معركة أولي البأس

خاص العهد

معاناة الاغتراب: 4 أشهر ومحمد علي زريق موقوف في نيجيريا
14/10/2019

معاناة الاغتراب: 4 أشهر ومحمد علي زريق موقوف في نيجيريا

سامر حاج علي
لم تتوقف معاناة اللبنانيين يوماً عند حدود وطنهم، بل كان واقع بلادنا المر يلاحقهم على الدوام إلى الاغتراب الذي وجد فيه كثيرون خشبة خلاص من معاناة اقتصادية واجتماعية تنقذهم من غربة بلادهم التي شبّوا فيها على تمتمات من شابوا وهم يمنّون النفس بأن تعود إلى سابق عهدها يوم كانت تُضرب بها أمثال وأمثال. لم تعد اليوم بلادنا "سويسرا الشرق"، ولم يعد اللبناني الذي يتجول بين دول العالم حراً كما في السابق. واقع يمكن استخلاصه من خلال استحضار عشرات حالات الاعتقال والتوقيف والقتل والسرقة التي باتت تشكل هاجساً يومياً أمام المغتربين خاصة في دول القارة السمراء وآخرها ربما ما سنكشف اللثام عنه في قضية ابن بلدة الخيام محمد علي زريق الموقوف في نيجيريا منذ حزيران/ يونيو الماضي.

بلا أي تهمة واضحة إلى اليوم وفور وصوله إلى مطار "مورتالا محمد" الدولي في لاغوس بجنوب غرب نيجيريا قادماً من بيروت أوقفت المخابرات النيجيرية اللبناني محمد علي غالب زريق في ظروف غامضة ونقلته إلى العاصمة "أبوجا" دون أن تتمكن أي وساطات إلى اليوم من وضعه على طريق العودة إلى بيروت.

رضا حمود وهو والد زوجة محمد يروي لموقع "العهد" الإخباري بعضاً من تفاصيل القضية، فيشير إلى أن محمد الذي يحمل جنسية جزائرية أيضاً يعمل في التجارة وقد استحصل على فيزا من السفارة النيجيرية في بيروت وعمل على شحن مواد غذائية إلى نيجيريا التي وصل إليها في الثاني عشر من حزيران/ يونيو الماضي، اليوم الذي انقطع فيه الاتصال به بسبب توقيفه في المطار فور وصوله. وقد بدأنا بعدها مباشرة بإجراء العديد من الاتصالات مع أبناء الجالية اللبنانية هناك أثمرتبالكشف عن مكانه، وتبين انه كان موقوفاً لدى المخابرات النيجيرية التي وضعت يدها أيضاً على المستوعب الذي ينقل فيه محمد بضاعته والذي جرى تفتيشه لعدة مرات دون العثور على أي ممنوعات فيه.

معاناة الاغتراب: 4 أشهر ومحمد علي زريق موقوف في نيجيريا

توقيف محمد لدى المخابرات دام لمدة شهر قبل أن يتدخل السفير اللبناني في نيجيريا حسام دياب لدى السلطات النيجيرية وينجح في الإفراج عنه على أن يبقى موقوفاً في إقامة جبرية بعهدة السفارة اللبنانية وفي فندق بالقرب منها مع وعود بأن يُعاد إليه جواز سفره خلال أيام ليتمكن من السفر إلى حيث يريد، وهو ما لم يتم إلى اليوم دون وجود سبب واضح أو مُعلن.

لا يوجد أي اتهام رسمي لمحمد، يقول رضا ويضيف: إلى اليوم لا نعرف ما هي التهمة الموجهة إليه والتي أوقف على أساسها، ونحن نطالب بالإفراج عنه لكي يعود إلى بلدته وعائلته. مطلب ينشده أيضاً أحد أصدقاء محمد الذي يتحدث بإسهاب عنه فهو الشاب الخلوق والمعروف بسلوكه الحسن، ومن حق عائلته وأولاده وأصدقائه أن يكون بينهم طالما أنه لم يرتكب أي جرم أو عمل مخل بالقانون وفق السلطات النيجيرية نفسها والتي لم توجه له أي اتهام إلى اليوم وعلى الرغم من ذلك تبقيه محتجزاً وفي إقامة جبرية.

خطوات العائلة لحل قضية ابنها واكبتها بلدية الخيام التي أطلقت حملة رسمية واسعة لمتابعة القضية منذ اللحظة الاولى، حيث أجرت اتصالات مع الكثير من الجهات التي أكدت ما جرى الحديث عنه في السابق عن أن لا اتهامات موجهة لزريق ولا ارتكابات قام بها وأوقف على أساسها وبالتالي فإن توقيفه مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية. وقال رئيس بلدية الخيام د. علي عبد الله إن البلدية تحري اتصالات مع كل المعنيين في الدولة وبصورة خاصة الرؤساء الثلاثة وابن المدينة وزير المالية علي حسن خليل الذي أبدى اهتماماً بالقضية، وأضاف: من الطبيعي أن نكون قد تواصلنا مع وزارة الخارجية والمغتربين ونتيجة لهذه الاتصالات جرى تكليف السفير اللبناني في نيجيريا بمتابعة القضية وبعد تمكنه من إخراج زريق إلى الإقامة الجبرية وعدته السلطات النيجيرية بإطلاق سراح الأخير خلال أيام ولكنهم لم يفوا بوعودهم إلى اليوم.

وكشف عبد الله عن أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري كلف رئيس الهيئة العليا للإغائة اللواء محمد خير بمتابعة القضية وقد جرى الاتفاق على لقاء سيجمعنا به خلال أيام، مؤكداً أن لا شبهات حول محمد زريق الذي نقف معه اليوم في قضية إنسانية مشابهة لقضايا الكثير من اللبنانيين الذين يحتاجهم وطنهم ويجب أن لا يبقوا أذلاء تحت رحمة سلطة هنا أو هناك بشكل مخالف لكل الأعراف.

ويطالب عضو المجلس البلدي فايز أبو عباس السلطات اللبنانية بأن تأخذ موقفاً من الدول التي يجري فيها توقيف لبنانيين في مثل هذه الحالة، مشدداً على أن القضية لا تقف عند ابن مدينتنا بل إنها تتكرر كل فترة ومع مغتربين لبنانيين من الجنوب تحديداً، ليعود ويسأل مستنكراً عن موقف أي دولة غربية إذا ما حدث مع احد أبنائها أمر مماثل.

ومن هنا وفي ظل كل هذه المطالبات تعيد قضية زريق الأذهان لعدد من القضايا المشابهة وآخرها ربما قضية المغترب اللبناني حسن جابر الذي أوقف في مطار أديس أبابا في أثيوبيا اوائل أيلول/ سبتمبر الفائت، وقبلها قضية اللبناني قاسم تاج الدين الذي خُطف من مطار محمد الخامس في المغرب في آذار/ مارس من العام 2017، فتفتح الباب أمام مسار طويل من المعاناة مع الاغتراب الذي دفع اللبنانيون ضريبته وجعاً طويلاً وجرحاً لا يندمل ولا زال يرشح دماً على طريق تحصيل لقمة عيش لمشتتين في بلاد العالم خانتهم النعمة في بلادهم الأم.

الاغترابوزارة الخارجية اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة