ابناؤك الاشداء

خاص العهد

ما آخر المستجدات الحكومية ومن يعرقل
26/11/2019

ما آخر المستجدات الحكومية ومن يعرقل "التشكيل"؟

فاطمة سلامة

من الذي يُعرقل تشكيل الحكومة؟ الإجابة على هذا السؤال لم تعد تحتاج الى تسريبات ومعلومات من هنا وهناك، أو استخدام أدوات التحليل والتفسير. جل ما نحتاجه عملية ربط بسيطة بين الأحداث المتواترة منذ استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أي منذ التاسع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر حتى اليوم. مقاربة الأحداث بكل تجرد وموضوعية كفيلة بإيصالنا الى الكثير من الحقائق، وهي حقائق تُجمع عليها أكثر من جهة سياسية بارزة فاعلة على خط التشكيل. بعض تلك الجهات بات يستفزها سؤال: من الذي يعرقل تشكيل الحكومة؟ برأيها، المعرقل بات أشهر من نار على علم. وفق قناعاتها، فإنّ المعرقل هو من يصر على حكومة "تكنوقراط" رغم أنّ قوى سياسية بارزة، ولها ثقلها في السياسة الداخلية تطالب بحكومة تكنوـ سياسية. المُعرقل هو من يُظهر عدم تمسكه برئاسة الحكومة، رغم تمسكنا به ـ وهذا في النهاية شأنه ـ، لكنّه يعمل على ترشيح أسماء بديلة عنه، وما إن يتم الاتفاق معها حتى يبدأ المراوغة، وتبدأ التسريبات عن عدم قبوله بالاتفاق العتيد، ما يسحب الغطاء عن رأس "السني" المرشّح للرئاسة الثالثة. هل عرفتم من هو المعرقل؟ إنّه الحريري، تقول المصادر بأسف لـ"العهد". 

لماذا هذه العرقلة؟ تجيب المصادر: "من الواضح أنّ موقف الحريري لا يزال يكتنفه الغموض من حقيقة نيته ترؤسه الحكومة أو تسميته الآخرين لهذا المنصب". وهذا الأمر ـ برأي المصادرـ يُبقي الأسئلة مفتوحة من الداخل والخارج: فهل الحريري بانتظار ضوء أخضر خارجي، أو أنّه يُعوّل على لعبة الشارع والوقت، آملاً بتغيرات قد تطرأ وفق حساباته لتغيير المعادلة. تعلم المصادر أنّ هذا الكلام ليس سهلاً أن يخرج منها، لكنّ الكيل بالنسبة اليها طفح، وكل ما يحصل يوصلنا الى هذا الاستنتاج خصوصاً لجهة ما حصل في الفترة السابقة، لدى طرح اسم الوزير السابق محمد الصفدي ووعد الحريري له بتأمين تأييد رؤساء الحكومات السابقين ومن ثمّ العودة عن قراره، وبيان "الخليلين" واضح في هذا الصدد، تقول المصادر التي يبدو من خلال الحديث معها أنّها وصلت حد "القرف" من كل ما يحصل على ساحة تشكيل الحكومة. 

وتُضيف المصادر "بعد الصفدي، أتى اسم الوزير السابق بهيج طبارة، الحريري هو من سماه، وبعدما أُنجز الاتفاق بين قوى سياسية بارزة وطبارة حول شكل الحكومة بدأ الحريري بالمراوغة". تُبيّن المصادر أنّ الأمور الحكومية كانت شبه "مكتملة" بعدما جرى الاتفاق مع طبارة ـ الذي التقى العديد من القوى السياسية على رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ـ على الكثير من التفاصيل، خصوصاً لجهة شكل الحكومة، إذ جرى الاتفاق على أن تكون تكنو ـ سياسية، مؤلّفة من 24 وزيراً ستة من أعضائها سياسيون والباقون "تكنوقراط". إلا أنّ طبارة والقوى التي تباحثت معه اصطدموا بشروط عالية السقف للحريري، ما يدفعنا الى القول إنّ اسم طبارة "احترق" أو أن حظوظه تراجعت كثيراً، اللهم إلا اذا تبدل المشهد وتسلّل ما يُعيد الحياة الى اسم طبارة، وكل شيء وارد، تضيف المصادر. 

بموازاة ذلك، تؤكّد مصادر مشاركة في عملية تأليف الحكومة لـ"العهد" أنّ الحديث عن أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمهل الحريري 24 ساعة غير صحيح، ولكن هذا لا يعني أنّ المهلة مفتوحة، فالوقت لا ينتظر خصوصاً أنّنا نعلم الحال وما يعتريها من أوضاع "مزرية" اقتصاديا وأمنيا واجتماعياً. وتُشدّد المصادر على أنّ الرئيس عون لا يزال مصراً على إجراء الاستشارات النيابية هذا الأسبوع، فالاتصالات لن تتوقف قبل التوصل الى نتيجة، وكل ساعة هناك جديد، لكنّ الرئيس ينتظر الاتفاق على اسم الرئيس المكلّف لتحديد موعد الاستشارات وسط إصرار الحريري على شروطه وتراجع حظوظ طبارة. وتشدّد المصادر على أنّ الرئيس عون يصر على تكليف شخصية تكون مقبولة من كافة الأطراف، أو أن تنال حدًّا أدنى من الإجماع عليها. وتوضح أنّ عددا كبيرا من القوى السياسية يؤيّد تشكيل حكومة "تكنو-سياسية"، مع ضرورة أخذ هذا الاتجاه الغالب بعين الاعتبار. 

وتُسهب المصادر في الحديث عن "نظرة" رئيس الجمهورية لكل ما يجري على الساحة الحكومية. وبحسب المصادر، فإنّ دقّة المرحلة تحتاج الى توافق والى حكومة تتوفّر لها الحماية السياسية لمواجهة أطراف لا يجري عادة المس بهم (في ملف مكافحة الفساد)، ومن هذا المنطلق، فإنّ الرئيس عون لن يوقّع على أي حكومة لا تخدم مصلحة لبنان، فمجلس الوزراء يحتاج الى غطاء سياسي خصوصاً بعد الطائف. 

وتؤكّد المصادر وهي المطّلعة على عملية "التشكيل" أنّ الرئيس عون يسعى لتجنيب لبنان أزمة لا نعرف متى تبدأ ومتى تنتهي، كاشفةً في السياق عينه أن التواصل بين بعبدا و"الحراك" مستمر من دون الاعلان عن هذا الأمر. وتلفت المصادر الى أنّه وبموازاة العمل "داخلياً" يعمل الرئيس عون على "تظهير" كل ما يجري للخارج. وفي هذا الإطار، التقى الموفد الفرنسي سابقاً، وأمس "البريطاني"، واليوم "الروسي" حيث زاره سفير موسكو في لبنان ألكسندر زاسبكين، وسيكون للرئيس لقاءات أخرى في الايام المقبلة مع موفدين آخرين ليكون العالم الخارجي على بيّنة مما يجري في لبنان، خصوصاً أنّ هناك تقارير غير صحيحة لا تعكس الواقع تصل الى الخارج. وبحسب المصادر، هناك متابعة دولية لوضع لبنان ورغبة من المجتمع الدولي في الاستقرار سيما في الجانب الاقتصادي. 

إذاً، لا شيء محسوماً حتى الساعة في الملف الحكومي. نتقدّم خطوة الى الأمام، نتراجع مثلها، والعكس صحيح، لتبقى عمليتا التكليف والتأليف رهن المشاورات والمباحثات التي قد تأتي فجأة بما لم يكن بالحسبان. فهل نشهد ولادة قريبة للحكومة؟ هذا الأمر بات ضرورة الضرورات، تختم المصادر.

إقرأ المزيد في: خاص العهد