معركة أولي البأس

خاص العهد

رؤية حزب الله الاقتصادية والأولويات الثابتة
12/09/2019

رؤية حزب الله الاقتصادية والأولويات الثابتة

فاطمة سلامة

من يطّلع على رؤية حزب الله الاقتصادية يجد أنّ "المحرّمات" الثابتة لديه في هذا الملف تكمن في الآتي: عدم المس بذوي الدخل المحدود، عدم فرض أي ضرائب جديدة تطال الفئات الشعبية الفقيرة، وعدم السكوت عن الأموال المنهوبة من خزينة الدولة. هذه المبادئ تبدو ثابتة في أي خطاب يدلي به قياديو الحزب ومسؤولوه. كلام الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله كان واضحاً في هذا المجال. تحدّث عن هذه الأولويات كأسس لأي معالجة اقتصادية. بالنسبة اليه، لا يجوز أن تكون المعالجة على حساب هذه الطبقات "المعدومة". أمام الدولة الكثير من الخيارات لجني الإيرادات ولعل أبرزها استرداد الأموال المسروقة من الدولة. 

ما قاله سماحته يُشكّل لازمة ثابتة في أي خطاب أو تصريح لقياديي ومسؤولي حزب الله. حتى داخل الجلسات الوزراية والنيابية، لا يكلّ مندوبو حزب الله من تكرار هذه الثوابت. من مسؤولية الدولة حماية ودعم الطبقات الفقيرة، لا "خنقها" مادياً ومعيشياً. ما البديل؟ برأي حزب الله، هناك الكثير من الخيارات التي لا بد من اللجوء اليها، وهي الخيارات التي تبدو بديهية في أي بلد يضع مصلحة شعبه على قائمة الأولويات. ومن هذا المنطلق، بدأ حزب الله ـ كما أعلن السيد نصر الله ـ دراسة أفكار المعالجة التي طُرحت في ورقة بعبدا إثر الحوار الاقتصادي الذي استضافه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وانطلاقاً من هذه الثوابت سيناقش حزب الله موازنة العام 2020. 

عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض يُشدّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" على أنّ أمام الدولة الكثير من الخيارات لعلاج الوضع الاقتصادي. يُدرج فياض رؤية حزب الله الاقتصادية بالإشارة الى مجموعة خطوات لا بد منها لانتشال الاقتصاد اللبناني، ويلخّصها بالآتي:

أ. خفض النفقات الجارية التشغيلية:

ـ العمل على الحد من موارد الهدر التي تحتاج الى ضبط فعلي كالنفقات في "أوجيرو"، والنفقات في كهرباء لبنان. هذه النقطة يتوقّف عندها ملياً فياض، فيشير الى ضرورة وضع خطة الكهرباء موضع التنفيذ بلا أي تأخير وبكافة تفاصيلها. لا بد من خفض سقف الدعم عن الكهرباء والذي بلغ عام 2019 حوالى 2700 مليار ليرة، بينما يجري النقاش حالياً حول خفضه الى حدود 1500 مليار ليرة. وفي هذه الجزئية، يُشدّد المتحدّث على ضرورة بدء العمل والاستفادة من معملي دير عمار والزهراني، ما سيوفّر مئات المليارات، مع الإشارة الى أنّ المناقصات المتعلقة بالتغويز استقرّت على شركتين، ما يُمهد الطريق الى إجراء المناقصة والبدء بالتنفيذ، وهذا الأمر أيضاً يوفر الكثير على الدولة.  
 
ـ إلغاء المؤسسات والمدارس التي لا ضرورة لها وتتسبّب بإنفاق إضافي.

برأي فياض فإنّ تخفيض النفقات الجارية لا يؤثّر على النفقات الاستثمارية (سيدر، الشراكة مع القطاع الخاص)، التي لا بد في المقابل من تنشيطها.

 

رؤية حزب الله الاقتصادية والأولويات الثابتة

 

ب ـ خفض خدمة الدين العام

يُشدّد فياض على أنّ خفض خدمة الدين العام يصب في مصلحة الجميع، ويجب أن يكون بالتعاون مع المصارف. وهنا يُذكّر المتحدّث بأنّ الورقة التي قدّمها رئيس الحكومة سعد الحريري سابقاً تحت عنوان "السياسات والاجراءات الواجب اعتمادها للمعالجة الفورية والجذرية لعجز المالية العامة وتعزيز الايرادات"، هذه الورقة أشارت الى مساهمة المصارف في خفض خدمة الدين العام، تماماً كما أعلن وزير المال علي حسن خليل سابقاً أن هناك تفاهماً حول هذا الموضوع، ولكن للأسف حتى اللحظة لم يُبت هذا الأمر. وفق فياض لا بد من إشراك المصارف في تصحيح الوضع الاقتصادي وخفض خدمة الدين. فهذه الخطوة ضرورية جداً، بحيث تعاد جدولة الديون المستحقة بفوائد أقل وآجال أطول. 

أما فيما يتعلّق بالأبواب التي يعتبرها حزب الله ضرورية لزيادة الإيرادات فيلخصها فياض بالآتي:

ـ ضبط التهرب الجمركي بصورة حاسمة

ـ مكافحة التهرب الضريبي من قبل المكلفين

ـ تحسين الجباية في الكهرباء والمياه...

ـ تطبيق قانون الأملاك البحرية لجهة اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المؤسسات التي لم تبادر الى تسوية أوضاعها، فالقسم الكبير من هذه المؤسسات لا يزال خارج التسوية 

ويُشدد فياض على أنّ ما سبق ذكره لجهة ضبط الإنفاق وزيادة الايرادات لا بد أن يتلازم مع مسارين:

أولاً: المسار الإصلاحي الذي يتّصل بمكافحة الفساد وضبط الهدر وإصلاح القضاء وإخضاع المؤسسات للرقابة اللاحقة المشدّدة، فضلاً عن ضبط الأداء الإداري، وهذا أمر ضروري جداً لعدة أسباب قد توصل في نهاية المطاف الى بناء الثقة الشعبية بين المواطن والدولة، وهذا مطلب دولي أيضاً. بالنسبة لفياض، يُشكّل هذا المسار الاصلاحي المعبر لنجاح المسارات الأخرى. 

ثانياً: المسار الاقتصادي والذي يقوم بشكل أساسي على تحفيز القطاعات المنتجة من صناعة، زراعة وسياحة. فضلاً عن حماية الصادرات اللبنانية والعمل على نوعية صادرات تنسجم مع خصوصية الاقتصاد اللبناني. هذا بالإضافة الى تخفيض الاستيراد من الخارج ووضع خطط لمنع استنزاف العملات الأجنبية الصعبة والعمل على تخفيض العجز بميزان المدفوعات التجاري. هذا الأمر يستلزم إعادة تقويم الاتفاقيات التجارية والاستفادة من البنود الموجودة في هذه الاتفاقيات والاجراءات الاستثنائية التي تحتويها لحماية الاقتصاد الوطني. 

وفي الختام، يُشدّد فياض على أن ما سبق من إجراءات ضرورية تشكّل خلاصة رؤية حزب الله لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والتي لا يجوز تأخيرها لانتشال لبنان من الواقع الذي يقبع تحته.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد