معركة أولي البأس

خاص العهد

إصلاح القطاع الكهربائي انطلاقة للإصلاح في لبنان
02/09/2019

إصلاح القطاع الكهربائي انطلاقة للإصلاح في لبنان

فاطمة سلامة

لطالما حُكي عن قطاع الكهرباء أنّه علّة العلل في لبنان. هذا الملف الذي لا يزال على حاله -بكافة مشاكله- منذ عقود رغم استنزافه المالية العامة في البلد، يُنظر اليه على أنّه "حبل النجاة" للاقتصاد اللبناني. ورغم ذلك، لا يزال الهدر يُحكم الطوق على عُنق ملف قطاع الكهرباء الذي يحتاج الى إصلاحات جدية وجذرية. هذه الحقيقة تؤمن بها مختلف القوى السياسية في لبنان، لكن شيئاً ما يحول حتى الساعة دون تغيير هذا الواقع. ومن هنا جاء إدراج الإصلاح في قطاع الكهرباء من ضمن سلّة الاصلاحات العاجلة والفورية التي ناقشتها لقاءات واجتماعات بعبدا الاقتصادية. 

أحد الخبراء الاقتصاديين المشاركين في هذه الاجتماعات الممهّدة للحوار الاقتصادي الموسّع في بعبدا، الدكتور غازي وزني، يؤكّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" أنّ إصلاح القطاع الكهربائي يُشكّل انطلاقة للإصلاح في لبنان. انطلاقاً من هذه المسلّمة جرى وضع ملف الكهرباء كعنوان من العناوين الإصلاحية من خلال تخفيض العجز ووضع سقف للدعم الهائل، وفق الخطّة التي وضعتها وزارة الطاقة. ويلفت وزني الى أنّ عجز الكهرباء في موازنة 2019، قُدّر بـ2500 مليار ليرة، ما يُشكّل ثلث العجز في الموازنة، وهو رقم يجب وضع سقف له من قبل المسؤولين. برأيه، يجب أن يختفي تدريجياً ليزول العجز خلال الثلاث أو الأربع سنوات المقبلة. 

 

إصلاح القطاع الكهربائي انطلاقة للإصلاح في لبنان

 

يبدو وزني مقتنعاً بأنّ معالجة أزمة الكهرباء فقط تُغني لبنان عن اللجوء الى أي إجراء ضريبي. كيف ذلك؟. يشدّد المتحدّث على أنّ حل أزمة الكهرباء يكون عبر القيام بسلّة من الإصلاحات والتي ورد بعضها ضمن خطّة وزارة الطاقة، ويلخّصها وزني بالآتي: 

- الإسراع في بناء المعامل لزيادة الطاقة الانتاجية، فلا يجوز المماطلة التي نشهدها منذ أكثر من عام ونصف 

-زيادة التعرفة والتي لن تكبّد أعباء إضافية على المواطن، إذا تم رفعها من 137 ليرة لسعر الكيلو واط، الى 217. وهذا الرقم يُشكّل تقريباً نصف السعر الذي يدفعه المواطن لأصحاب المولدات (450 ليرة للكيلو واط الواحد). 

-ضرورة تحصيل الجباية والمتأخّرات التي قدّرت بـ1200 مليار ليرة  

- العمل على تفادي الهدر التقني والفني واللذين يقدران بـ600 مليار ليرة سنوياً. 

-الذهاب الى مناقصات عالمية وشفافة للحصول على الأسعار المناسبة فيما يتعلّق بـ"الفيول"، ما يجعلنا نُنجز وفراً يُقدّر بـ300 مليون دولار سنوياً، أو مثلاً يمكننا التحول من استخدام "الفيول" الى "الغاز". 

يُشدّد وزني على أنّ إصلاح هذا القطاع يُشكّل خطوة مهمة جداً، لافتاً في السياق نفسه الى أنّ كل ما ورد في ورقة بعبدا "الإنقاذية" من إجراءات ومقترحات إصلاحية يشكّل ضرورة الضرورات لمعالجة الأزمة. يبدو المتحدّث متفائلاً بلقاءات بعبدا شرط تصفية النوايا لدى جميع الأفرقاء السياسيين. 

ناصر الدين..هذه القضية تحمل أبعاداً مختلفة

الكاتب والباحث الاقتصادي زياد ناصرالدين يتفق مع رؤية وزني، فبداية الإصلاح برأيه يجب أن تكون من ملف الكهرباء. لماذا؟ لأن هذه القضية تحمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية وتعيد الثقة بين الدولة وجمهورها. هذا الملف  استنزف المالية العامة على مدى ثلاثة عقود وسجّل عجزاً بـ36 مليار دولار منذ عام 1992 حتى اليوم. كما يلفت المتحدّث الى أنّ هذا الملف الذي شهد أكبر صفقات مالية يجب أن يتصدّر سلّم الأولويات والإصلاحات المفيدة في الاقتصاد. يجب أن ننتقل الى مرحلة يُصبح فيها ملف الكهرباء مفيداً للاقتصاد اللبناني بحيث نعمل على تخفيض العجز ونحوّل هذا القطاع الى انتاجي.

 

إصلاح القطاع الكهربائي انطلاقة للإصلاح في لبنان

 

وفيما يلفت ناصر الدين الى أنّ كلفة تغطية عجز الكهرباء في لبنان تبلغ مليار و400 مليون دولار سنوياً، يُشدّد على أنّ الإصلاح يبدأ من الانطلاق من تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وتشكيل الهيئة الناظمة. ويُدلل المتحدّث على نقطة مهمة جداً لناحية أنّ تأخذ أي خطوة إصلاحية في الاعتبار سيادة لبنان. ماذا يعني ذلك؟ لا يمكن مثلاً التعامل مع الشركات الأميركية -وكلنا نعلم أنها تطمح للتعامل مع لبنان في هذا الملف- لا يمكن التعامل معها وهي التي تفرض عقوبات اقتصادية على بلدنا. بالنسبة اليه، فإنّ الإصلاح الاقتصادي هو اصلاح مقرون بالسيادة والاستقلالية التي يجب الحفاظ عليها. وبالتالي فإنّ التعاون مع هذا النوع من الشركات، هو تعاون يطرح الكثير من علامات الاستفهام عن الثمن الذي سيقدّم في المقابل. وهنا يدعو ناصر الدين للتعامل مع الدول التي تقدّم لنا عروضاً مفيدة للاقتصاد اللبناني كالصين والمانيا بعيداً عن الدول التي تسعى لبسط هيمنتها على سياساتنا. 

ويختم حديثه بالإشارة الى أنّ ملف الكهرباء على أهميته يحتاج الى مؤتمر خاص توضع فيه النقاط على الحروف لتنفيذ الإصلاح الحقيقي.

إقرأ المزيد في: خاص العهد