معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

ماذا بعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى دمشق؟
01/03/2023

ماذا بعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى دمشق؟

دمشق ـ محمد عيد
مثلت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق علامة فارقة في تاريخ الأزمة السورية. وبصرف النظر عن النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها هذه الزيارة والتي سبقها اتصال هاتفي هو الأول من نوعه بين الرئيسين بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي فإن رمزية الخطوة التي قامت بها دولة بحجم مصر في الانفتاح ولو إنسانيا على دمشق تطغى على أي حديث آخر ووضعها في الإطار الإنساني لا يلغي إمكانية وجود  مبادرات سياسية وراء ذلك مبادرات يليق بمصر دون غيرها من الدول العربية طرحها على اعتبار أن شراكة التاريخ مع دمشق تؤسس لكل خير يمكن له أن يعم البلدين وعموم البلدان العربية.
 
خرق في جدار العزلة

يؤكد المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة على أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق تمثل خرقا في جدار محاولات فرض العزلة والحصار الدبلوماسي والسياسي على مستوى المحيط العربي، وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى أن الحديث هنا وبشكل عام عن دولة مركزية ما بين الدول العربية وهي مصر التي تحظى بموقف وازن ضمن المنظومة العربية مشيراً إلى أن تصريحات الوزير شكري عن أن الغرض هو إنساني بالدرجة الأولى لا يغير واقع كون هذه الزيارة التي أتت بعد قدوم الوفود البرلمانيه العربية  ولقائهم بالرئيس بشار الأسد لا ينفي بأن هناك طابعا سياسياً وخرقا دبلوماسياً قد حصل في هذه الزيارة.

وأضاف دنورة في حديثه لموقعنا بأن الحديث هنا عن مجموعة من الأحداث الدبلوماسية منها زيارة وزير الخارجية الاماراتي والأردني واليوم المصري أيضاً بشكل متقارب زمنياً إلى حد بعيد وبالتالي نحن في الأغلب أمام مرحلة جديدة وهذه المرحلة على الرغم من أنها تمثل عبور عتبة بالنسبة للعلاقات العربية البينية وتنقية الأجواء العربية إلا أن  فعل الزلزال في هذا الأمر قد جاء بمثابة التسريع وليس لكي يخلق شيئا من العدم على إعتبار أن الوزير المقداد قال بأن كل الدول العربية هي تتواصل تقريباً مع دمشق وأتت كارثة الزلزال والشان الإنساني لكي تسمح بنقل هذا التواصل إلى المستوى الرسمي ويخرج من إطار التكتم والسرية أو المسارات غير المعلنة التي كانت تتبعها بعض الدول العربية وهذا بالتأكيد فارق جوهري.

القاهرة تسعى لتنقية الأجواء بين دمشق والرياض ولفت المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة إلى أنه ليس هناك من جديد إذا ما كان هناك حديث عن أن هناك جهوداً تبذل لجسر هوة الخلاف مع بعض الدول العربية التي لم تصل إلى مرحلة التواصل المباشر مشيراً إلى أن وجود جهود لتنقية الأجواء ما بين سورية والسعودية وهي لربما بذلت ضمن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى عمان وضمن زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق وربما أيضاً تكون حاضرة ضمن زيارة الوزير سامح شكري إلى  دمشق على الرغم مما يقال بأن الأجواء اليوم ليست على أحسن ما يرام بين المصريين والسعوديين وأن هناك ما يشوب هذه العلاقة في الوقت الحاضر.

قد يسقط في يد الغرب ولفت دنوره في حديثه لموقعنا إلى أنه في الصورة العامة وبغض النظر عن التفاصيل والجزئيات هناك جهود تبذل بكل تأكيد على المستوى العربي وهذه الجهود عندما تثمر وتتكرس بشكل نهائي سوف تنعكس بكل تأكيد على المستوى الدولي فلا تستطيع المنظومة الغرببة أن تتجاهل موقف الدول العربية وحتى أنها إذا ما استمرت في التجاهل سوف يصبح هذا التجاهل أقل أهمية وسوف تتداعى بشكل أو بآخر منظومة العزل والعقوبات الموجهة ضد سورية ويبدو أن الأمور تسلك هذا المسار مشيراً إلى أن الصبر الاستراتيجي للدولة السورية أوصل إلى المكان الذي كانت تسعى إليه سورية وهو أن يكون هناك وكما أكد الرئيس بشار الأسد خلال زيارته إلى عمان احترام متبادل ما بين الدول العربية وعدم التدخل من قبل هذه الدول في شؤون بعضها البعض وهذا يشمل عدم التدخل في الشؤون الداخلية ومنظومة الحوكمة وما يتعلق بالحل السياسي إلا من باب تسهيل هذا الحل وبذل الجهود لتقريب وجهات النظر وأيضاً فيما يتعلق بخيارات هذه الدول على مستوى علاقاتها الثنائية مع الدول الأخرى إقليميا ودوليا وعلى مستوى موقعها الجيوبوليتيكي وخياراتها.

وأشار دنورة إلى أن هذه المصالحة تتم على مستوى هذه الأرضية بمعنى أن يتم احترام خيارات الدول العربية فيما يتعلق بتحالفاتها وعدم وجود شروط مسبقة تفرض لقيام العلاقات بين هذه الدول مشدداً على أنه حين توضع شروط مسبقة فهي خسارة لجميع الأطراف على اعتبار أنه يوجد لكل دولة خياراتها الراسخة التي لا يمكن أن تحيد عنها وبالتالي وضع شروط مسبقة يجعل عملية عودة العلاقات إلى طبيعتها مؤجلة إلى ما لا نهاية ويستمر الأمر على شاكلة الهروب إلى الأمام وهو مضر بجميع الأطراف العربية.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات