آراء وتحليلات
هل تغير خطة سموتريتش قناعة السعودية حيال التطبيع؟
المقاطعة لكيان العدوّ والاعتراف الذي يكبر بالدولة الفلسطينية، مكسب إستراتيجي ونتيجة مهمّة من نتائج معركة طوفان الأقصى المباركة والتاريخية، وهذه النتيجة تمثل خسارة كبيرة لهذا الكيان وتعمق أزمته الوجودية وتظهر حالة خطيرة من عدم الاطمئنان على مستقبله في ضوء الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ومجاهديه في غزّة رغم التنكر العربي لأبسط الحقوق الفلسطينية المشروعة.
الأزمة الوجودية "لإسرائيل" بالأساس نشأت مع وجودها منذ عقود خلت، لكنّها اليوم أكثر وضوحًا، وأبعد أثرًا من ذي قبل. والمشكلة ليست طارئة، يمكن معالجتها بالوحشية المفرطة وجرائم حرب الإبادة الجماعية، ولا بالمسارعة إلى عقد صفقات التطبيع ولو كان الهدف "السعودية"، فالأزمة تجر أزمات في الخيارات والتحديات التي تحيط بكيان العدوّ من كلّ جانب، وعلى كلّ الصعد أمنيًا وعسكريًّا واقتصاديًا وسياسيًّا.
في مقابل العدوان الغاشم وجرائمه الوحشية في غزّة، ثمة نهج عدائي آخر يعبر عن نزعة الكيان الحاقدة والمخاوف من الزوال المحتوم. ويتمثل هذا النهج في المخطّط المتسارع لابتلاع الضفّة تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية والسيطرة على المقدسات الإسلامية.
وزير المالية في حكومة العدوّ بتسلئيل سموتريش قال وبكل جرأة ووقاحة إن تفاصيل خطته التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بشأن تعزيز السيطرة على الضفّة الغربية المحتلة وإجهاض أي محاولة لتكون جزءًا من الدولة الفلسطينية لم تكن سرّية، كما جاء في التحقيق وأن ما يفعله واضح ومعلن.
وكتب الوزير اليميني المتطرّف في منشور له على منصة "إكس" إن ما يسمى ""الجمهور الإسرائيلي" بأغلبيته الساحقة يدرك جيّدًا أن إقامة دولة فلسطينية بالضفّة من شأنه أن يعرض وجودنا للخطر".
وتابع "سأحارب بكلّ قوتي خطر إقامة دولة فلسطينية؛ ومن أجل "إسرائيل" ومواطنيها سأواصل عبر صلاحياتي تطوير الاستيطان في الضفّة وتعزيز الأمن".
الخطة لم تكن للاستهلاك الإعلامي لاستعادة ثقة المستوطنين بسلطات العدو، بل سبق الكشف عنها خطوات عملية من خلال نقل بعض صلاحيات جيش العدوّ في الضفّة الغربية إلى موظفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين والعاملين لدى الوزير سموتريتس وفق صحيفة "غارديان" البريطانية.
وبيسارهم ويمينهم المتطرّف، يجمع القادة الصهاينة على قضم أراضي الضفّة الغربية، وحتّى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزّة، وبقاء جيش العدوّ في قلب الحكم في الضفّة مسألة صورية ليسهل ابتلاعها دون أن يتهم أحدًا حكومة العدوّ بالقيام بضمها وهذا ما لفت إليه التسجيل الصوتي للوزير الإسرائيلي وتدركه كثير من دول العالم بما فيها الأنظمة المطبعة التي تقدم إقامة الدولة الفلسطينية كشرط لإتمام صفقة التطبيع.
إنكار قادة العدوّ لحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة دولتهم ولو في حدودها الدنيا حقيقة ساطعة، كسطوع الشمس في كبد السماء، ومع ما أظهرته معركة طوفان الأقصى من تخادم أميركي غربي صهيوني لقتل الشعب الفلسطيني وتصفية قضية الأمة المركزية، يفترض بالأمة العربية والإسلامية والدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ممارسة أقصى الضغوط السياسية لإنهاء الاحتلال ووضع حد للجرائم والانتهاكات الإسرائيلية.
بالنسبة للسعودية، عليها إذا ما أرادت أن تحافظ على الخيط الرفيع بين إسلاميتها كنظام ودورها القائم حاليًا، أولاً: تغيير قناعتها من التطبيع تحت أي عنوان كان، كسراب "حل الدولتين"، والأمر الآخر تقديم كلّ وسائل الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية، وهذا الأمر بعيد المنال فمن يغض الطرف بل ويشارك أقلها بصمته في قتل وجرح عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني لن تحرك ضميره خطة الاستيطان هذه رغم خطورتها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024