معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الوميضُ المُقدّس
14/04/2024

الوميضُ المُقدّس

الشيخ يوسف سرور
إنّ الردّ الذي قامت به الجمهوريّة الإسلاميّةُ الإيرانيّة على استهداف الكيان الصهيوني للقنصليّة في دمشق، قبلَ أسبوعين، واستشهاد القادة الميدانيّين، والذي حصل ليلةَ الأحد الثالثَ عشرَ من نيسان 2024م، الموافق للخامس من شهر شوّال المكرّم 1445 للهجرة، زاخرٌ بالعبر والدلالات والمعاني.

على ضوء هذا الحدث الذي شَغَلَ العالم، يمكن إجمالُ الموقف بما يلي:
إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة تجاوزت كلّ الموانع الجغرافيّة والعوارض الطبيعيّة وأوصلت صواريخَها إلى أقصى نقطة في الكيان.
 إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة تجاوزت كلّ التهويلات الصهيونيّة والغربيّة واتّخذت القرار بنفسها وردّت بذاتها، ولم تأبه لكلّ الضجيج والصراخ الذي ملأ أصحابُه فضاءَ العالم.
إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة كسرت أكبر مسارٍ أراد الكيان تكريسَه وهو وضع إيران تحتَ سيفِ التهويل باستهداف منشآتها الاستراتيجيّة، والذي لم يتوقّف يومًا منذ تسعينيّات القرن الماضي.
إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة أثبتت أنّ حَملَها لراية القضيّة الفلسطيّنيّة لا يقف عند أيّ حدود، ولا تثنيها كلّ الأثمان والخسائر عن المضيّ في سبيلها.
 إنّ الشعوبَ العربيّة والإسلاميّة أظهرَت اغتباطَها وتشوّقها وفرحتَها العارمة باستهداف الكيان الغاصب، وأنّها تجاوزت كلّ الحملات الدعائية الصهيونيّة والغربيّة و"العربيّة" لجعل الجمهوريّة الإسلاميّة عدوًّا، في مقابل محاولات جعل الكيان الغاصب كيانًا طبيعيًّا. 
إنّ القضيّةَ الفلسطينيّة تعيشُ في قلوب الشعوب العربيّة والإسلاميّة، وإنّ هذه الشعوب تحتاج، فقط، إلى فعلٍ بطوليّ يُخرجُها من حالة الإحباط واليأس التي يُراد إغراقُها فيها.
إنّ بعضَ الدول العربيّة التي قامت بالتصدّي للمسيّرات الإيرانيّة وفتحت أجواءَها للأميركي والصهيوني للتصدّي للصواريخ الإيرانيّة، هي نفسها التي منعت مسيرات الدعم للشعب الفلسطيني والنصرة لمظلوميها بحجّة الإخلال بأمن وسلامة هذا البلد. وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على الاستعداد لأيّ وظيفة تطلبُها أميركا وتحقيق أهدافها، وعدم الاستعداد لأيّ فعلٍ جادّ لنصرة الشعب الفلسطينيّ، حتّى لو تمّت إبادتُه.
افتضاحُ الحكومات العربيّة، بمعظمها، في مقابل شعوبها والشعوب الأخرى، وهي التي لا تتوقّف عن عقد صفقات الأسلحة، والتي تتجاوز مئات مليارات الدولارات، وأنّ هذا السلاح لن يُستخدَم إلّا لمواجهة ومحاربة الأشقّاء.
على مستوى الحكومات المُعترَف بها دوليًّا، فإنّ حكومةَ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة هي الوحيدة في العالم التي انخرطت، عمليًّا، على المستوى الأمني والعسكري في مواجهة مع الكيان الغاصب وحلفائه.
لقد سقطَ رهانُ البائسين والساقطين والمُهوّلين والساخرين والحاقدين والمُتربّصين شرًّا والمُفلسين، والأراذل والأنذال وعديمي المروءة والنّخوة والغيرة... 
زلزلت الصواريخُ الإيرانيّة الكيانَ الغاصب، وأسقطت في يدي قادتِه، وبَثّت اليأسَ في نفوس المستوطِنين الصهاينة من تحقيق الأمان على هذه الأرض المغتصبة.
عزّزت هذه العمليّةُ ثقةَ أطراف محور المقاومة بجدواه وفاعليّته وتأثيره، ووجود الجمهوريّة الإسلاميّة في قلبه، وعزّزت، كذلك، ثقةَ الشعوب والجماهير، وأعطت آمالَها بالمستقبل دفعةً هائلة.
أثبتت هذه العمليّة حقّانيّةَ هذه المسيرة واستقامة أطرافها، قادةً وشعوبًا، وأنّها تنسجم تمامًا مع التضحيات ومع الخطاب المعتمَد.
إنّ نتائجَ هذه العمليّة ليست خسائرَ مادّيّةً وبشريّةً واقتصاديّةً فحسب، بل إنّ التداعيات المعنويّة والنفسيّة على الكيان الغاصب برمّته سوف تُرخي بثقلها في المدى المنظور، وإنّ ما بعد هذه العمليّة ليس كما قبله.
 إنّ الثقةَ بجدوى وجود هذا الكيان ودعمه من قبل أميركا والغرب أصبحت موضع ريبة، وإنّ الرهانَ على قدرة الكيان على تحقيق أهداف الغرب المتوحّش لم يَعُد في محلّه. بل إنّ الكثير من مراكز القرار الغربيّة بات يرى أنّ كلفة حماية هذا الكيان ودعمه قد لا تساوي العوائدَ المرتجاة منه.
علينا أن نرصدَ ردود الأفعال من العالم، ودراسة التحوّلات في المشهد الذي سيطغى في غرب آسيا في المرحلة المقبلة.
في التوقيت، يمكن الربط بين الردّ وبين يوم الخامس من شوّال، والذي يُصادفُ ذكرى معركة الخندق المعروفة بمعركة الأحزاب، وما يمكن أن يحمله هذا التزامُنُ من دلالات.

على المؤمنين بالجمهوريّة الإسلاميّة والقيادة الشجاعة والحكيمة أن يبنوا مواقفهَم ومشاريعَهم وخطَطَهم على أساس هذا القوّة، التي تستمدّ زخمها من الإيمان بالله والتوكّل عليه، تعالى، وأنّ الله يسدّد جنودَه، ويحمي رجالَه، ويُلقي الفاعليّةَ والبركةَ في جهودهم وأفعالهم، وأنّ ما يَنتظرُهم هو الظَّفَرُ والنصر في الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة. 
وأنّ العدوّ سوف تكون نهايتُه كنهاية الجبابرة والطغاة والظالمين، ألا وهي الخزي والعار والفناء في الدنيا، والافتضاح والعذاب الأبديّ في الآخرة. 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات