إنا على العهد

آراء وتحليلات

نحن لسنا في العام 1982 ... والمشروع الأميركي "الإسرائيلي" في لبنان لن يمر 
17/02/2025

نحن لسنا في العام 1982 ... والمشروع الأميركي "الإسرائيلي" في لبنان لن يمر 

بناء على ما نشهده من تعاطي بعض الدولة والقوى السياسية في لبنان، يبدو أنهم ينطلقون من فرضية أن المقاومة هزمت وأنه بات بمقدورهم فرض معادلات سياسية بناء على توازنات قوى جديدة في البلاد. لكن السؤال يبقى ما إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، وبالتالي كيف سيتطور المسار السياسي وإلام ستؤول الأمور؟ 

يجب التنبيه أولاً إلى أن المقاومة، وعلى الرغم من الخسائر والتضحيات التي منيت بها، فإنها صمدت في الميدان ومنعت العدو من تحقيق هدفه باحتلال منطقة جنوب الليطاني. لكن الأحداث التي وقعت في سورية وسقوط النظام فيها واستيلاء الجماعات المسلحة على السلطة قد قلب المعادلات الإقليمية وحرم المقاومة في لبنان من دعامة رئيسية كانت سندًا لها في السابق في مواجهة "إسرائيل". في الوقت نفسه فإن هذا التحول فتح جبهة جديدة ضد المقاومة تمثلت في الهجمات التي قامت بها الجماعات السورية المسلحة على عدد من المناطق الحدودية في منطقة شرق وشمال لبنان ما زاد من الضغط السياسي عليها. 

على الصعيد الداخلي اللبناني، فإن الثنائي الشيعي الذي حاول احتواء الهجمة الأميركية السعودية، مستفيدة من انهيار النظام السوري، عبر قبوله بانتخاب العماد جوزف عون رئيسًا للجمهورية من ضمن شروط، بما فيها أن يتولى الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة الأولى في العهد حتى إجراء الانتخابات النيابية في العام 2026، وجد نفسه أمام انقلاب تمثل بتسمية عدد من القوى السياسية لنواف سلام رئيسًا للحكومة بناء على تعليمات وردت من السفارتين الأميركية والسعودية. والجدير ذكره أن اختيار نواف سلام جاء بناء على مساره السياسي المعادي للثنائي الشيعي ولمحور المقاومة. 

كل هذا وضع المقاومة في لبنان أمام ضغط تمارسه "إسرائيل" عبر مواصلتها لهجماتها ضد قياديين في المقاومة بالتوازي مع مواصلتها أعمال التدمير في القرى الحدودية في الجنوب، إضافة إلى حصار مضروب عليها من سورية بالتوازي مع تفعيل جبهة جديدة ضدها، وضغوط أميركية سعودية تمارس على الحكم الجديد في لبنان لمحاصرة المقاومة داخليًا يقوم بتطبيقها جزء من الحكم الجديد إضافة الى قوى سياسية تحاول تصفية حسابات قديمة في البلاد. 

قد تبدو الصورة قاتمة بالقدر نفسه الذي بدت عليه الصورة في العام 1982 خصوصاً أنه في العام 1982 كانت سورية ومن خلفها الاتحاد السوفياتي لا يزالان لاعبين رئيسيين في مواجهة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إلا أن هنالك ما يدعو للأمل في جملة عوامل، أولها أن المقاومة اليوم وعلى الرغم من الضربات التي تلقتها، ما زالت أقوى بمئات الأضعاف مما كانت عليه في العام 1982، عدا عن الالتفاف الشعبي حولها، والذي غدا أكبر بكثير مما كان عليه آنذاك. كذلك فإنه خلافًا للعام 1982، فإن "إسرائيل" ليست محتلة لأراض لبنانية شاسعة كما كان عليه الوضع في العام 1982، كما أنها لا تمتلك جيشًا من العملاء يشكل حاجزًا بينها وبين المقاومة. 

ناهيك عن أن حضور المقاومة في السياسة اللبنانية كان شبه معدوم في العام 1982 في حين أن المقاومة وحلفاءها يشكلون اليوم جزءًا أصيلًا من الدولة، يمكن أن يمنع انقلابها كلياً ضدها. وإذا كانت سورية الداعمة الرئيسية للمقاومة في العام 1982 غائبة عن دورها اليوم، فإن الوضع قد لا يستمر على حاله في دمشق في ظل التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ فيها، فيما باتت إيران قوة إقليمية عظمى يمكنها أن تعوض غياب دمشق على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها طهران من قبل الولايات المتحدة و"إسرائيل". ويبقى أن نذكر أن الولايات المتحدة التي كانت قوة تتجه للنصر في الحرب الباردة في العام 1982، تجد نفسها أمام سلسلة أزمات داخلية وتحديات دولية قد تحد من قدرتها على ممارسة الضغوط طويلاً على لبنان. 

كل هذا يجعلنا نعتقد، أنه إذا كانت المقاومة قد استطاعت قلب الموازين في العام 1982 رغم قلة حيلتها آنذاك بالمقارنة مع قوتها اليوم، فإن المقاومة قادرة على قلب الموازين ومنع وعرقلة الأجندات التي تستهدف لبنان لصالح العدو "الإسرائيلي".

المقاومة الإسلاميةالولايات المتحدة الأميركية

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة