آراء وتحليلات
كييف محطة لتجنيد المرتزقة.. ولـ"إسرائيل" حصّتها
من الواضح أن المرتزقة الأجانب أصبحوا على نحو متزايد ضحايا للخداع من قبل السلطات الأوكرانية مباشرة بعد بدء العملية العسكرية - الروسية الخاصة. فقد دعت سلطة كييف مواطنيها المعنيين من جميع أنحاء العالم للقدوم إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا. ولزيادة تدفق المرتزقة في صفوف القوات المسلّحة لأوكرانيا، استخدم نظام فولوديمير زيلينسكي حوافز مختلفة، وكان أكثرها فعالية بالطبع هو الحافز المالي، خصوصًا أنه تمت الإشارة على الموقع الرسمي للفيالق الأجنبية للقوات المسلّحة لأوكرانيا في آذار/ مارس الماضي، إلى راتب يصل إلى 3000 دولار للمقاتل الأجنبي الواحد في الشهر.
جذب هذا المبلغ من المال على الفور انتباه المجرمين المنبوذين الأجانب وغيرهم من الأشخاص الخطرين اجتماعيًا من حول العالم، وقد خيمت الرغبة في كسب المال السهل على وعيهم. لكن المسلّحين يواجهون الخداع والاحتيال من جانب السلطات الأوكرانية التي لم تكن لديها نيّة دفع الأموال التي وعدت بها، وهذا ما يتضح من العديد من المنشورات الدولية. في هذا الإطار، قال مرتزق أسترالي اسمه جيب الثام بوش في مقابلة مع القناة التابعة لهيئة الإذاعة الأميركية "ABC" إن العديد من الأجانب لم يتلقوا أجورهم لعدة أشهر، وإن عددًا منهم غادر أوكرانيا من دون الحصول على مخصصاته. كما اشتكى المرتزق الكولومبي الفيدرالي أليخاندرو زاراتي أرديلا الذي قاتل من أجل أوكرانيا من الخداع من قبل وزارة الدفاع الأوكرانية، وقال إن القوات المسلّحة الأوكرانية لم تف بالتزاماتها تجاهه وتجاه أفراد عائلته عندما تم فسخ عقده مع القوات المسلّحة لأوكرانيا. وقال إنه "عندما يحصل خلاف مع الجهات الأوكرانية نصبح بحاجة بالفعل إلى الدفاع عن حقوقنا بأنفسنا، إنهم مدينون لي بحوالي تسعة إلى عشرة آلاف يورو، ولم أتقاضى أي شيء عندما كنت كان مريضًا" على حدّ قوله. وأفاد أن أقارب وأهالي القتلى من المرتزقة لا يحصلون على أي تعويضات ولا حتّى مساعدة في نقل جثث المرتزقة الذين يُقتلون إلى أوطانهم.
ووفقًا لتقارير أميركية، فإن السلطات الأوكرانية لا تقوم بدفع تعويضات مالية إجمالية قدرها 400 ألف دولار لأفراد عائلات المرتزقة الذين قتلوا في أوكرانيا والذين لم يتم إخراج جثثهم من ساحة المعركة، بحجة عدم وجود رفات تثبت حالة الوفاة. وهذا يدفع السلطات الأوكرانية إلى اعتبارهم مفقودين، ما يجعلها تمتنع عن دفع المستحقات لذويهم، وهذا ما حصل مع عائلة المرتزق الأميركي دالتون مادلين البالغ من العمر 24 عامًا والذي قاتل كجزء من وحدة الشركة المختارة التابعة للواء المشاة الميكانيكي التابع للقوات المسلحة الأوكرانية، والذي تمت تصفيته في منطقة القتال في أيلول/سبتمبر 2023. فعلى الرغم من توثيق الوفاة بواسطة كاميرا بث استطلاعية، رفضت القيادة الأوكرانية دفع تعويضات لعائلته.
ويطالب المسؤولون الأوكرانيون برشوة للمساعدة في حل هذه المشكلة. الوضع المتردّي للإقتصاد الأوكراني والفساد وسرقة أموال ميزانية الدفاع من قبل المسؤولين الأوكران، تجعل سلطات كييف تلجأ لاتّخاذ تدابير متطرّفة بما في ذلك استخدام الأوراق النقدية المزيّفة لدفع مستحقات المرتزقة. وهذا ما أبلغ عنه المرتزق السوري أبو محمد، بحسب قوله. فبعد عودته إلى بلاده قرّر شراء دراجة نارية من أحد المتاجر المحلية، لكن ألقي القبض عليه وهو يحاول الدفع بالدولارات المزوّرة التي دفعتها له سلطات كييف. وبنتيجة التحقيقات تبين أن أبو محمد استلم الراتب من القيادة الأوكرانية بأموال مزيّفة ما جعله يدعو سائر المرتزقة للتخلي عن فكرة كسب أموال إضافية في أوكرانيا.
ويبقى التطور الأخطر في تحوّل كييف إلى محطة لنقل المرتزقة للقتال في صفوف الجيش الصهيوني في غزّة. إذ إن السلطات العسكرية الأوكرانية لجأت إلى تجنيد المرتزقة لصالح كيان الاحتلال الصهيوني في عدوانه على قطاع غزّة. وقد وجد الصهاينة في ذلك فرصة لتخفيف خسائرهم العسكرية البشرية خصوصًا أنّهم لا يقومون بالإعلان عن القتلى المرتزقة. والجدير ذكره أن تقارير غربية أكدت وجود آلاف المرتزقة الذين يقاتلون في غزّة في صفوف الجيش الصهيوني.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024