آراء وتحليلات
كيف تُفهم رسالة "عماد 4" عسكريًا؟
وانت تشاهد العرض الأول من فيديو "جبالنا خزائننا" لحزب الله، تتخيّل للوهلة الأولى، أنك تقف على مفترق الطرق السريعة الحدودية بين أميركا والمكسيك، أو أنك على مفترق الطرق الجبلية الحدودية بين باكستان وأفغانستان وطاجيكستان، وبعد أن تبدأ الآليات المحمّلة بقواعد صواريخ جديدة وغير مألوفة ومن العيار الثقيل، التحرك بمواكبة رتل من الدراجات النارية المحببة المنظر لمن كانت له الفرصة يومًا أن يتعرف على هوية راكبيها، يتبين لك لاحقًا، أنك تشاهد منشأة عسكرية تحت أرضية، للمقاومة في لبنان، من المؤكد أنه يستحيل على أيٍّ كان ممن يدعون معرفة جغرافية لبنان، تحديد المنطقة التي تقع فيها هذه المنشأة.
صحيح أننا نتكلم عن فيديو قصير لا يتجاوز الدقائق الخمس، ولكنه يحمل في مضمونه، حزمة كبيرة من الرسائل، عمرها عشرات السنوات من التخطيط والتنفيذ والتجهيز، ومداها وتأثيرها يمكن أن يمتد إلى مستويات متقدمة جدًا في الجغرافيا وفي التكتيك وفي الإستراتيجيا.
أولى هذه الرسائل تكمن في اسم المنشأة: "عماد4"، حيث يستنتج منه فورًا أن هناك على الأقل ثلاث منشآت غيرها، 1و 2و3، مع احتمال وجود الخامسة والسادسة...إلخ، وتعداد المنشآت هذا، مرده إلى أن من خطط لبناء المنشأة إياها، لديه حتمًا تفكير إستراتيجي بضرورة بناء وتجهيز أكثر من بديل لها، وفي أكثر من منطقة، ولمروحة واسعة من الأهداف، تتراوح مسافاتها بين القريب والمتوسط والبعيد، وحيث يحتاج كل هدف من هذه الأهداف لنموذج معين من الصواريخ أو المسيرات مختلف عمّا يحتاجه الهدف الآخر، تتوزع هذه الأهداف أيضًا، بين ما هو مخصص لاشتباك مماثل للاشتباك الدائر اليوم في معركة إسناد غزة، وبين ما هو مخصص لمواجهة بمستوى متوسط أو بمستوى أوسع.
ثاني هذه الرسائل هي رسالة الردع دفاعيًا، ففي الوقت الذي لم يكن العدو بعيدًا عن معرفة قدرة الردع الهجومية لدى حزب الله بامتلاكه أسلحة صاروخية دقيقة ونوعية وبعيدة المدى، أدخل الأخير عبر عرض منشأة "عماد4"، مستوى جديداً من الردع الدفاعي بإظهار نموذج معين عن بنية دفاعية استثنائية، صالحة لإدارة مواجهة طويلة ومتواصلة، تتوزع من خلالها عشرات المنشآت المماثلة على جغرافيا واسعة ومعقدة، وتحضن بنى عسكرية مختلفة، من التصنيع إلى التخزين إلى التدريب إلى إطلاق الصواريخ، والأهم أنها محمية ومحصنة ضد أكثر صواريخ وقنابل العدو تدميرًا وفتكًا؛ وهو ما سوف يعقد الأمر على الأخير، فيما لو قرر متابعة العدوان وتوسيعه بعد رد حزب الله المرتقب على اغتيال القائد الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأخيرًا، من الواضح أن منشأة "عماد4" تحمل أيضًا أكثر من رسالة أخرى، وأهمها التوقيت الحساس، إذ تجري حاليًا محاولة جدية من المفاوضات، تحتاج فيها المقاومة الفلسطينية -بالرغم من عدم مشاركتها المباشرة- إلى نقاط دعم ومساندة بمواجهة التعنت "الإسرائيلي"، فتأتي قدرات وإمكانيات منشآت حزب الله العسكرية كـ"عماد4"، لتقدم لهذه المقاومة سندًا قويًا، سيكون أساسيًا في دعم موقفها وموقعها ومستقبلها.
حزب اللهالإعلام الحربيعماد مغنيةالمقاومةالأنفاق
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
19/11/2024