معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

تونس على أعتاب الاستحقاقات الانتخابية
19/08/2019

تونس على أعتاب الاستحقاقات الانتخابية

محمد محمود مرتضى

ثلاثة اسابيع وتنطلق الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية 2019 لتليها الدورة الثانية من بين المتحصلين على المرتبتين الأولى والثانية في الدورة الأولى (ما لم يحصل أحد المرشحين على أغلبية الاصوات).

ولعل السؤال الأهم يتعلق بحظوظ المرشحين المستقلين أمام المرشحين الحزبيين. وما هي انعكاسات انتخاب الرئيس الجديد على تكوين الحكومة المقبلة بناء على نتائج الانتخابات التشريعية وتشكيل ائتلاف حكومي يحظى بأغلبية نيابية تمكّن من الشروع في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الانتقال التنموي الاقتصادي والاجتماعي.

على أنه ينبغي التذكير بأن صلاحيات الرئيس تغيرت منذ  دستور 2014 حيث أصبحت الحكومة ورئيسها هي محور السلطة التنفيذية. على حساب صلاحيات رئيس الدولة الذي خسر الكثر من صلاحياته التي انحصرت تقريبًا بالدفاع والخارجية والأمن القومي، وبعض الصلاحيات الجانبية مثل ترؤس مجلس الوزراء عند مشاركته فيه، وإصدار بعض القوانين في الرائد الرسمي، واختيار أعضاء بعض الهيئات الدستورية واعتباره حارس الدستور وحامي استقلال الدولة.

رغم تقلص صلاحيات رئيس الجمهورية وفق دستور 2014 لكن الرئيس يستطيع أن يلعب دورًا مفصليًا في الحياة السياسية التونسية الوطنية

ورغم تقلص هذه الصلاحيات فان الاهتمام الشعبي بهذه الانتخابات يبقى مرتفعا ربما بسبب القيمة المعنوية للمنصب من جهة، وبواقع الحراك الذي اطاح بزين العابدين بن علي من جهة ثانية.

ومهما يكن من أمر، فإن النقطة الأساس قي هذه الانتخابات هي في وصول رئيس يستطيع الحفاظ على المسار "الديمقراطي" للبلاد منذ سقوط بن علي، وأن يبقى الرئيس المنتخب شخصية جامعة بعيدة عن عقلية الاقصاء والحجر.

اذ رغم تقلص صلاحيات رئيس الجمهورية وفق دستور 2014 لكن الرئيس يستطيع أن يلعب دورًا مفصليًا في الحياة السياسية التونسية الوطنية، وأي صراع تخوضه الحكومة مع الرئاسة سوف ينعكس سلباً على الحياة السياسية في البلاد.

أما على مستوى المرشحين، وبعيدًا عن الأسماء المطروحة، فمن المرجح أن حظوظ أي من المرشحين مستقلين ضعيفة جدًا ما لم نقل أنها شبه منعدمة، الا اذا حصل ذلك ضمن توافق معين بين الأحزاب الرئيسية في البلاد.

وعلى مستوى المرشحين الحزبيين، فإن الصراعات التي كانت تعصف بنداء تونس لا شك أنها تفاقمت بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، ومن المرجح أن تتفاقم اكثر، خاصة مع الخلافات التي تعصف حول اداء ابن الرئيس المتوفي حافز قائد السبسي، ما أدى الى تراجع حظوظ مرشح نداء تونس والتي من الواضح انها غير قادرة على ايصال شخص الى كرسي الرئاسة. ولئن كانت شخصية الرئيس الراحل تسمح له بصياغة تحالفات مع حركة النهضة، وهذا ما حصل بالفعل، فان هذه التفاهمات كانت قد تعرضت لانكاسات في حياته، فكيف بعد وفاته، لا سيما ان شخصيات النداء غير متفقة على قيادة موحدة لها فكيف يمكن ان تخوض سباقا رئاسيا تتعلق لقيادة البلاد. على أن الصراعات التي عصفت بنداء تونس ربما ادى الى ارتفاع اسهم تيار جديد هو "تحيا تونس" والذي رشح رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد.

صحيح أن باب الترشحات قد أقفل الا أن ذلك لا يعني عدم انسحاب أحد المرشحين في اللحظة الأخيرة لصالح مرشح آخر

في المقابل، فإن حركة النهضة التي يتزعمها رشاد الغنوشي تبدو أكثر تماسكًا من غيرها. صحيح أن الانتخابات البلدية التي جرت، أظهرت تراجعًا الى حد ما في اقبال الناخبين "النهضويين"، الا أن الجميع يدرك أن معايير الانتخابات الجهوية والبلدية تختلف عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية، من هنا تبدو حظوظ عبد الفتاح مورو، رئيس البرلمان المؤقت ومرشح الحركة لرئاسة الجمهورية مرتفعة نسبيًا.

وعلى أي حال، يمكن اختصار أبرز المرشحين، بحسب ما استقرت عليه الترشيحات وقبول طلباتهم هم:

رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد والذي ترشح عن حزب "تحيا تونس"، ورئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو الذي رشحته "حركة النهضة"، والرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي. وكذلك وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي مدعوما من حزب "نداء تونس" والذي تردد كثيرا على لسان القائد السبسي قبل وفاته أنه المرشحين البارزين لخلافته.

وليس من المغامرة أن نقول ان مرشح النهضة هو الاوفر حظا لأسباب عدة اهمها طبيعة الشريحة الناخبة للحركة، وهي شريحة متماسكة الى حد بعيد، فيما الأسماء الأخرى تتداخل فيها قاعدتهم الشعبية. وما لم تحصل تكتلات وتحالفات وائتلافات، من المستبعد أن يستطيع أي حزب آخر ( غير النهضة) من ايصال مرشحه الى الرئاسة.

صحيح أن باب الترشحات قد أقفل، الا أن ذلك لا يعني عدم انسحاب أحد المرشحين في اللحظة الأخيرة لصالح مرشح آخر، لا سيما ان الانتخابات الرئاسية التي ستجري الشهر المقبل ( ايلول /سبتمبر) ستعقبها الانتخابات التشريعية في شهر تشرين أول /اكتوبر المقبل، ما يعني أن التحالفات التي ستجري ستكون أبعد تحالف للانتخابات الرئاسية لتطال أيضًا الانتخابات التشريعية والتي ستكون الفيصل في تحديد طبيعة الحكومة المقبلة وتركيبتها.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات