معركة أولي البأس

خاص العهد

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب
05/10/2019

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب

سامر الحاج علي

ما بين نهاية هذا الأسبوع وبداية الأسبوع الجديد، يخطو الجنوب خطوة جديدة في مشروع "الألف ميل" للتخلص من النفايات الصلبة، إذ انّه من المتوقع أن يُعلن عن المواقع التي من المقرر أن تُقام عليها المطامر الصحيّة في سياق تنفيذ ما جرى الإتفاق عليه في جلسة مجلس الوزراء التي خُصصت لمناقشة خطة وزارة البيئة المتعلقة بالنفايات أواخر آب/أغسطس الماضي.

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب

جولة وزير البيئة جنوباً وتبدو في الصورة النائب عناية عز الدين

الخطة تبنّت المطامر ضمن مسارٍ لا يمكن أن تنفصل حلقاته، فتبدأ بالفرز من المصدر وتمرّ بالتدوير والتسبيخ، ثم تصل إلى المطامر الصحيّة مع الإعتماد على آلية التفكك الحراري أيضاً في ثلاثة مواقع فقط في كل لبنان بعد خمس سنوات. وهذا إن دلّ على شيء، فإنه يُظهر إهتماماً رسميًا لأول مرة منذ عشرات السنوات، ويبيّن نيّة جدية للوصول إلى حل جذري لمشكلة لم تلحظها الحكومات المتعاقبة، ما يشير اليوم إلى أننا بتنا نقترب من السير في طريق التخلص من ألف مكب عشوائي منتشر في كل لبنان ومنها المكب الذي زاره وزير البيئة فادي جريصاتي في منطقة عقارية تابعة لبلدية العباسية تتوسط قرى العباسية وطيردبا وبرج الشمالي معايناً حجم الكارثة البيئية التي يتسبب بها، خاصة وأنه جرى خلال الأسابيع الأخيرة توثيق عمليات نقل ورمي لنفايات طبية وبقايا أعضاء بشرية ناتجة عن أعمال جراحية تجرى في مستشفيات المنطقة.

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب

نفايات طبية وبقايا أعضاء بشرية

المنطقة هذه كانت واحدة من أجمل الواحات الخضراء في الجنوب، إلاّ أنها تحولت اليوم إلى بؤرة تلوّث تُرمى فيها مختلف أنواع النفايات الخطيرة والمميتة، ومنه انتقل الوزير جريصاتي إلى بلدة ديرقانون النهر ليرعى حفل إطلاق لمهرجان بيئي زراعي، ثم زار معملاً لفرز النفايات الصلبة أنشأته بلدية ديرقانون النهر بعد أن أطلقت عملية الفرز من المصدر بجهود محلية.

وبعد أن أثنى جريصاتي على الجهد المبذول في هذا الخصوص، شدد على أن معركتنا للحفاظ على البيئة والأرض يجب أن تكون بالحماسة والشراسة نفسها التي سقط فيها الشهداء من أجل أن نبقى موجودين فوق هذه الأرض الكريمة، فمشكلة النفايات عمرها أكثر من 40 سنة وكل الشعب اللبناني ينتظر اليوم من وزارة البيئة أن تجد حلاً لها.

وقبل أن ينتقل إلى معمل معالجة النفايات الطبية في بلدة العباسية، أكد جريصاتي أنه لن يتساهل في ملف النفايات الطبية، وقد اتخذ فعلاً الإجراءات القانونية المطلوبة لذلك، وتقدم بدعوتين قضائيتين في هذا الخصوص، واعداً بالضرب بيد القانون حيث لا يُلام عندما يتصرف على أساسه للحفاظ على حياة الناس.

وبعد أن جال برفقة النائب عناية عز الدين ورئيس بلدية العباسية علي عز الدين في المعمل، اطلع جريصاتي على آلية العمل فيه، مستمعاً إلى شرح مفصّل حول حاجيات المعمل ليلبّي معالجة كافة النفايات الصادرة عن المنشآت الصحية في المنطقة ومنها المستفشيات والمختبرات والعيادات.

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب

مكب للنفايات .. والصورة كفيلة بمعرفة مستوى حجم الكارثة

وزير البيئة لموقع "العهد": سأستلم الإثنين جواباً حول المواقع التي يمكن العمل فيها على إنشاء مطامر صحية بدلاً من المكبات العشوائية

وحول خطة النفايات والحلول الموضوعة وفق الخطة المركزية للوزارة، أكد جريصاتي لموقع "العهد" الإخباري أنه سيتسلّم يوم الإثنين المقبل الجواب حول المواقع التي يمكن العمل فيها على إنشاء مطامر صحية بدلاً من المكبات العشوائية في منطقة الجنوب كاملة، وبهذا نكون قد انتقلنا من مرحلة القرار السياسي إلى العمل على الأرض ما يمكّننا البدء بتحويل هذه المواقع إلى مطامر صحية.

وكشف الوزير جريصاتي لموقع "العهد" أنه تواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري لإدخال هذه المواقع ضمن إجراءات مؤتمر "سيدر" حيث سيتوجه وفد حكومي لبناني بعد أسبوعين إلى ألمانيا التي أبدت رغبتها لمساعدة لبنان في موضوع النفايات وهو يعد أمراً مهمًا في هذه المرحلة التي تمر فيها البلاد بأزمة صعبة.

جريصاتي يكشف لموقع "العهد" أنه تواصل مع الحريري لإدخال هذه المواقع ضمن إجراءات مؤتمر "سيدر"

أولى خطوات التخلص من النفايات الصلبة في الجنوب

صورة أخرى للمكب وتبدو المنطقة من حوله بشكل أوضح

وأمل أن يحصل لبنان على مساعدات من ألمانيا وبقية الدول المانحة لمعالجة المكبّات العشوائية التي زار بعضها في جولته الجنوبية للبدء بإنشاء المطامر الصحية لحل مشكلة النفايات المنزلية، مثنياً على دور بلدية العباسية لما قامت به لناحية النفايات الطبية، وقال "العمل الذي يجري اليوم في المعمل وبعد أربعة أشهر على استلامه وفي ظل إمكانيات محدودة هو أفضل بكثير عما كان سابقاً"، والعمل جارٍ الآن بمساعدة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحسين وتكبير المعدات لاستيعاب أكبر كمية ممكنة من نفايات مستشفيات المنطقة التي ستنفذ الوزارة فيها ورشاً توعوية لمساعدتها على القيام بالعملية المطلوبة وتحمّل المسؤولية في هذا الخصوص.

جريصاتي أعلن أنه ادّعى على اثنتين من المستشفيات في قضية النفايات الطبية

جريصاتي أعلن أنه ادّعى على اثنتين من المستشفيات في قضية النفايات الطبية التي رمت نفاياتها في المكب القريب من المعمل، وأنه بالحديث والتعاون مع الأحزاب واتحادات البلديات نقترب من حل نهائي للأزمة في المنطقة التي فيها معامل فرز حيث يجب مساعدتها وتشجيعها ونشر مبادراتها، وهو ما أكدت عليه النائب عناية عز الدين التي كانت قد أطلقت مشروعاً للفرز في قضاء صور العام الماضي، وقالت أثناء مرافقتها للوزير في جولته أن "عدداً من رؤساء البلديات الذين عارضوا خطة الفرز في البداية أصبح لديهم معامل فرز اليوم، والتجربة أكدت أن مجتمعنا حاضر ولديه الإرادة لخوض تجربة الفرز من المصدر ولكن تبقى التمنيات على الدولة بأن تؤمن لنا التمويل المطلوب للمعالجة".

وكان رئيس بلدية العباسية علي عز الدين أوضح أمام الوزير قضية النفايات الطبية وما أثير حولها خلال الفترة الأخيرة.

ولفت رئيس بلدية العباسية في حديث لموقع "العهد" الاخباري الى أنّ البعض يظن أننا نأتي بالنفايات ونرميها مباشرة في المكب، وهو أمر غير صحيح بل إن هناك أخطاء من المستشفيات والمختبرات الذين عرضنا عليهم مراراً أن ننقل نفاياتهم إلى المعمل مهما كانت كمياتها كي لا تُرمى مع النفايات المنزلية.

ثم ختم حديثه بالتعهد باللجوء الى القانون والقوى الأمنية لمعاقبة كل من يتسبّب بالتلوث بالنفايات الطبية كائناً من كان.

وفي ختام جولته الجنوبية، وصل وزير البيئة إلى بلدة معركة، حيث توجّه إلى معمل لمعالجة النفايات أقامته بلديتها دون أن يباشر عمله بعد، فجال فيه واستمع من المشرفين عليه إلى شرح مفصل حول آلية عمله، كما والتقى أعضاء لجنة البئية في البلدية التي كانت قد أطلقت مشروع الفرز من المصدر منذ أشهر، ثم انتقل لزيارة منشأة لمعالجة النفايات تشغلها جمعية "فكر وإنسان" مشدداً على أهمية العمل المشترك للوصول إلى خاتمة سعيدة في قضية النفايات.

وإن اقتصرت جولة وزير البيئة على عدد من المكبات والمعامل في منطقة صور، إلاّ أن معامل ومنشآت بيئية عدة في الجنوب تمارس عملها في معالجة النفايات منذ سنوات طويلة لا سيما في قبريخا وخربة سلم وعيترون وبنت جبيل وهي تعتمد آليات الفرز والتسبيخ والتدوير وقد أدركت أهمية عملها حتى قيل أنها كانت تسابق الوقت كي لا تصل إلى ما وصلت إليه العاصمة وبقية المناطق اللبنانية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد