خاص العهد
محاكمة جزار الخيام: هل ينجح القضاء بمواجهة الضغوط الأميركية؟
ياسمين مصطفى
بعد حوالي ثلاثة أشهر على توقيفه إثر تسلّله إلى لبنان، يحيط بملفّ استجواب العميل عامر الياس الفاخوري غموضٌ كبير، يتأتى من أسئلة كثيرة لم تظهر إجاباتها حتى اليوم، بدءًا من وصوله مطار بيروت الدولي بهويته الحقيقية، واكتشاف عنصر الأمن العام في المطار "سحب" كل الأحكام الغيابية والمذكرات الصادرة بحقه، مرورًا بمرافقته من قبل ضابط في الجيش-برتبه عميد- إلى مقر الأمن العام في بيروت، وصولًا إلى التأجيل المتكرر لجلسات استجوابه-لأسباب "أمنية" و"صحية"-أسبوعا تلو الآخر كان آخرها إلغاء جلسة استجوابه أمس في قصر عدل النبطية بناء على طلب من وكيله يقضي بسحب إحدى الدعاوى المقامة بحقه من قاضي التحقيق في النبطية بلال وزني للنظر في إمكان إحالته على قاضي التحقيق في بيروت.
المماطلة في البتّ بملف الفاخوري حتى اليوم وابتداع أساليب لإرجاء محاكمته، تصبغها بلا شك بصمات "قوة خفية"، عملت منذ دخوله المطار ولا تزال تعمل على التسويف، والضغط لتأمين الحماية له، وهي ليست بمعزل عن محاولات الأميركيين التدخل لإيجاد مخارج لقضيته، تجلت عبر مواقف علنية لمسؤولين في "الكونغرس" تصف احتجازه بـ"غير القانوني"، وصولا إلى توجيه تهديد صريح للبنان بإخضاعه لعقوبات في حال مات العميل في السجن. من هذه المواقف تصريح السيناتور الأميركي جين شاهين في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي بأن "معاملة الفاخوري بطريقة غير قانونية تشكل انتهاكا لحقوق الانسان"، مؤكدا أن الدوائر الحكومية الأميركية تعمل ما في وسعها لضمان عودته بأمان.
ما تقدم، يؤكده رئيس هيئة الأسرى والمحرّرين أحمد طالب إذ يقول لموقع "العهد الإخباري" إن "الأميركيين يضغطون لعدم التمادي في إذلال الفاخوري"، موضحًا أنه بالإمكان إعادة الفاخوري إلى السجن بعد خضوعه للفحوصات الطبية، متسائلا عن سرّ بقائه في المستشفى العسكري حتى اليوم.
ويشير طالب إلى أن محاميَي الأسرى معن الأسعد وعباس قبلان لا يألوان جهدًا في متابعة القضية مع القضاة المعنيين.
وردًا على سؤال حول خطوات هيئة الأسرى المقبلة في حال استمر مسلسل المماطلة في قضية الفاخوري، يلفت طالب الى "أننا بانتظار قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس فيما يخص توقيف حكم مرور الزمن استنادا إلى المادة 168 من قانون العقوبات، وذلك لاستمرار الفاخوري-وفق ما أقر به- في جرم التعامل مع العدو بإقراره الحصول على جواز سفر إسرائيلي في العام 2000".
ويتخوف طالب بشكل كبير من عدم تمكن السلطات اللبنانية من مواجهة الضغوط الأميركية الحثيثة لتبرئة الفاخوري، لكنه يوضح في هذا السياق أن كتلة الوفاء للمقاومة تعمل على تعديل القوانين المتعلقة بمحاكمة العملاء، وصولًا على الأقل لمنع الفاخوري وغيره من العملاء من العودة إلى لبنان، بصك براءة، كأنهم لم يعذبوا ولم يقتلوا ولم ينكّلوا بأسرى معتقل الخيام يوما، وكأن العمالة لم تكن!