آراء وتحليلات
هل تتجرأ قطر على لعب دور مغاير للتسويات الإقليمية؟
د. زكريا حمودان
سار قطار التسويات الإقليمية بعيدًا عن الحضن الأميركي، لكن رغم هذا التباعد الحاصل بينه وبين القرار الدامغ للتحرر الجزئي والملفت للسياسة الخارجية السعودية، يوجد أسئلة عديدة ما زالت تُطرح وقد لا تنتهي، وهي قد تتركز حول نهاية تفاصيل ملفات التسويات من جهة، وبروز تبدلات جديدة طارئة من جهةٍ أخرى، كملف السودان مثلًا. أمام هذا الواقع السياسي الجديد برز دور قطري متمايز في العديد من الملفات، ويمكننا القول إنَّ ركيزته الرئيسية قد تنقسم إلى عدة أقسام أهمها:
١- التوجهات السياسية التي يركز حولها الدور القطري في العديد من الملفات، والتي شكلت مدخلًا أساسيًا للسياسة الخارجية القطرية.
٢- العلاقات المتينة والمتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمبنية على تراكم تاريخي للأحداث التي كان للأميركي فيها دور في تحديد السياسة الخارجية القطرية.
٣- بعض الخلافات الخليجية - الخليجية والتي قد يكون المستفيد الأساسي منها هو الأميركي.
هذه النقاط وغيرها حول السياسة الخارجية القطرية قد تكون عناوين طبيعية جدًا قبل التسويات الاقليمية التي تتدحرج مؤخرًا تجاه التبريد في المنطقة بعد سنوات من التسخين في العديد من الساحات. فأين يكمن تبدل الدور القطري اليوم ولماذا؟
الموقف القطري من الملف السوري
كان واضحًا للجميع أنَّ الموقف القطري تجاه الانفتاح العربي على سوريا ليس متقدمًا، وهذا أمر طبيعي جدًا لمن يراقب سياسة قطر الخارجية في السنوات الصعبة من الحرب السورية. لقد شكلت قطر ماكينة اعلامية ولوجستية ناشطة ومُكلفة جدًا خلال الحرب على سوريا. وهنا لا يمكن لأحد أن يقنع المواطن العربي والمسلم أن الهدف السامي هو تحقيق مصالح الشعب السوري، فالأبعاد الرئيسية كانت تتعلق بملفات خفية ترتبط بتصدير الغاز القطري، بالاضافة الى بناء صورة الشرق الأوسط الأميركي الجديد.
هذه الحقائق تسمح لنا أن نفهم الموقف القطري بشكل واضح، فلا الأميركي يسمح بأن تسقط مشاريعه في استكمال تخريب منطقة غرب آسيا، ولا القطري مُتَقَبِل الصدمة الكبرى في عودة سوريا الى الحضن العربي وسقوط المشروع الاميركي-التركي-القطري، لذلك نرى أن الرفض القطري سيستمر الى حين تبدل الموقف الأميركي والتركي بشكل تدريجي.
الخلاف القطري - السعودي
يأتي الخلاف القطري - السعودي في صلب أولويات جيوبوليتيك غرب آسيا، فالخلاف ليس وليد الملف السوري أو الايراني، لكن هو خلاف صراع على ساحات شهدت تنافسًا خلال عمليات تدمير بعض الدول، وما القطيعة الخليجية القطرية إلا خير دليل.
لقد دمرت أجزاء كبيرة من سوريا، ودمرت ليبيا، ويدمر العراق، وها هو السودان يدمر، أما مصر فقد شكلت نموذجًا للتباينات العربية-العربية والتي شكل فيها الخلاف الخليجي القطري نقطة فاضحة.
برزت المواقف القطرية بشكل سريع مؤخرًا، من رفض السير بالملف السوري بالسرعة التي يسير بها، الى موقف رمادي غير مشجع للتسوية المطروحة في الملف الرئاسي في لبنان، الى تحرُّك الساحة السودانية بشكل دراماتيكي بحيث تشير المعلومات المتوفرة من مصدر سياسي سوداني محايد عن طرفي النزاع المرتبطين بعلاقات وأجندات خارجية بأن البرهان قريب جدًا من القطريين وأنه ينفذ أجندة تلتقي مع الجانب القطري. اذا ما ربطنا جميع هذه الساحات التي كانت تسير تجاه الحل كجزء من التسويات الأخيرة في المنطقة، لوجدنا أن التوجه القطري هو أميركي بحت، وأن الرفض الأميركي للتسويات قد يتدحرج ليحرك ملفات عديدة ربما سيكون للقطري يد فيها.
منذ الاعلان عن التسوية الايرانية - السعودية، وتدحرج التسويات في المنطقة، كان البحث عن ردة الفعل العميقة التي ستخلط الأوراق بشكل مفاجئ، فهل تتجرؤ قطر على لعب هذا الدور؟
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024