آراء وتحليلات
من الارهابي.. حرس الثورة ام ترامب؟!
بغداد ـ عادل الجبوري
في السابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس من عام 2014، اي بعد مايقارب الشهرين من اجتياح تنظيم "داعش" الارهابي لمدينة الموصل ومدن عراقية اخرى، صرح رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارزاني، قائلا، "ان إيران أول دولة أمدتنا بالسلاح والعتاد حسب امكاناتها، عندما تعرضت مدن الاقليم الى هجوم تنظيم مطلع آب/ أغسطس الحالي".
وكان ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك بمدينة اربيل مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، وبعد ذلك، فإن الرئيس البارزاني، تحدث بالتفصيل لوسائل إعلام أجنبية عن مسارعة إيران لمساعدة الأكراد، حينما وصل الدواعش الى اعتاب أبواب اربيل، بينما تلكئت وتباطئت الولايات المتحدة الاميركية وأطراف دولية واقليمية اخرى تعد حليفة وصديقة للاكراد في تقديم المساعدة والدعم المطلوب، وكشف البارزاني في حينه جوانب من تفاصيل اتصالاته المباشرة مع قائد فيلق القدس في حرس الثورة الجنرال قاسم سليماني، لتأمين وصول الدعم بأسرع وقت ممكن.
ربما لم يكن البارزاني ملزما ان يتناول مثل تلك الحقائق، لاسيما وانه كزعيم سياسي، وكشخصية كردية، لا يصنف ضمن المحور القريب من طهران او المحسوب عليها، بيد انه في بعض الاحيان تفرض تفاعلات الوقائع والأحداث وطبيعة تداعياتها، كشف امور لا يروق للبعض كشفها وإماطلة اللثام عنها.
ولعل شهادة الزعيم الكردي العراقي الابرز في المرحلة الراهنة، تؤشر الى حقيقة مهمة للغاية، الا وهي ان ايران، ان لم تكن اول من دعم العراق وسانده ودفع عنه خطر "داعش"، فأنها كانت في مقدمة الداعمين والمساندين.
ولا شك ان شهادة البارزاني، كانت من بين شهادات كثيرة من الخصوم والاعداء قبل الاصدقاء والحلفاء.
وما يعزز مثل تلك الشهادات، العدد غير القليل من الخبراء والمستشارين الايرانيين التابعين لحرس الثورة، الذين سقطوا شهداء وجرحى خلال المعارك ضد تنظيم "داعش"، في مختلف المدن العراقية، وكذلك في سوريا.
وبينما كان عناصر حرس الثورة يتواجدون ـ كخبراء ومستشارين ـ مع التشكيلات العسكرية العراقية، بطلب، ووفق تنسيق متكامل مع الجهات العراقية المعنية، وبينما كان طهران تزود بغداد بما تحتاج اليه من أسلحة ومؤن وعتاد لاستمرار زخم المعارك ضد "داعش"، كانت طائرات ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية، تكرر قصفها لمواقع تابعة للحشد الشعبي، او الجيش العراق او الشرطة الاتحادية او قوات البيشمركة الكردية، او الحشد العشائري، وفي كل مرة كانت مراكز قياداتها والمتحدثين الرسميين باسمها، يدعّون ان القصف حصل بالخطأ، في ذات الوقت وبمرور الزمن، لم يعد خافيا ان ذات الطائرات التي كانت تقصف مواقع الحشد والجيش والبيشمركة والشرطة الاتحادية، هي نفسها، ان لم تكن مثيلاتها تلقي الاسلحة والمؤن والمساعدات لعناصر "داعش"، وتؤمن لهم مسالك الهروب والفرار، بعد كل هزيمة، ناهيك عن مساعدتهم في إعادة تشكيل وترتيب صفوفهم، ولعل ما جرى ويجري في مناطق الحدود العراقية ـ السورية، خير شاهد ودليل على ذلك.
وما يردده معظم العراقيين، منذ عدة اعوام، انه لولا فتوى المرجعية الدينية (فتوى الجهاد الكفائي)، والحشد الشعبي، ودعم الجمهورية الاسلامية الايرانية، لما تحقق الانتصار على تنظيم "داعش" الارهابي.
هذا وغيره من الارقام والحقائق والمعطيات، يتناقض الى أبعد الحدود مع قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي اصدره في الثامن شهر نيسان/ ابريل الجاري، والقاضي بأدراج حرس الثورة الاسلامية على لائحة المنظمات الارهابية.
ولا شك ان ذلك التناقض لا يحمل ما هو غريب، ولا ينطوي على ما هو خارج نطاق التوقعات في المنهج الاميركي الازدواجي والمنافق، الذي تجلى بأوضح وابشع اشكاله وصوره في عهد دونالد ترامب، لان الاخير اسس قراره على رؤية واشنطن لمفهوم ومعنى "الارهاب"، وليس الى المعايير والاعراف والقوانين الدولية، والقيم الانسانية والاخلاقية، والا كيف يكون الحرس الثوري منظمة ارهابية وهو الذي ساهم في دحر "داعش" ودفع شروره عن دول وشعوب المنطقة، بينما تغض واشنطن الطرف عمن اوجد تنظيم "داعش" وقبله "تنظيم القاعدة"، وعمن يرتكب المجازر المروعة في اليمن وفلسطين وغيرهما بحق الابرياء، وعمن يحرض ويحشد اعلاميا وسياسيا ودينيا لترويج ثقافة الحقد والكراهية والفتنة والقتل والعنف والارهاب.
قد لايخفى على الكثيرين الاعداد الهائلة للضحايا الذين سقطوا في العراق وسوريا ودول اخرى جراء السياسات العدوانية للولايات المتحدة الاميركية واصدقائها وحلفائها واتباعها، الى جانب حجم الدمار والخراب الهائل الذي لحق بمدن ومناطق كاملة.
هل الحرس الثوري، الذي صنفه ترامب كمنظمة ارهابية، ارتكب مثل تلك المجازر؟، وما علاقة الحرس بما يجري في اليمن وفلسطين، وما قام به الدواعش ومن يدعمهم ويساندهم في سوريا والعراق، وما علاقته بالارهاب التكفيري الدموي المتطرف الذي يحصد ارواح الابرياء باستمرار في افغانستان وباكستان ومصر ودول اخرى، في اوربا واسيا وافريقيا واميركا واستراليا، وما حصل في نيوزلندا قبل اسابيع عنّا ببعيد، وما علاقة الحرس الثوري بحروب اميركا ومخططاتها واجنداتها التدميرية العدوانية في كل زمان ومكان، وما خلفته وتخلفه من ماسي وكوارث وويلات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024