إنا على العهد

آراء وتحليلات

هل تنتهي الحرب في أوكرانيا قريباً؟ وكيف تم ربطها بملفات الشرق الأوسط؟
07/03/2025

هل تنتهي الحرب في أوكرانيا قريباً؟ وكيف تم ربطها بملفات الشرق الأوسط؟

في الوقت الذي كان الأميركيون يشكلون رأس السهم في حشد القوى والجهود ضد الروس، في حربهم مع أوكرانيا وفي غيرها، تحولوا فجأة في مسار إستراتيجي تقريباً معاكس بشكل كامل، وها هم، ومن خلال تصريحات صادمة للرئيس ترامب، يتجاوزن الروس بأشواط في تحميل الأوكران وزيلنسكي تحديدًا، ومعهم الأوروبيون، المسؤولية عن هذه الحرب، وذهبوا بعيدًا في تكويعة غريبة، إلى وضع الروس والرئيس بوتين شخصيًا، في موقع الضحية الذي تم استدراجه عنوة إلى هذه الحرب، بعد أن استنفد كل الخيارات واضطر لتنفيذ هجوم استباقي، وليذهب الرئيس ترامب أبعد بكثير في وضع الإدارة السابقة والرئيس السابق بايدن، في موقع المتهم الأول الذي أرغم الرئيس بوتين على تجرع كأس هذه الحرب.

 فلماذا انقلبت الأدوار هكذا رأسًا على عقب؟ وما المعطيات التي أسست لهذه الوضعية المستجدة على صعيد الصراع الروسي الأطلسي؟ وأي ارتباط لملفات الشرق الأوسط في فرض هذا التغيير الإستراتيجي الدراماتيكي في الموقف الأميركي من الروس ومن الأوروبيين؟

بداية، هناك من يقول إن لشخصية الرئيس ترامب " الخاصة " دوراً أساسياً في التغيير الدراماتيكي لنظرة وموقف الإدارة الأميركية من الروس، وربما كان هذا الأمر صحيحاً إلى حد ما، وهناك من يقول أيضاً إن للدينامية اللافتة التي أظهرها أيلون ماسك في مقاربة وإدارة السلطة بشكل مختلف بالكامل عن المقاربات التقليدية لهذه الإدارة، والتركيز على البعد المالي والاقتصادي فقط، دوراً فاعلاً في إحداث هذا التغيير أيضًا،  ولكن، واستنادا إلى ما هو معروف تاريخيًا عن قدرة الدولة العميقة في الولايات المتحدة، على التأثير الأكبر في توجيه  ملفات الإدارة الأكثر حساسية، داخل البلاد وخارجها، لا يمكن إلا ربط هذا التغيير المفاجىء بمعطيات واقعية، وأهمها الثبات العسكري الروسي رغم الكم الهائل من الدعم الغربي لأوكرانيا، وهذه المعطيات استطاعت أن تفرض نفسها بقوة، لتكون النتيجة ما يعيشه العالم اليوم من صدمة الانحراف الأميركي بالكامل، وتحديداً في ما خص الحرب في أوكرانيا، من خصم شرس للروس إلى مهادن متفهم، وشبه حامٍ ومدافع عنهم.

عمليًا، وفي متابعة للملفات الدولية والإقليمية الأكثر حرارة اليوم، يمكن استنتاج وجود ارتباط وثيق بينها وبين مسار الحرب في أوكرانيا، وأهم هذه الملفات، ملف القضية الفلسطينية والحرب "الإسرائيلية" على غزة وعلى الضفة الغربية،  وملف الحرب "الإسرائيلية" على لبنان وعلى حزب الله، وكيف أُطلِقت يد كيان الاحتلال، في جرائم قتل واغتيالات وتدمير وتجاوز فاضح للقوانين الدولية وللاتفاقات التي طالما رعت هذه الساحات، بغض نظر روسي إذا لم يكن بتسهيل، حيث غاب التأثير الروسي الذي كان دائمًا مشاكسًا وبقوة لسياسة واشنطن الداعمة  للعدو "الإسرائيلي". 

لنعود أيضًا إلى ملف التغيير الدراماتيكي الذي حصل في سورية، والذي أخرج الرئيس بشار الأسد من السلطة ومن البلاد بسحر ساحر، تحت أعين الروس الذين كانوا قد دفعوا على مدار أكثر من عشر سنوات، الكثير من الجهود ومن القدرات والإمكانيات والمواقف الحساسة المكلفة، في سبيل حماية هذا النظام، والذي كان قد منحهم فرصة ذهبية للتمركز على مياه المتوسط الدافئة. 

ولكي تكتمل مناورة الربط بين ملفات الشرق الأوسط وبين إعطاء روسيا هدية الانتصار في أوكرانيا، بمعزل عن تفاصيل الصفقات التجارية الضخمة التي تُحضّر لشراكة أميركية روسية تقوم على تقاسم نسبة كبيرة من ثروات أراضي شرق أوكرانيا، والتي كانت دائماً أعين واشنطن وروسيا وأوروبا عليها، جاء إعلان روسيا الصادم، باستعدادها للعب دور الوساطة في موضوع الاشتباك الاستثنائي المفتوح دائمًا بين واشنطن وطهران حول الملف النووي الإيراني، ولتستغل موسكو كما يبدو، الثقة الإيرانية بالرئيس بوتين، في خدمة إيجاد حل نهائي وحاسم للملف الأكثر حساسية وخطرًا وأهمية بالنسبة للغرب وللشرق، الملف النووي الإيراني.

روسياالولايات المتحدة الأميركيةاوكرانيا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل