آراء وتحليلات
"طوفان الأقصى" وجبهة الإسناد اللبنانية
انطلاقًا من تمسك المقاومة الإسلامية بالثوابت الدينية العقائدية والمبادئ الإنسانية، تحديدًا نصرة الحق والمظلوم على الظالم، ومواجهة الظغيان، فتحت جبهة جنوب لبنان ضدّ العدوّ "الإسرائيلي"، إسنادًا لأهالي قطاع غزّة الذين يتعرضون للإبادة الجماعية، على يد هذا العدو، بتغطيةٍ سياسيةٍ ولوجستيةٍ من الولايات المتحدة الأميركية، وبمباركةٍ دوليةٍ، وصمتٍ عربيٍ مطبقٍ، إن لم يكن أكثر من ذلك، انتقامًا من الغزيين، في إثر عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، ردًا على جرائم العدوّ "الإسرائيلي" المتمادية على مدى 75 عامًا.
لا ريب أن هذا الإنجاز الاستثنائي للمقاومة، دفع الصهاينة إلى الشعور بالخوف على وجود كيانهم الغاصب، لذا استفحلوا في إجرامهم في حق الشعب الفلسطيني. وهنا يحتّم الواجب الأخلاقي والإنساني على أحرار العالم جميعًا نصرة المظلومين في غزّة وسواها، بالسلاح والموقف والكلمة وتنظيم الاحتجاجات وما إلى ذلك. فكيف لمقاومةٍ إسلاميةٍ عقائديةٍ تؤمن بحتمية نهاية الكيان الصهيوني، وتعمل على اقتلاعه من الوجود، أن تخذل الغزيين، وتلتزم "الحياد"، كما يحلو لبعض الأفرقاء على المستوى المحلي والإقليمي والدول قولهي، لإراحة العدوّ "الإسرائيلي"، ليتسنى له الاستفراد بالغزيين والتمادي في إبادتهم، ليس إلا؟!. لكن المقاومة في لبنان الراسخة على العهد، في نصرة المظلومين في العالم منذ بداية انطلاقها في ثمانينيات القرن الفائت، لم تتوان أبدًا عن نصرة المطلومين في قطاع غزة. فهي بذلت وتبذل أغلى التضحيات في هذا السبيل، وتقدم خيرة قادتها وشبابها شهداء لرفع الظلم عن المظلومين، وجلّ هؤلاء الشهداء من أبناء القرى اللبنانية الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة. وقد أثبتت هذه المقاومة بذلك أحقية لبنان بالدفاع الاستباقي، على اعتبار أن العدوّ "الإسرائيلي" أعلن جهارةً في الأيام الأولى من طوفان الإقصى أن "قوات الاحتلال كانت في صدد توجيه ضربة للبنان".
وبكل موضوعيةٍ، لا ريب أن المقاومة تحقق الإنجازات بالنقاط من خلال مواجهة العدو، خصوصًا لجهة نجاحها في اختراق منظومة العدوّ الدفاعية الإلكترونية، ووصول مسيرات المقاومة إلى عمق الأراضي الفلسطينية، وتصوريها مواقع عسكرية للعدو بغاية الدقة، إضف إلى ذلك الدقة أيضًا في إصابة الأهداف المعادية في البر والجو، وتجلى ذلك من خلال إسقاط الطائرات المسيرة المعادية.
ورغم التضحيات الجسام لمشاركة المقاومة الإسلامية في لبنان في الدفاع عن الغزيين، لكن كان لذلك انعكاس إيجابي على الوضع الداخلي اللبناني، تحديدًا لجهة تعزيز صيغة العيش الواحد، فقد أجهزت هذه المشاركة على المحاولات والمؤامرات التي ترمي إلى إشعال الفتنة المذهبية في لبنان على امتداد نحو عقدين من الزمن، وها هي المقاومة اليوم في جنوب لبنان واليمن والعراق، تدعم صمود أهل فلسطين، الأمر الذي لاقى تأييد أحرار العالم عمومًا وغالبية المسلمين خصوصًا، لما لقضية فلسطين من تعمقٍ في وجدانهم، وأثبت محور المقاومة بذلك فاعلية وحدة الساحات في مواجهة العدو.
كذلك أدى "طوفان الأقصى" إلى تحولاتٍ استراتجيةٍ على المستوى العالمي، بعدما نقل تركيز الاهتمامات الدولية، خصوصًا الأميركية، على الأوضاع في المنطقة، بعدما كان تركيز واشنطن على كيفية مواجهة الصين، والحرب مع روسيا في أوكرانيا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024