آراء وتحليلات
رياض سلامة يضرب القضاء.. غادة عون نموذجًا
د. زكريا حمودان
عديدة هي القضايا التي حملتها القاضية غادة عون على عاتقها. ولا شك بأنَّ لكل قضية خصوصية لا يمكن خلطها مع قضية أُخرى، بالتالي لا يمكن لأحد أن يحكم على قاضٍ بنزاهته او انحيازه انطلاقًا من قضية محددة او تصرف ما، خاصة اذا ما اردنا التحدث عن التعاون الذي اطلقته القاضية غادة عون في بعض القضايا مع القضاء الخارجي والذي لا يشكل سببًا جوهريًا لفصل القاضية، مع التحفظ الشديد على دور الخارج الذي يعمل لتنفيذ مصالحه فقط.
الجرم الذي ارتكبته القاضية غادة عون وتم تحويلها بالاستناد اليه على المجلس التأديبي، يضع معظم الشعب اللبناني في نفس الخانة، وهو الذي يطالب بكشف ملفات تتعلق بقضايا محددة مرتبطة مباشرة بهدر وسرقة المال العام.
اكثر من مئة مليار دولار دين، ألم يسئ رياض سلامة الأمانة؟
تراكمت الديون على الدولة اللبنانية، لكن المجرم الأساسي بحق تراكم الديون هو الطرف الذي كلفه قانون النقد والتسليف بالحفاظ على سعر صرف الليرة، مما يعني أن الليرة أمانة بين يديه.
أما الإجرام الأكبر الذي يطال رياض سلامة فهو الاستفادة الهائلة المباشرة وغير المباشرة من عملية تراكم الديون، وهنا نتحدث عن دور خفي لرياض سلامة في اغراق البلد في مستنقع الاستدانة وجره من الهندسات المالية التي لم تعد مجدية، الى صندوق النقد الذي هو سلاح غربي لا يمكن التغاضي عن اهدافه وطموحاته.
عندما نتحدث عن رقم يفوق الـ١٠٠ مليار دولار، فنحن نتحدث اذًا عن اموال تم صرفها داخل الحكومات لابقاء البلد متوازنا لسنوات، لكن هذه الاموال مرتبطة بدون ادنى شك بصلة الوصل الاساسية بين المصرف المركزي والجهات الأخرى، وهنا أعني المصارف.
هذا الرابط الرئيسي والمباشر بين مصرف لبنان والمصارف، جعل قضية كل منهما هي محاربة غادة عون، فكل ملف يُفتح للمصارف سيطال رياض سلامة، وكل ملف يطاله قد يكون لمصرفٍ ما علاقة به.
رياض ورجا سلامة بالنسبة من الدين العام
لم تكن تلك النسبة الخفية التي حصلت عليها شركة "فوري" بصفة الوساطة في سندات الدين أمرًا قانونيًا أبدًا، فالرابط العائلي بين الطرفين لا يمكن تجاهله في قضية وطنية كتلك التي تم فضحها. لم يكتفِ رياض سلامة بعشرات ملايين الدولارات التي يكتنزها من مكاسبه خلال سنوات، فأشرك شقيقه بالنسبة الصغرى من الدين العام من خلال لعب دور الوسيط المالي بين الدائن والمدين، وهذه النسبة الخفية حققت ارباحًا تخطت الـ٣٠٠ مليون دولار، لم ينكرها الشقيقان سلامة ولكن اعتبروها ارباحًا شرعية، لشركة شرعية، بأسلوب قانوني شرعي، تغاضى عنه قضاة شرعيِّون باستثناء غادة عون.
واذا اردنا ان ننظر الى كبر حجم الجريمة هذه، يمكن ان نلقي الضوء على حجم المتضررين منها، فالمصارف التي فيها ودائع القضاة والنافذين، وحاكم المصرف الذي استغل الوظيفة الرسمية لمكاسب عائلية، والسياسيِّون والمصرفيِّون المرتبطون بالمصارف بشكل مباشر او غير مباشر، وغيرهم ممن شاركوا برفع الاستدانة الى أبعد الحدود، فزادت الاستدانة وزادت مداخيل شركة "فوري"، بالتزامن مع اغراق البلد.
رياض سلامة ورسالته الى القضاء الاوروبي: أنا الزعيم
بالتزامن مع وجود رجا سلامة داخل اروقة قصر العدل للاستجواب من قِبَل القضاء الاوروبي، تم فصل القاضية غادة عون في توقيت دقيق وهذه اهم مؤشراته:
١- تمسك رياض سلامة بمقولة انه يثق بالقضاء اللبناني فقط ولا يقبل بأي قضاء آخر للتحقيق معه.
٢- تواجد وفد القضاء الاوروبي في لبنان، وهي اشارة واضحة من رياض سلامة ومن يحيط به الى الاوروبيِّن بأنكم لا تستطيعوا تحريك ساكن بدون إشارة من الزعيم الأكبر أي "رياض سلامة.
في الخلاصة، تتقدم هذه القضية اليوم في الشارع اللبناني، لكن حقيقة الامر انه يوجد قضايا عميقة بين رياض سلامة والقضاء، فما كان على رياض سلامة ومن يقفون وراءه الا ان قاموا باقصاء غادة عون من مهامها عبر الفصل والتلويح تجاه من يهمهم الأمر بالضرب بيد من حديد كل من سيسعى للعمل على تلك النقاط.
غادة عونالقضاءمجلس القضاء الاعلى
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024