آراء وتحليلات
"مذبحة الفجر" إمعان صهيوني في القتل واستعجال للرد
جريمة تلو أخرى ومذبحة أكبر وأبشع من سابقاتها، على هذا النحو تستمر متوالية القتل الصهيونية في قطاع غزة بحق المدنيين والنازحين من نساء وأطفال منذ ما يزيد عن عشرة أشهر.
القتل من أجل القتل وتدمير شامل يطال كل شيء في قطاع غزة بهدف تهجير الشعب الفلسطيني وإخضاع مجاهديه للإملاءات والشروط التفاوضية الصهيونية المذلة والمخزية.
وفي حين تلوذ الحكومات العربية والإسلامية بصمت القبور من أحداث غزة الدامية، أضاف جيش العدو مجزرة مروعة بحق النازحين في مدرسة "التابعين" بحي الدرج، لسجله الدموي، والحصيلة أكثر من مئة شهيد وعشرات الجرحى، بذريعة جاهزة ومقولبة كما جرت العادة "المجمع المستهدف كان بمثابة مقر إرهابي فعال لحماس والجهاد الإسلامي".
لا وجود لأي مسلح في المدرسة المستهدفة، باستثناء النساء والأطفال وكبار السن. العدو يعرف هذه الحقيقة كما يعرفها المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزة تحت الضغط الأمريكي والغربي.
"مجزرة الفجر" هي فصل جديد من فصول جرائم العدو التي طالت المستشفيات والمدارس والجامعات ومراكز إيواء النازحين والمساجد، وهذه المجازر لا تعبر عن الوحشية الصهيونية ونزعة اليهود الحاقدة وحسب بل وموت الضمير العربي، والإنساني، في زمن تجلى فيه بكل وضوح اختلال ميزان العدالة.
في الموقف الفلسطيني، سفك المزيد من الدماء لن يثني المقاومة عن مواصلة الجهاد حتى استعادة الأرض وكامل الحقوق، والدماء لن تذهب هدراً بل تؤسس إن شاء الله لزوال الكيان وانتصار قضية الأمة العادلة والمحقة.
وفي التوقيت الجريمة الوحشية تزامنت مع البيان القطري المصري الأمريكي الذي يتحدث عن مفاوضات قريبة ويحث حماس وكيان العدو على إبرام اتفاق يضمن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، ما يظهر أن حكومة نتنياهو تعمدت إرسال رسالة بالحديد والنار للعالم أجمع تؤكد رفضها لمسار السلام وتحديها للقرارات الدولية والإنسانية ومواصلة الحرب دون هوادة، مستندة إلى الغطاء الأمريكي ودعمه المالي والعسكري اللا محدود.
العرب، المطبعون منهم على وجه الخصوص، لمن يسأل عن مواقفهم وحميتهم فقد ماتت ضمائرهم، مع الأسف في الوقت الذي سمحوا لحكوماتهم عقد "اتفاقات التطبيع" مع عدو الأمة، والمشاهد المأساوية "لجريمة الفجر" والجثث المتفحمة والأشلاء المتقطعة لن تحرك فيهم ساكنًا، إلا من يرفض الخنوع، ويندد بالتخاذل ويتحرك في إطار جبهة المقاومة للثأر والانتقام ووضع حد لتوحش الصهاينة وتآمر الغرب الكافر بقيادة أميركا.
العدو الإسرائيلي بجرائمه المتكررة التي ترتعد لهولها الضمائر الحية، هو لا يعجل بزواله ويرسم ملامح السقوط الحتمي له بل يعجل في هذه المرة من الرد المرتقب لجبهة المقاومة، من إيران إلى لبنان واليمن رداً على جرائمه واستخفافه بالقرارات الدولية والإنسانية.
انتظار الرد منهك، والحسابات والمخاوف من العواقب أدخلت الكيان في حالة إرباك غير مسبوقة لا سيما مع عدم القدرة على التنبؤ بحجم الرد ولا زمانه ومكانه، وهل سيكون رداً ثلاثي الأبعاد أم رداً متفرقًا ما جعل مختلف الأوساط الصهيونية تعيش في دائرة لا تنتهي من الهواجس والتكهنات، ليزداد معها قلق المستوطنين ورعبهم.
وباستثناء عرب التطبيع فالمخاوف من فتور جاهزية القوات الأميركية والغربية في المنطقة لا تزال قائمة، لأن أي تراخٍ في الأحزمة الدفاعية من الطوق المحيط بالكيان في الأراضي المحتلة قد يكلف العدو ثمناً باهظاً في أمنه واقتصاده، والجهوزية مطلوبة لرصد واعتراض القدرات الإيرانية، واليمنية، بمستوياتها المختلفة، وعمليات حزب الله وما يمكن أن تحققه في معادلة الردع.
الانتهاكات والاستفزازات "الإسرائيلية" هي بمثابة الحافز والدافع لتقوية جبهة المقاومة وزيادة حجم التنسيق بما يضمن إسناد غزة ويعزز موقف مقاومتها الباسلة والرد آت لا محالة والمسألة تكتيكية بحتة، كما أشار السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لأن المطلوب التأثير في العدو واختراق استعداداته.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024