آراء وتحليلات
دفاع جماعي عن المصارف.. والدولار الى ارتفاع
د. زكريا حمودان
لم يتغير شيء في الواقع المالي رغم مختلف التصريحات والاجتماعات والتوقعات الوهمية والخارجة عن الاطار المألوف والعلمي مقارنة مع الواقع المالي في لبنان.
لاحظنا في الأشهر الأخيرة مقاربات مالية فيها من التنظير ما فيها، دون أن تلامس حقيقة الأزمة المالية التي تضرب لبنان والتي يجب التوقف عندها بتفاصيلها التطبيقية قبل الغوص في الشرح النظري الذي لا يسمن ولا يغني من جوعٍ في ظل غياب الأسس العلمية.
في المضمون، حصدت المصارف اجماعًا كبيرًا من المستفيدين على مختلف الصُّعُد، لوهلة بتنا نشعر أنها صاحبة حق وأن المودعين يطالبونها بأموال غير شرعية. وخلال حفلة دعم المستفيدين والمدافعين عن المصارف لاحظنا ما يلي:
١- حفنة من الاعلاميين المطبلين دفاعًا عن المصارف، يستعرضون روايات من نسج الخيال ومصطلحات استخدمتها قنوات اعلامية تعتاش على قروضٍ من هنا ومكرمة من هناك.
٢- مجموعة كبيرة من الطبقة السياسية تجاهر في الدفاع عن المصارف، وخلفها مجموعة من السياسيين يشتمون المصارف من هنا، ويحمونها في التشريعات والتعطيلات والتنظير السياسي من هناك.
٣- قنوات اعلامية تخوض معركة المصارف تحت شعار "المصارف نبض الاقتصاد"، الأمر الذي يؤكد أن الدعاية هادفة لصناعة رأي عام وليس فيها مصداقية، فالحقيقة واحدة هي أن الانتاج نبض الاقتصاد، أما أغلب المصارف في لبنان فهي شركات خاصة عززت دورها على حساب أموال المودعين واقراض الدولة وافقارها، بالاضافة إلى ضرب نبض الاقتصاد من خلال تهريب المصارف لأموال المودعين الى الخارج بهدف حماية ودائع السياسيين الذي هم على تماس مع المصارف كمالكين أو ككبار المودعين.
الدولار ليس فقط لعبة.. الدولار معيار
معيار الاقتصاد الوطني هو قيمة العمل المحلية، أما الدولار فهو اليوم معيار لقيمة العملة ويُشكِلُ توصيفًا للانهيار الذي نعيشه.
ما حصل من تدهور متسارع للعملة الوطنية مؤخرًا هو أمر بديهي، فالقدرة اليوم على تقديم المبادرات المالية الحقيقية غير متاحة، وادعاءات البعض بأنه يستطيع لجم تفلت الدولار وخفض تأثر العملة الوطنية بالدولار هو أمر غير متاح، فاللبناني بات يمتلك الكثير من الليرات بسبب حجم الكتلة النقدية الكبير في السوق، وهو ينتظر السلطة السياسية أن تعطي أوامرها إلى السلطة المالية من أجل ضخ كميات من الدولار لينقض عليها.
لذلك، لا يمكن لأحد أن يقول للناس إن لعبة الدولار قابلة للضبط، إلا إذا كان هو بنفسه يلعب بالدولار ويتاجر بالعملة الوطنية لمآرب مالية. فواقعنا السياسي بدوره كذلك غير مستقر، وهو معرض للاستمرار في هذا الانهيار انطلاقًا من واقع المنطقة الجيو - سياسي، وتحديدًا موضوع الحصار.
الحصار حتى الانفجار
بين واقع مالي غير مستقر ومعقد، وواقع سياسي مشرذم ومُبهم، نقف أمام واقع أليم وغير انساني ألا وهو "الحصار". هذا الحصار غير معروف الأفق هو الشريك الخفي لأعداء الوطن، وهو الشريك في سرقة المودعين، وهو كذلك حمى خفايا مالية للحاكم وشركائه من السياسيين، وهو الباحث اليوم عن الانفجار.
الحصار الذي يستهدف الشرق، هو عينه يستهدف حماية وتأمين أمن العدو الاسرائيلي، وهو معلن الحرب على المقاومة الاسلامية في لبنان وساع نحو ضرب البلد برمته من أجل تحقيق خرق بسيط في بنيان المقاومة الفولاذي.
الحصار اليوم هدفه الانفجار، وما يبحث عنه فارِض الحصار هو ما لم يستطع تحقيقه من خلال الآلة العسكرية، لذلك أجندته تلتقي مع سياسة المصارف التي تشكل احدى أدوات الحصار وأحد مصانع الألغام البشرية المتمثلة بالمودعين.
في الخلاصة، أزمة المصارف أثبتت أن جمهورها كبير لأنها تستثمر فيه أكثر بكثير مما هو متوقع، لذلك هي اليوم لاعب أساسي في سعر صرف الدولار وفي الأزمة المالية غير القابلة للحل دون تحقيق خرق سياسي شامل وضمن سلة متنوعة وشاملة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024