آراء وتحليلات
لبنان جديد ينتظره شعبه على أمل أن يتحقق
يقدم المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات "اليونيفيل" ورئيس المحكمة العسكرية سابقًا في مقاله لهذا الأسبوع قراءة في التحديات التي تنتظر الحكومة الجديدة المرتقب تشكلها في بلدٍ مهترءٍ يعاني أمنياً وإقتصادياً وإجتماعياً منذ سنوات، وذلك على صعيد الانسحاب "الاسرائيلي" وإيقاف خروقاته، والاستراتيجية الدفاعية وتطبيق الطائف، وإعادة تكوين السلطة والأجهزة الأمنية، وإقرار قانون انتخابي عصري.
أحداث متسارعة في المنطقة تتسابق قبل استلام الرئيس دونالد ترامب سدة الرئاسة في العشرين من الشهر الحالي .
وكأن تهديده منذ فترة بالإفراج عن الأسرى "الإسرائيليين" في غزة تحت طائلة الويل والثبور، كان فعلاً "عصا سحرية" حققت الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل".
كما كان الضغط الأميركي والخليجي قد أجبر لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى فرض رئيس حكومة من خارج الاتفاقات التي تمت في الكواليس. كل هذا بعد سقوط نظام بشار الأسد، الحدث الذي سيغير وجه المنطقة.
تحديات كثيرة وعظيمة ستواجه العهد الجديد في لبنان، بدءًا بانسحاب الجيش "الإسرائيلي" ضمن المهلة المحددة في الاتفاقية التي عقدت بين لبنان و"إسرائيل"، إلى وقف الخروقات التي لم يتوقف عنها الجيش "الإسرائيلي"، لتبدأ عملية إعادة إعمار ما تهدم خلال هذه الحرب.
فتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن هو ضرورة قصوى وملحة، خاصة بعدما أعطيت تطمينات للثنائي الشيعي بددت هواجسهما.
المطلوب من هذه الحكومة أن تكون فاعلة ومؤلفة من وزراء أكْفاء و نظيفي الكف، لكي تكون جاهزة لانطلاقة سريعة لهذا العهد بعد أن أظهرت عدة دول استعدادها للمساعدة في المجالات كافة.
كما من المطلوب أن يكون كل الفرقاء على قدر كبير من المسؤولية، لتهدئة الشارع بعد أن وصلت الأمور إلى حد تشكيل خطر على السلم الأهلي وفتنة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
تضافر الجهود واجب وطني في هذه المرحلة التي ييدو فيها أن المجتمع الدولي يعطي اهتماماً كبيراً للشأن اللبناني، فعلينا استغلال ذلك لإعادة تكوين السلطة في لبنان والإتيان بعقولٍ متطورة وأيدٍ نظيفة وكفوءة لإعادة تسيير عجلة الدولة التي تهلهلت مؤسساتها.
يجب البدء بتكوين السلطة القضائية لتكون مستقلة وغير مرتهنة ونزيهة وصارمة لمحاسبة كل مرتكب مهما علا شأنه والتركيز على الفاسدين لمحاكمتمهم و مصادرة أموالهم، لنصل إلى تأمين إعادة أموال المودعين التي نهبت خلال هذه الفترة.
كما المطلوب تعيين قادة للأجهزة الأمنية من الضباط الأكفاء ذوي السيرة الحسنة وذلك لإعادة تفعيل دور كل واحد منها، ليقوم بواجبه على أكمل وجه ضمن القوانين المرعية الإجراء.
على الحكومة الجديدة أن تنكب على دراسة قانون انتخابي جديد عصري بدوائر انتخابية كبرى والابتعاد عن الدوائر الصغرى وإذا أمكن جعل لبنان كله دائرة واحدة لإنتاج مجلس نيابي وطني وليس طائفياً.
كما على هذه الحكومة البدء بتنفيذ إتفاق الطائف بكل مندرجاته والتركيز على إلغاء الطائفية السياسية، سوسة و مرض هذا النظام.
على هذه الحكومة الشروع بدراسة إستراتيجية دفاعية للإستفادة من قدرات المقاومة ليكون لبنان قادراً على الوقوف بوجه اطماع و عدوانية "إسرائيل" التي ثبت أنها لا تلتزم لا بقوانين و لا قرارات ولا إتفاقات دولية.
على هذه الحكومة فتح باب التواصل مع السلطة السورية الجديدة لتكون العلاقة بين البلدين علاقة ندية من دولة إلى دولة و لتأمين إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم في أسرع وقت ممكن.
مواضيع ملحة كثيرة تنتظر هذه الحكومة الجديدة في بلدٍ مهترءٍ يعاني أمنياً وإقتصادياً وإجتماعياً منذ سنوات. فالمطلوب منها التنسيق مع الدول العظمى لرفع الحظر عن لبنان على كافة الصعد ليتمكن من التنفس بعد مخاض طويل عانى فيها شعبه.
الوعي والحكمة و التحلي بالمسؤولية، مطلوبة من كل الفرقاء اللبنانيين لتأمين الدعم اللازم لهذه الحكومة لتقوم بدورها لإعادة بناء لبنان ومؤسساته لنلحق بركب التطور الذي إنتشر في محيطنا وقد تخلفنا عنه بسبب النزاعات المتواصلة منذ عقود.
نحن بلد يستحق الحياة، أبناؤه جديرون بأن يكون لهم وطنٌ متطورٌ قادرٌ وعادلٌ. أبناؤه المنتشرون في كل انحاء العالم ساهموا في تطور كل بلد وطأت أقدامهم فيه.
لبنان الإغتراب يجب ان يشكل رافعة للوطن الأم، كما وحق المغتربين أن يعودوا إلى وطنهم و الإستثمار فيه على كافة الصعد.
آن الأوان لكي نورث لأبنائنا وأحفادنا بلداً مستقراً متطوراً يؤمن لهم العيش الكريم.
الحكومة اللبنانيةالجيش الاسرائيليالطائفجوزاف عون
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
20/01/2025