ابناؤك الاشداء

خاص العهد

   هكذا ستنعكس العلاقات الايجابية بين دمشق وبيروت على الاقتصاد اللبناني
16/10/2019

   هكذا ستنعكس العلاقات الايجابية بين دمشق وبيروت على الاقتصاد اللبناني

فاطمة سلامة

حين يُفتح ملف التواصل والتنسيق بين دمشق وبيروت، ثمّة من يذهب بعيداً في المكابرة. ينصب منصات العداء لسوريا مع علمه المسبق بتبعات هذا الأمر على الداخل اللبناني. والغريب العجيب أنّ البعض يتحدّث عن مساهمة لبنان في إعادة إعمار سوريا، وفي الوقت نفسه يرفض الحديث معها. ماذا يعني أن نقطع علاقتنا بسوريا؟!. بكل بساطة، الأمر أشبه بمن يقطع الهواء عن رئة لبنان، ويحاصره بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. قطع العلاقات يعني قطع نافذة لبنان الى الدول العربية، مع ما يحمله هذا الأمر من تضييع لبنان لفرصة ذهبية يبدو في أمس الحاجة لها في شدّته الاقتصادية. قطع العلاقات يعني قطع طريق عودة مليون ونصف نازح سوري من لبنان الى بلادهم مع ما يحمله هذا الملف من أعباء مختلفة. 

انطلاقاً مما تقدّم، اتخذّ وزير الخارجية جبران باسيل القرار الضروري و"الجريء"، وقال صراحةً "سأزور سوريا". مصلحة لبنان - بالنسبة اليه - فوق أي اعتبار، وعليه فإنّ الزيارة لسوريا باتت قريبة. تلك الزيارة التي يُعوّل عليها للمساهمة في تنشيط الحركة الاقتصادية وتفعيلها، ويُنظر اليها كفاتحة لمرحلة جديدة. فكيف يمكن أن تنعكس العلاقات الايجابية بين دمشق وبيروت على الاقتصاد اللبناني؟. 

الساحلي: العلاقة مع سوريا واجبة لمصلحتنا أولاً

لا يخفى على أحد أنّ ملف النازحين السوريين يشكّل دافعا أساسياً وجوهرياً وراء أي زيارة رسمية الى سوريا. فهذا الملف الضاغط منذ سنوات على لبنان، من المفترض أن يتصدّر الأولويات في بلد يتخبّط مالياً ومعيشياً. مسؤول ملف النازحين في حزب الله النائب السابق نوار الساحلي يُشدّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" على أن إعلان الوزير باسيل هو أمر مهم جداً ونشجّع عليه. إنه قرار سيادي نطالب به منذ زمن. من وجهة نظره، لا حل جذرياً لموضوع النازحين الا بالجلوس على طاولة واحدة مع الحكومة السورية. المعادلة بسيطة في هذا الصدد، هؤلاء مواطنون سوريون موجودون في لبنان، - يعني الدولة اللبنانية تستضيفهم -، ويريدون الرجوع الى بلدهم - يعني الدولة السورية ستستقبلهم -، وبالتالي لكي نجد طريقة لعودتهم، يجب أن يكون هناك اتصال مباشر بين الدولة اللبنانية والسورية. 

   هكذا ستنعكس العلاقات الايجابية بين دمشق وبيروت على الاقتصاد اللبناني

ويأسف الساحلي لـ"الدلع" السياسي وتلكؤ الحكومة منذ سنوات حيال ملف يشكل أولوية الأولويات في لبنان. وفق حساباته، فإنّ لبنان بمساحته وإمكانياته أصغر بكثير من أن يتحمّل هذا العدد الهائل - مع كامل المحبة للأخوة السوريين -. فنحن لدينا بالحد الأدنى مليون ونصف مليون نازح في بلد يبلغ حجم شعبه أربعة ملايين ونصف مليون، أي أن ثلث الاشحاص في لبنان من غير اللبنانيين، وهذا أمر لا يمكن الاستمرار به. لا المساحة ولا البنى التحتية ولا الوضع الاقتصادي قادر على أن يتحمل هذا الكم الهائل من النازحين وبالتالي فإن عودتهم ستريح قليلاً الوضع الاقتصادي في لبنان.

ويتمنى الساحلي أن يترجم كلام باسيل عبر زيارة بأقرب فرصة، وأن يتحوّل هذا الموضوع الى تفويض رسمي من قبل الحكومة. برأيه، يجب أن تقتنع الحكومة اللبنانية بأن العلاقة مع سوريا هي علاقة واجبة ولازمة لمصلحة لبنان قبل مصلحة دمشق. 

وزني: المعابر السورية تُشكّل الرئة الطبيعية للاقتصاد 

الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني يتحدّث بلغة الأرقام عن الانعكاسات الاقتصادية التي سيجنيها لبنان جراء عودة العلاقات مع سوريا. وفق قناعاته، فإنّ لبنان ليس مخيراً في هذا المجال، فالمعابر السورية خصوصاً البوكمال تُشكّل الرئة الطبيعية للاقتصاد اللبناني سواء فيما يتعلق بالصادرات الزراعية أو الصناعية. تلك الرئة يستطيع عبرها لبنان الوصول الى الأسواق العربية خصوصاً الى الأردن والعراق. يُكرّر وزني أنّ لبنان ليس مخيراً في هذا المجال وهذا يظهر بوضوح عبر الارقام إذ إنّ 70 بالمئة من الصادرات الزراعية و30 بالمئة من الصادردات الصناعية تمر عبر المعابر السورية. بما معناه أنّ أكثر من مليار و200 مليون دولار تجتاز المعابر السورية سنوياً. 

   هكذا ستنعكس العلاقات الايجابية بين دمشق وبيروت على الاقتصاد اللبناني

ويلفت وزني الى أنّه وفي السنوات السابقة عندما كانت المعابر مقفلة، تكبّد لبنان عشرات الملايين من الدولارات سنوياً لقاء نقل البضائع. لم يكن أمامه خيار سوى النقل البحري الذي كانت تكلفته مرتفعة جداً على المصدرين اللبنانيين. فكلفة الحاوية التي ستذهب الى الدول العربية بحدود الـ4500 دولار وهذه كلفة مرتفعة جداً، بينما اذا عادت قنوات التواصل بشكل ايجابي مع سوريا سنكون بغنى عن هذه التكلفة، خصوصاً أنّ تكلفة  نقل الحاوية براً بين 1500 و2000 دولار وهذا أمر مهم جداً، ولبنان بأمس الحاجة اليه بعدما وجدت الحكومة اللبنانية نفسها في السنوات الأخيرة مضطرة لأن تدعم النقل البحري من أموال الخزينة العامة. كلفة ذلك الدعم بلغت سنوياً ما يقارب 40 مليون دولار. إعادة العلاقات ستحقّق وفراً للخزينة العامة. وفيما يتعلق بالصادرات سيؤدي أيضاً الى الاسراع في بيعها والحفاظ على نوعيتها وجودتها، فضلاً عن تأمين تبادل تجاري أوسع مع الخارج. 

نقطة أخرى يُدلّل عليها وزني تتعلّق بتنشيط السياحة البرية. لدينا حوالى 400 الف سائح بري سنوياً يمرون عبر سوريا. عام 2010 سجّل هذا الرقم المهم. أما اليوم فقد وصلت السياحة البرية الى النصف. إعادة العلاقات تنشّط السياحة البرية السنوية وترفع عددها ونحن اليوم بأشد الحاجة الى هذا الامر خصوصاً أنه يجلب الدولارات الى البلد ويزيد المداخيل، وتتحرك عبره مختلف القطاعات ما يؤدي الى زيادة العملات الأجنبية في لبنان.

كما ستؤدي عودة العلاقات - وفق وزني - الى استفادة لبنان من المساهمة في إعادة الإعمارعبر تهيئة الارضية ليكون له الدور الاساسي، خاصةً أن لدى لبنان في هذا المجال خبرة واسعة وقطاعات صناعية مهمة يستطيع توظيفها. 

في الختام، يُكرّر وزني أن لبنان ليس مخيراً، فسوريا هي الرئة الأساسية لتحسين اقتصاده.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد