آراء وتحليلات
الردّ الإيراني.. من الصبر الاستراتيجي إلى تهشيم صورة الكيان
لم يكن مستبعدًا أن توجّه إيران هجومًا استراتيجيًا عالي المستوى لضرب كيان العدوّ الصهيوني، في إطار الرد على جرائمه وعدوانه، ولكن الأمر الذي فاق التوقعات هو نوع الهجوم وحجمه وطبيعته والكيفيه. فقد نُفذت مناورات بأكثر من 400 طائرة مسيّرة ودفعات كبيرة من صواريخ الكروز الجوالة إضافة إلى 174 صاروخًا باليستيًا أرض – أرض؛ منها صواريخ نقطوية فائقة الدقة والسرعة. وقد اتّخذ العمل الهجومي مسارات عملياتية معقّدة اعتمد خلاله أسلوب الإغراق الجوي والهجوم المشترك - المتزامن (هجوم مركب) الذي حقق- بفضل الله تعالى- إرهاقًا فعالًا لمختلف شبكات الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات لكيان العدوّ الصهيوني ومعه الأميركي والبريطاني وتدمير الأهداف الرئيسة بالعمق على رأسها قاعدة "نيفاتيم" بمنطقة النقب التي وصلت إليها عدد من الصواريخ الباليستية، وحققت إصابات مباشرة ومدمرة.
وللعلم، تعدّ قاعدة "نيفاتيم" أهم قاعدة جوية لكيان العدوّ، وهي الأكثر تحصينًا من بين كلّ القواعد المماثلة؛ حيث تحتوي على مراكز التحكم والسيطرة للعمليات الجوية، وتحوي أسرابًا من المقاتلات المتطورة منها مقاتلات الجيل الخامس الأميركية F - 35.
لوحظ أن كيان العدوّ الصهيوني استخدم ذروة قدرته الدفاعية الخاصة به وبأميركا وبريطانيا، حيث استخدم كلّ أنظمة الدفاع الصاروخي الأرضية والبحرية وأسرابًا من المقاتلات الاعتراضية ونظم الحرب الإلكترونية والتشويش التي كان يراهن عليها في تشكيل أحزمة نارية فعالة لاعتراض المسيّرات والصواريخ الإيرانية، لكن ما تحقق بالفعل هو ظهور فشل وفجوات كبيرة لهذه الأنظمة التي لم تتمكّن من اعتراض دفعات الصواريخ الباليستية.
تاليًا، كان من أهم التداعيات أن كيان العدوّ بالرغم من وصوله للذروة في استخدام ترسانته الدفاعية إلا أنه فشل في تحقيق ما كان يتوقعه. وقد وصلت نسبة من الصواريخ الباليستية إلى أهدافها بدقة، ولم تتمكّن أنظمة الدرع الصاروخي الجيل الرابع والخامس منها، نظام ـرو3 ونظام ثاد وباتريوت باك 3 ونظام الاعتراض البحري SM - 3 أو أسراب المقاتلات الاعتراضية، من صد الصواريخ لاسيّما الصواريخ النقطوية. وهذا كان فشلًا كارثيًا يؤكد أن كيان العدوّ الصهيوني مع تحصّنه بأحدث التقنيات الدفاعية إلا أنه ما يزال عمقه مكشوفًا وفي متناول الاستهداف.
في قياس حجم الخسائر التي تلقاها كيان العدوّ، فقد أكدت التقديرات الأخيرة أنه وصل إلى أكثر من 1.3 مليار دولار كونه استخدم بكثافة أنظمة دفاعية مكلفة، مثل صواريخ أرو3 وثاد ونظائرها التي يصل سعر الصاروخ منها إلى مليوني دولار. ونذكر هنا الأضرار التي لحقت بقاعدة نيفاتيم الجوية التي تؤكد بعض التقارير أن عددًا من المقاتلات المتمركز في مرابضها قد تعرضت لإصابات بليغة.
ما نود أن نؤكده، في تقدير عسكري، أن إيران بحسب ما أظهره هجومها الاستراتيجي، قد أثبتت تفوقها ومكانتها دولةً قويةً تمتلك تسليحًا وقدرات مدمّرة، فلم تسخدم في الهجوم سوى جزءًا بسيطًا من قدرتها الهجومية ونوعًا محدّدًا من الصواريخ. إذ ما تزال تحتفظ بقدرتها الكاملة وصواريخ حديثة ضاربة منها صواريخ خيبر - خرمشهر - والصواريخ فرط صوتية فتاح 1 و2 التي تمتلك خصائص في المناورة والسرعات التي تصل من 6 ماخ إلى 18 ماخ.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024