معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

تونس: تحديات البرلمان الجديد والصلاحيات الدستورية المحدودة
26/03/2023

تونس: تحديات البرلمان الجديد والصلاحيات الدستورية المحدودة

تونس عبير قاسم
عادت الحياة البرلمانية إلى صدارة الأحداث مجددا في تونس مع انطلاقة أولى جلسات البرلمان الحالي وانتخاب عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة رئيسا له. فلأول مرة منذ تموز/ يوليو 2021 يفتح مقر مجلس نواب الشعب في باردو أبوابه لنوابه الجدد الذين تم انتخابهم بعد دورتين انتخابيتين، وذلك في آخر محطات المرحلة الاستثنائية وخارطة الطريق الرئاسية التي وضعها الرئيس التونسي قيس سعيد.

ويعمل البرلمان الجديد، بموجب دستور أقره الرئيس التونسي في استفتاء بنسبة تصويت بلغت نحو 30 %، وبصلاحيات محدودة مقارنة بالبرلمانات السابقة، وفي خضم مقاطعة معظم الأحزاب للانتخابات ترشيحا واقتراعا، ما غلبت القوائم الفردية والمستقلون، إضافة إلى بعض الأحزاب المحسوبة على حراك 25 تموز/ يوليو الموالية للرئيس سعيد.

التحديات أمام البرلمان

وتواجه البرلمان الجديد تحديات عديدة داخلية وخارجية يلخصها الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين لموقع "العهد الإخباري" بـ "ثلاثة تحديات هامة، أولها تحد أخلاقي متعلق ب" أخلاقيات "العمل السياسي والبرلماني، ثانيا تحدي" المقبولية "في الداخل والخارج، ثالثا تحدي" الإنجاز والمردودية والنجاح ".

ويفصل عز الدين:" فيما يخص التحدي الأخلاقي فهو مرتبط بالصورة السلبية التي يحملها التونسيون عن أداء البرلمان السابق ما يجعلهم مستعدين للتشكيك في أداء البرلمانيين بشكل عام من منظور أنهم يغلبون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، نظرا لتعامل البرلمان القديم مع الشأن العام من منطق الغنيمة وليس من منطق الأخلاق والبذل والعطاء ". لذلك فالبرلمان الحالي – بحسب محدثنا- مطالب بأداء مختلف يقوم على الأخلاقيات في العمل البرلماني والسياسي".

ويضيف عز الدين: "فيما يتعلق بتحدي التحدي المقبولية ونقصد بها، المقبولية في الداخل والخارج، نظرا لأن مشاركة التونسيين في الانتخابات البرلمانية لم تتجاوز ال12 بالمئة من الجسم الانتخابي وبالتالي لا بد أن يكسب النواب الجديد مقبوليتهما الداخلية من خلال التطابق مع تطلعات التونسيين".
ويرى محدثنا أن المقبولية الخارجية مرتبطة بالدبلوماسية البرلمانية والعمل على تحسين صورة تونس في الخارج من خلال تشجيع الاستثمار والتنمية والدفاع عن القضايا العدالة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

أما التحدي الثالث فهو الإنجاز والمردودية والنجاح إذ لطالما كانت المسألة الاقتصادية والاجتماعية هي المعضلة الأساسية التي فشلت الحكومات المعاقبة في حلها. لذلك فإن هذا المجلس مطالب بإيجاد حلول لهذه المعضلة، وبالقيام بكل ما في وسعه من أجل تحقيق التنمية والاستقرار وكرامة التونسيين.

ويختم عز الدين أن "حل الأزمة الحالية بتونس مرتبط بمسألتين: الأولى لا بد من إرجاع هيبة الدولة وحسن أداء مؤسساتها بالشكل الذي يحقق الرفاه والتنمية وسعادة التونسيين. أما المسألة الثانية فهي ترتبط بتحلي التونسيين بمزيد الصبر والإرادة لتجاوز الأزمة وبنفس الوقت المحافظة على كرامتهم وعزة نفسهم".

تونس: تحديات البرلمان الجديد والصلاحيات الدستورية المحدودة

كل الاحتمالات واردة

وفي السياق ذاته يعتبر الصحفي والمحلل السياسي جمال البرقاوي في حديث لـ "العهد" أن "الوضع السياسي في تونس مفتوح على احتمالات التصعيد والتوتر وكذلك على الانفراج. فكل الاحتمالات بنظره قائمة حاليا والوضع غائم تماما". ويشير البرقاوي إلى "أن الوضع اليوم لا يمكن أن يذهب إلى ما هو أسوأ نظرا لأن التونسيين يعيشون أصعب فترة من عدم الاستقرار حاليا". ويستطرد: "لكن أرجح أن تذهب الأمور إلى الانفراج بمجرد حصول تونس على قرض البنك الدولي وخفوت حدة الضغوط الدولية المسلطة على النظام السياسي في البلاد. فهذه الضغوط هائلة ومستفزة، ولكن قد تذهب الأمور إلى مزيد من التهدئة في الفترة القادمة وهذا ما نأمله على الأقل وهو السيناريو الوحيد الذي يمكن أن تستفيد منه تونس للانفراج."

بين المقبولية الاجتماعية والاستقلالية

أما بالنسبة للعمل البرلماني ورهاناته في الفترة القادمة يقول البرقاوي: "لنعترف أن البرلمان الحالي هو في وضع ليس في تمام الوضوح. فالعمل البرلماني أو التحديات التي ستواجه البرلمان القادم هي مهمة، وهي في حقيقية الأمر تنقسم إلى نوعين أول المقبولية الاجتماعية، إذ لا ننسى أن النواب الذين وصلوا إلى البرلمان كانت نسبة التصويت لهم ضئيلة لا تتجاوز 11 بالمئة، ما يعني أن غالبية الشعب التونسي لم يذهب لمراكز الاقتراع، فكيف يقنع النواب الجدد الشعب التونسي بخياراته ويحظىون بثقته". أما التحدي الثاني وهو الأهم بحسب محدثنا فهو العمل البرلماني في ظل وجود برلمان تم اختيار أعضائه عن طريق الاقتراع على الأفراد وتم تغيب الأحزاب، كل هذا تحت مظلة سؤال بارز هو كيف ستكون علاقة هذا البرلمان بالسلطة التنفيذية. "

ويختم البرقاوي:" التحدي الحقيقي هو كيف سيستعيد هذا البرلمان مكانته في الخارطة السياسية ويحظى مجددا بمقبولية شعبية، مع المحافظة على الاستقلالية عن السلطة التنفيذية وممارسة كافة الوظائف التي يخولها الدستور الجديد لهذا البرلمان. "

قيس سعيد

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل