آراء وتحليلات
الشراكة الإستراتيجية الإيرانية الروسية ردًا على نوايا "إسرائيل" والولايات المتحدة العدوانية
قبل شهر تلقت روسيا وإيران ضربة إستراتيجية قاسية، تمثلت بانهيار النظام السوري الذي كان يشكل حليفًا إستراتيجياً لكل من موسكو وطهران ويؤمن لهما حماية نفسَيهما من الخاصرة الجنوبية بالنسبة لروسيا ومن الغرب بالنسبة لإيران.
هذا الحدث اعتبره البعض نصراً إستراتيجياً بالنسبة لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة في حربهما ضد محور المقاومة، وشكل مقدمة لتعزيز الحديث عن ضربة توجهها الولايات المتحدة و"إسرائيل" لإيران.
وبمعزل عن مدى واقعية هذا الحديث في ظل القدرات العسكرية الكبيرة لإيران وقدرتها على الرد على مصالح حيوية بالنسبة للولايات، فإن هذا الاحتمال يبقى قائمًا ما يمكن أن يشكل ضربة قاصمة بالنسبة لروسيا في حال حدث ذلك، إذ من شأنه أن يكشف الجبهة الجنوبية لروسيا ويجعل الولايات المتحدة قادرة على التغلغل في وسط آسيا بالتعاون مع حليفتها تركيا التي خدعت روسيا وحققت نصراً إستراتيجياً في سورية، ما قد يحفزها على مزيد من المغامرات.
من هنا يمكن فهم ما أقدمت عليه موسكو وطهران يوم الجمعة في 17 كانون الثاني يناير، عبر توقيع اتفاقية إستراتيجية لتعزيز التعاون العسكري بينهما. ففي زيارة قام بها الرئيس الإيراني مسعود بزشيكيان إلى موسكو وقع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين معاهدة "شراكة إستراتيجية" مدتها 20 عامًا للتعاون في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة والتجارة.
وفي إطار هذه المعاهدة، تعهدت روسيا وإيران بالتشاور والتعاون للتعامل مع التهديدات العسكرية والأمنية، إضافة إلى إقامة التدريبات العسكرية المشتركة بين قواتهما العسكرية، كما اتفقتا على عدم السماح باستخدام أراضيهما لأعمال تهدد الطرف الآخر.
وقد اعتبر الرئيس الإيراني أن الاتفاق يشكل فصلاً جديدًا في العلاقات بين روسيا وإيران خصوصًا أنه سيعزز أيضاً التعاون بين البلدين في مجال الطاقة في ظل الحرب الاقتصادية التي تشنها الدول الغربية ضد البلدين. في هذا الإطار سيتم مد خط أنبوب غاز من روسيا إلى إيران عبر آذربيجان وفقاً لما ذكره وزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيلي، على أن ينقل هذا الأنبوب نحو 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى إيران وفق ما أكده الرئيس الروسي. ومن شأن هذا أن يساعد روسيا على بيع نفطها وغازها لعملاء جدد، بعدما خفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير وارداته من الغاز الروسي. كما أن من شأن ذلك أن يعزز من مركز إيران المحوري كرائد لتوريد الغاز إلى السوق العالمية.
أما النقطة الأهم في الاتفاق فتكمن في توجه روسيا لبناء محطات طاقة نووية في إيران، وهو ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الإيراني. وهنا، وإذا كانت نية الولايات المتحدة و"إسرائيل" توجيه ضربة لطهران لإبقاء "تل أبيب" القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، فإن من شأن بناء روسيا لمحطات نووية في إيران أن يجوف المخططات "الإسرائيلية" الأميركية ضد إيران. كذلك فإن من شأن ذلك أن يضمن أن تبقى إيران قوة نووية سلمية مع اكتسابها منعة إستراتيجية ضد أي ضربة "إسرائيلية" أميركية محتملة.
روسياالولايات المتحدة الأميركيةالحكومة الاسرائيليةايران
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
20/01/2025