بوجود المقاومة

عضو هيئة ادارة قطاع البترول، رئيس وحدة الشؤون الفنية والهندسية الدكتور ناصر حطيط يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن الحدث الذي شهده لبنان الجمعة، فيصفه بالخطوة المهمة جداً في تاريخ لبنان والصناعة النفطية. ولدى سؤاله عن السر في استرجاع لبنان همته لانجاز هذا الملف بعد انقطاع دام لعقود، يقول حطيط "لا أنسى اليوم الذي توجه فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري مباشرة من المستشفى بعد إجراء عملية، وبيده "المصل" الى الجلسة التشريعية للتصويت على قانون الموارد البحرية". برأي حطيط فإنّ هذا القانون شكّل الخطوة الأولى لبناء منظومة تشريعية حديثة. كما يشير الى همة وزيرة الطاقة العالية وعملها الشفاف، فهي تمتلك نظرة مهمة في الادارة الحديثة وتعمل بجدية ودون مماطلة تجعلها الأقرب الى النمط الغربي، يقول حطيط وهو الذي خبر العمل مع وزراء في الحكومتين الفرنسية والألمانية. 

حطيط وهو المسؤول المباشر عن عمليات الحفر، يشير الى أننا اليوم أمام إنجاز ضخم جداً. فلبنان يستعيد عمله في هذا القطاع لحفر أول بئر بعد انقطاع لعقود طويلة. آخر بئر حفره لبنان كان في عهد الرئيس شارل حلو عام 1966. وفيما يرفض حطيط التكهن بنسبة الموارد التي يمتلكها لبنان، يقول "كابن المهنة منذ أكثر من 35 عاماً، تمنعني الاخلاقيات المهنية القول ما اذا كان لدينا موارد قبل أن نقوم بحفر أول بئر. هذا الأمر يعاقب عليه القانون، ولا نستطيع مد الشركات بأرقام أولية دون أن يكون لدينا نتائج حسية". وفي المقابل يوضح أنّ كافة الدراسات التي قمنا بها سابقاً في الهيئة والتي أجرتها الشركات تعطي اشارات جدية ايجابية على وجود بترول سواء نفط سائل او غاز.

وفي معرض حديثه عن انعكاسات استخراج النفط على الاقتصاد اللبناني، يقول حطيط "طبعاً النفط لن يعطينا مليارات الدولارات سنوياً، لكنه سيجشع المستثمرين ويعطيهم الثقة بلبنان، ويجذب مستثمرين الى قطاعات أخرى. من وجهة نظر حطيط يجب عدم الاستهانة بالخطوة التي حصلت أمس، فأن تدفع الشركات مئة مليون دولار لاستكشاف النفط في لبنان في وقت تغيب فيه الاستثمارات بالمطلق في هذا البلد، فهذا أمر مهم جداً. وهنا يلفت حطيط الى أن لبنان على موعد مع انتاج  البترول بحلول عامي 2024-2025 اذا ما كانت نتائج الحفر إيجابية. أكثر من ذلك، بإمكاننا التسريع والانتاج  بحلول عامي 2023-2024 اذا جرى تنفيذ خطة الكهرباء خلال سنتين لأن الانتاج لا يعني فقط استخراج المواد النفطية بل استغلالها، فاذا تحولت معامل الكهرباء على امتداد لبنان للعمل على الغاز، يصبح لدينا سوقا داخليا ما يسرّع عمل الشركات ويحفّزها على الانتاج للاستثمار في السوق اللبناني". 

حطيط لـ"العهد": انتاج النفط والغاز في غضون 4 سنوات.. ولا خوف على ثرواتنا بوجود المقاومة

ويضيء حطيط على نقطة يصفها بالمهمة جداً، فيلفت الى أنّه عاين الكثير من البلدان منذ بدء العمل في هذا القطاع عام 1984. على الدوام كانت عملية البدء بالحفر تأخذ من أربع الى خمس سنوات منذ تاريخ توقيع العقود مع الشركات ونحن نتحدّث عن بلدان متقدّمة. أما في لبنان فلم يأخذ الأمر سوى 20 شهراً، وهذا انجاز مهم جداً في بلد لا خبرة لديه في الملف النفطي ويعيش أزمات. في النرويج مثلاً بقيت الشركات مدة خمس سنوات حتى تمكنت من حفر أول بئر. الفضل برأي حطيط يعود للمنظومة التشريعية التي أقرها لبنان والمراسيم التطبيقية الحديثة والمتطورة التي مكّنتنا من الاسراع بهذه الخطوة. 
وفيما يحكى عن ضغوط ومحاولات لثني لبنان عن المضي قدما في هذا الملف، يقول حطيط " صحيح على الصعيد السياسي هناك ضغوطات ولكن هناك جهات سياسية مخولة التعامل بهذا الملف، أما نحن كتقنيين وكهيئة لم نتعرض لضغوطات لا داخلية ولا خارجية، وفي حال حصلت لا نسمح لأحد بعرقلة عملنا". وهنا يلفت الى أنّه وفي حال دخول لبنان الى النادي النفطي، فبالتأكيد ستبرز المطامع من الدول، ولكننا مطمئنون طالما هناك جيش ومقاومة ستبقى هذه المطامع نظرية وستظل أوهاماً.

وفي الوقت الذي تتربص فيه "إسرائيل" بثرواتنا في البلوك رقم 9، متذرعةً بنزاع حدودي حوله، يوضح حطيط أنّ تجمع الشركات (توتال ـ إيني، نوفاك)، بدأ منذ ستة أشهر بالتحضير للحفر في هذه الرقعة، عقب الانتهاء  من الحفر في البئر رقم 4 والقيام بالتحاليل. وهناك شركات صرفت أموالا على التحاليل في البلوك رقم 9 قدرت بملايين اليوروهات. كل ما يحكى عن خلافات حول البلوك رقم 9 لن يؤثر على عملنا كتقنيين وكشركات. هذه رقعة واعدة تماماً كالرقعة رقم 4. لذلك فإن العمل مستمر ولا تأثير لأي حجج تساق حول نزاع حدودي. هذه حدودنا والشركات الضخمة تعمل وفق خريطة لبنان الرسمية، يضيف حطيط.

وينوه عضو هيئة ادارة قطاع البترول الى أن الهيئة تشارك الشركات في التحاليل، وهذا أمر مهم جداً نص عليه القانون، انطلاقاً من ضرورة مراقبة عمل الشركات. ويوضح أن الشركات وعقب القيام بهذه التحاليل ستحدد موقع البئر في البلوك رقم 9 ، اذ بدأت منذ الآن التحضير لتلك العمليات، لجهة التجهيزات خاصة اذا كان الحفر في أماكن يرجّح أنها غير رملية، حيث بدأت الشركات بدراسة المخاطر التقنية وكيفية حلولها. 

ويشدّد حطيط على أن العمل يسير على قدم وساق وبعيدا عن الاعلام، فصحيح أن البلد يعيش أزمة إلا أننا لم نتوقّف عن العمل مطلقاً. فخطوة الجمعة كانت نتاج عمل متواصل، وخلال الستة أشهر الأخيرة عملت الهيئة طيلة أيام الأسبوع حتى في العطل للإحاطة بكافة الملفات. 

وفيما يتعلّق باهتمام الشركات في الاستكشاف بلبنان، يوضح حطيط أنّ الهيئة استقبلت فرق عمل علمية من ثمانية شركات ضخمة عالمية، كما التقت في الخارج بأكثر من 12 شركة عالمية ضخمة. هؤلاء قدموا تقارير للشركات كي تأخذ قرارها بالمشاركة من عدمه في  دورة التراخيص الثانية في لبنان والتي سيتم اقفالها الشهر المقبل. ويلفت حطيط الى أن قرار المشاركة  بالنسبة للشركات لا يقتصر فقط على ملفات تقنية، بل يأخذ بعين الاعتبار طبيعة العمل، وهناك الكثير من الشركات التي لفتت الى عالمية عمل الهيئة اللبنانية، ولكن لا بد من تشكيل الحكومة لطمأنتهم أكثر ودفعهم الى المشاركة بدورة التراخيص الثانية، فعدم تشكيل الحكومة قد يحول دون مشاركة الشركات قبل اغلاق الدورة.

ويناشد حطيط لعدم التكهن في الاعلام بالكميات النفطية التي يمتلكها لبنان. برأيه، علينا الانتظار بعد تحليل النتائج ولا يجوز ضرب الارقام عشوائياً. كما يشدّد على ضرورة عدم الذهاب بعيدا في التفاؤل لجهة القول أن ملف النفط سيحل وبشكل سريع أزمة الدين العام. وفق قناعاته فإنّ النفط لا يعمل بهذه الطريقة، بل على المدى الطويل، لكنه يساعد على إعطاء صورة ايجابية تبني الثقة بلبنان وتجذب المستثمرين.
وفي الختام، يعيد حطيط التأكيد "طالما لدينا مقاومة حررت الجنوب فلا خوف على نفط لبنان".

هيئة ادارة قطاع البترول

إقرأ المزيد في: خاص العهد