آراء وتحليلات
التحرير الثاني.. وما زال القوس مفتوحًا
إيهاب شوقي
كان اختيار المقاومة لمصطلح "التحرير الثاني" موحيًا ومعبّرًا بدقة عن طبيعة الصراع وتنوع أساليب العدوان وأدواته وجهوزية المقاومة لتحرير ثالث ورابع حتى الوصول للتحرير الكامل والنهائي.
فبينما كان العدوان صريحًا مرورًا بأجيال الحروب المختلفة وصولًا للجيل الثالث عبر الغزو والقصف والمواجهات المباشرة بين المقاومة وقوات العدو، في نوعية من الحروب تعرف بـ"الحرب اللامتماثلة" واستطاعت المقاومة دحر العدو وردعه وانجزت التحرير، تم تدشين مرحلة جديدة وفي قلبها أحقية الاحتفال بأعياد التحرير.
وعندما رضخ العدو لمعادلات المقاومة التي تميزت بتوازن الردع والرعب، تم استخدام جيل آخر من الحروب يعرف في العلوم الأكاديمية العسكرية الحديثة بالجيل الرابع للحروب، والذي يتميز بما يلي:
أولا: العنف الجسدي كما في حالات الإرهاب، وقد يتميز أيضاً بقوة العنف الذهني باستخدام الدعايات من المعارضين في دولهم.
ثانيا: يتضمن صراعات معقدة وطويلة الأجل، قد تعمل بتكتيكات الإرهاب، تستند إلى قاعدة غير وطنية، أو عبر الأوطان، فهي تدار بشكل شديد اللامركزية، تشن هجوماً مباشراً على ثقافة أيديولوجية العدو، كما تقوم أيضاً بأعمال إبادة جماعية ضد المدنيين.
ثالثا: عدم وجود التسلسل الهرمي فهي تعتمد على أساليب التمرد وحروب العصابات، ويظهر فيها نوع من العمليات النفسية المتطورة للغاية، وخاصة من خلال التلاعب بوسائل الإعلام، فهي تستخدم جميع الضغوط المتاحة سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية.
وتتمثل الأهداف الإستراتيجية لمن يشنون الجيل الرابع من الحروب فيما يلي:
1- هزيمة الإرادة السياسية للدولة المستهدفة وفرض إرادة سياسية مخالفة عليها.
2- إقناع صانعي القرار السياسي أن أهداف هذه الجماعات قابلة للتحقيق، أو أنها ستكون مكلفة للغاية، مقابل ما تتوقعه الدولة المُستهدفة حالة محاولة القضاء عليهم بالعنف.
3- تحول هوية وأيديولوجية الدولة من القومية إلى العقائدية أو العكس.
وهنا كان استهداف العراق وسوريا ولبنان بعناية شديدة في حرب من الجيل الرابع بالوكالة عن امريكا والعدو الصهيوني، ونظرا لصعوبة وتعقيد هذه المعركة فإن البطولة والشجاعة والفطنة التي تعاملت بها المقاومة مع الموقف وتواجدها حيث يجب أن تتواجد شكل نصرا يستحق أن يطلق عليه التحرير الثاني.
وحاليا تستمر الحرب بتطويرات وتحديثات، يطلق بعض الأكاديميين العسكريين عليها حروب الجيل الخامس.
ورغم الخلافات العلمية حول الجيل الخامس وهل هو جيل يشكل نقلة نوعية كأجيال الحروب السابقة أم هو تطوير وتحديث للجيل الرابع، إلا أن هذا الجيل الخامس وفقا للتقارير الأكاديمية، ووفقا لتعريف جنود البحرية الأمريكية "المارينز" يتم تعريفه بأنه "حرب تقوم على تجنيد كيانات مختلفة التبعية، مهمتها إشراك أتباعهم ومن حولهم من عامة الشعب، ليكونوا أحد وسائلهم وأهدافهم في نفس الوقت، حيث تديرها عناصر من المخابرات الخارجية وتقودها القوى المعارضة، معاونة أو من خلال الجمعيات المدنية والأهلية.
لا شك أننا نلمح ظلال هذه التحديثات من أجيال الحروب، ولا شك أن المقاومة جاهزة وتفتح قوس الترقيم لكل تحرير جديد إلى أن تصل للنصر النهائي والتحرير الكامل.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024