ابناؤك الاشداء

خاص العهد

لبنان يتضامن مع نفسه: الجنوب يفتح قلوبه.. والبيوت لمنكوبي الحرائق
18/10/2019

لبنان يتضامن مع نفسه: الجنوب يفتح قلوبه.. والبيوت لمنكوبي الحرائق

سامر حج علي
يستمر مجتمع المقاومة بالتعبير عما يختزنه من محبة لأبناء بلده على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، وهو المجتمع الذي قدم أغلى ما يملك ليبقى لبنان حراً وسيّداً، ولتبقى الوحدة الوطنية والسلم الداخلي عنواناً لكل المراحل، فكيف يقف مكتوف الأيدي أمام كارثة تشهدها منطقة لبنانية شردت النيران عائلات منها وتركتهم بلا مأوى..

سرعان ما تلقّف الجنوبيون المبادرة، وفتحوا قلوبهم قبل أبواب منازلهم ليطلقوا الرسالة "إن شردتكم النيران من منازلكم فمنازلنا منازلكم، تعالوا نقتسم رغيف الخبز وننعم معاً بالحب والأمان" والتي انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الإجتماعي قبل أن تترجم بإجراءات فعلية بدأها ناشطون من عدة قرى فيتحدث حسين شعيتو أنهم في بلدة عيتيت وشعوراً منهم بالوضع الإنساني الذي يعانيه من تشردوا من بيوتهم في مثل هذه الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي تمر بها البلاد سارعوا إلى تأمين عدد من المنازل في بلدتهم لاستقبال من يرغب من المنكوبين جراء الحرائق، وقال : "بدأت بالخطوة على مستوى عائلتي إذ اتفقنا على إخلاء ثلاث منازل لاستقبال من يرغب، ثم تواصلت مع مجموعة من المقاولين أصحاب مشاريع سكنية متفرقة في البلدة وعلى أطرافها وقد أبدوا استعدادهم ورغبتهم للتعاون وزودوني بمفاتيح عدد من الشقق الجاهزة للسكن". خطوة شعيتو وفق ما يرى إنما تأتي لتكمل مسيرة طويلة من العطاء بدأها مجتمع المقاومة منذ القدم فنحن ـ حسب قوله ـ لا زلنا نعي كيف كان أجدادنا وألهنا ييستقبلون النازحين والمحتاجين في بيوتهم قبل عشرات السنوات فكيف نخرج عن أخلاقنا وعاداتنا التي أسس لمفهوم التكافل في هذا المجتمع.

وبعد ان جرى تأمين المساكن وتشكيل لجنة لخدمة أي وافد إلى البلدة جرى التواصل مع المعنيين من لجان كانت تعمل على تقديم المساعدة لهؤلاء في المناطق التي تجمعوا فيها بعد الخروج من منازلهم المحاصرة بالنيران لوضع الشقق والمنازل في تصرفهم وقد وصلت فعلاً عائلتين إلى عيتيت فجرى استقبالهم وتأمين المعونات اللازمة لهم للسكن، بعد أن تخلت الدولة كعادتها عن أبنائها، يضيف شعيتو "ماذا سننتظر من دولة لا تستطيع إخماد حريق !! نحن اليوم نحتضن اخوة لنا في الوطن ونحمد الله الذي وفقنا لإعانة ملهوف وتأمين مسكن لمحتاج.

أما "متري" وهو أحد المنكوبين وقد انتقل مع زوجته وأولاده الثلاثة للسكن في منزل قدمه الأهالي، فقد عبر عن شكره الذي لا يمكن أن يترجمه بأي كلام والذي جاء في وقت كنا بحاجة فيه إلى من يقف إلى جانبنا، وهذا الموقف يؤكد على أن ما تفرقه السياسة في لبنان تجمعه طيبة اللبنانيين وحبهم ونخوتهم، وأضاف: من هذه البلدة الطيبة نعلن أن بيوتنا مفتوحة لكل لبناني يحتاج لمسكن في أي ظروف وحالات كهذه التي مررنا بها.

وعلى بعد بضعة كيلومترات من عيتيت في بلدة العباسية الجنوبية، تحركت مجموعة الوادي الإعلامية بجناحها الإجتماعي على خط مماثل، فأعلنت عن وضعها 22 شقة سكنية في أحد المشاريع في منطقة قدموس على أطراف العباسية في تصرف من يحتاج لمسكن من الذين نزحوا من منازلهم في القرى التي اجتاحتها النيران، فيما أطلقوا حملة على وسائل التواصل لتأمين الأدوية والمواد الغذائية للمنكوبين وقد وردتهم آلاف الإتصالات حسب عضو الهيئة الإدارية في المجموعة حسين عباس للتبرع بما يلزم من حاجات للأهالي وللمشاركين في عمليات الإطفاء.

وقال عباس لموقع "العهد" الإخباري أننا تمكنا من تأمين المياه والكمامات ومواد غذائية لفرق الإطفاء وللنازحين وأوصلناها إلى بلدة المشرف التي ارسلنا مجموعة من متطوعينا إليها، وجرى تقسيم المساعدات التي وصلتنا وتوزيعها على القرى المحيطة وعلى أماكن انتشار الأهالي، فيما تواصلنا مع رؤساء البلديات هناك ووقفنا عند حاجاتهم الضرورية وعلى رأسها مولدات كهرباء ساعدت على تأمين التغذية الكهربائية لبعض النقاط والأحياء بعد انقطاع التيار الكهربائي عنها.

وفي عشرات القرى الجنوبية انطلقت فعاليات مماثلة، فقد أعلن نادي "جويا" الرياضي الإجتماعي عند فتح أبواب مكاتبه ومقره للأهالي الذين باتوا بلا مساكن يأوون إليها، والخطوة نفسها أُعلن عنه في "باريش" و"عيتا الشعب" "أول نقاط التماس مع العدو الإسرائيلي" هذه القرى العاملية التي لطالما كانت تضج بكل أشكال العطاء والمقاومة تؤكد اليوم أنها صمام أمان الوحدة في بلد لا تستطيع أي ظروف أن تكسر إرادة شعبه المحكوم بالتعايش والمحبة والتي أثبتت إلى جانب بقية اللبنانيين انها فوق الاختلافات الطائفية والمذهبية وفق ما أشار سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته مساء الثلاثاء، كل هذا يضاف إلى اللُحمة التي اظهرها المشاركون في عمليات الإطفاء في الجبل والذين اجتمعوا من مناطق وأفواج إطفاء مختلفة للقضاء على خطر كان يهدد حياة جزء من أبناء الوطن.

إقرأ المزيد في: خاص العهد