آراء وتحليلات
إيران.. من يهدّد الأمن القومي العربي؟
خالد رزق - نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار المصرية
عندما تكون عربياً وترى في دعم إيران للمقاومة اللبنانية خطأ أو تهديدًا فلا بدّ وأنك تعاني مشاكل تتجاوز حدود الفهم و الرؤية إلى حدود الهوية، ولابّد أن تكون الأخيرة عندك ممسوخة مشوهة مطموسة المعالم، وعندما تدعي بأن تعاونها الرسمي مع الدولة السورية وهي السلطة الشرعية في مواجهة جماعات الدواعش ومن على شاكلتهم هو تدخل في شؤون بلد عربي وأنت الذي إن لم تشارك بجلب الدواعش إلى هذا البلد المكلوم، فإنك بذلك مشارك بالتدليس و بالصمت عن الحق وعلى خيانة وإجرام من دمروا الوطن السوري.
إيران وأقولها وأنا المصري العربي وانتماءاتي المحلية والأممية هذه تسبق عندي كل انتماء آخر، ما كانت أبدًا منذ قيام ثورتها وإلى اليوم ولا هي ستكون مصدر التهديد لبلاد العرب و لا كانت و لن تكون من تجلب و تغرس جيوش أجنبية معادية بأراضينا.
ماذا فعلت إيران إذا لنشترك في مساعي سلبها استقلالها الوطني وهدم تقدمها .. ماذا فعلت لنعلن لها الكراهية ونتحيّن الفرص لهدم قوتها ووأد أحلام و آمال شعبها ؟؟
إيران التي وعلى مدى 40 عاما كاملة تعاني حصارا دوليا بمؤازرة عربية.. عرفت منذ ثورتها قيمة حرية الأوطان، وسبيلها الوحيد هو امتلاك القدرة والقوة وصولا إلى السيادة الوطنية الحقة في عالم مجحف ظالم و محيط و بلا ـ مبرر ـ عدواني تجاه الأحرار.
على طريق نهضتها، بنت إيران قوتها الاقتصادية و العسكرية ووطنت تكنولوجيا التصنيع، هي إيران فعلت كل هذا تتحدى به الحصار والظلم و محاولات الهدم المستمرة التي بلغت حد محاربتها 8 سنوات كاملة استنزفت فيها هي والعراق بشريا واقتصاديًا، ولست اليوم أكتب لتحليل الحرب العراقية الإيرانية لماذا و كيف بدأت و إلى ماذا أفضت، لكن أكتب لأوضح أن إيران التي رأت واستوعبت ما جرى لقوة عربية كانت ندا لها واتفقت وإياها مبدئيا في شأن رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وبأي ادعاء بحقوق له .. ليس ممكنا لها أن تتنازل عن بناء القوة.
رأت إيران كيف دُمّر وقُسّم العراق وشُرّد شعبه واستوطنته جماعات التكفير وسفك الدماء واستوعبت أن مصيرا كمصير العراق هو ما يريده الغرب المتصهين لها، ولهذا كان طبيعيا أن يتبنى نظامها السياسي الحاكم عملية بناء القوة و امتلاك أسبابها ليكون قادراً على التصدي في مواجهة وجودية يعلم الجميع أن قرارها قد اتخذ وفقط يبقى توقيتها وهذا منذ ما قبل سقوط بغداد بسنوات.
في المسار السياسي، إيران التي فهمت ومبكرا جدا ومع سنوات الحصار أنها فعليا في حالة حرب وراءها الطمع بالثروة والرغبة في حماية الكيان الصهيوني ومنع كل صوت قوي قادر على التأثير في المنطقة، دخلت معترك المواجهة فصارت تبني الداخل و تدعم الأصدقاء المرابطين في المواجهة المباشرة في سورية و لبنان ، وهكذا صارت تبادل العدو التأثير.
لم تخطئ إيران التي تدافع عن نفسها واستقلالها وشرف أمتها في أنها هبطت ساحة الوغى تتصدى و تبادل العدو الطعن و الطعان .. لم تخطئ في أنها وعكس الأغلبية بالمنطقة رفضت الاعتراف بعدو مغتصب ولم تخطئ في دعم من على خط النار يحاربونه، إنما أخطأ ويخطئ حد الإثم ذاك الذي يحارب استقلال إيران و يعاديها من أعراب هذا الزمان والحق أني لا أرى وراء كل هذه الكراهية التي يبثها العربان سببا سوى الخيانة. خيانة صريحة مباشرة مفضوحة التفاصيل لا يسقط إلى مثلها سوى من كانوا أقل من الغلمان و لا يتبجح بالجهر بها على النحو الذي يفعلون سوى من عدموا النخوة والرجولة وأغفهم الحقد على من يرون فيهم رجولة وكرامة وعزة ووفاء تناقض كل ما هم عليه، حتى عن أن يستروا عوراتهم.
الذي لا شك فيه أن آل سعود وغلمان الخليج سلموا الأرض والبحر والسماء ومصائر شعوبهم وأمن المنطقة كلها للأمريكيين وحلفائهم، و إلى ذلك فهم يزحفون تجاه علاقات يتسولونها من الكيان الصهيوني فمن يهدد الأمن القومي العربي؟؟
الإجابة تعرفها الشعوب ويعرفها حكام خانوا وآخرين التحقوا بهم تبعية وخضوعا لسبب أو لآخر، فلا أحد لا أحد على الإطلاق يمكن أن يكون ساذجا أو غبيا إلى حد عدم إدراك ما هو جليّ واضح من حقائق لا لبس فيها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024