آراء وتحليلات
سيناريو 2005 الفتنوي.."التدويل" القضائي شمّاعة
فاطمة سلامة
ليست صُدفة كل ما حصل ويحصل على الساحة القضائية. ثمّة مُخطّط مكتوب من ألفه الى يائه دُفع بموجبه الشارع الى المشهد السريالي الذي شاهدناه على شاشات التلفزة. تمامًا كما دُفع بموجبه القاضي طارق البيطار الى إصدار قرارات وهو المكفوفة يده عن ملف التحقيق بانفجار المرفأ. رُبما قد لا نجد التعبير الأكثر دقة لوصف ما يجري. هل نحن في شريعة "غاب" قضائية؟ أم نحن في "عصفورية"؟ أم أم..!
ثمّة حقيقة ثابتة أمام المشهد المذكور. الأيادي الخارجية ذاتها التي خطّطت لفتنة 2005 تحت ستار "اغتيال الرئيس رفيق الحريري" تخطّط اليوم لفتنة 2023 تحت ستار "انفجار المرفأ". المطلوب كسر هيبة القضاء اللبناني ــ وللأسف تحقّق هذا الأمر ــ وتصويره على أنّه قضاءات في بلد واحد، كلٌ يغني على ليلاه. كسر الهيبة يستتبعه ــ وفق المخطّط ــ قلّة الثقة الشعبية بالسلطة القضائية ما يعني خلق رأي عام غير مرحّب بها. وبالموازاة، استغلال الشارع ودسّ الوكلاء للانتفاض المزعوم كما حصل الخميس. ورُبّ سائل لماذا؟ بكل بساطة لتمهيد الأرضية نحو تدويل قضيّة انفجار المرفأ قضائيًا تمامًا كما حدث عقب اغتيال الرئيس الحريري.
ولا نكشف سرًا اذا قلنا أنّ ما نعيشه اليوم من إخراج الولايات المتحّدة الأميركية، كحال الكثير من السيناريوهات. في عام 2005 تعرّض لبنان لفتنة كادت أن تشعل حربًا أهلية وطائفية لولا حكمة البعض. وُلدت من رحم تلك الفتنة أصوات تطالب بتدويل قضية الحريري وتسليمها الى المحكمة الدولية، وهذا ما حدث. لكنّ المحكمة الدولية التي أنشئت عام 2007 أعلنت قبل أيام عن إغلاق أبوابها نهاية العام الحالي، وكأنّ شيئًا لم يكن. كل ما صُرف من أموال قدّرت بمئات ملايين الدولارات ذهبت هباء منثورًا. ما سُمّيت بجلسة النطق بالحكم لم تخرج عن كونها مسرحية هزلية بيّنت الهدف السياسي الواضح من إنشاء تلك المحكمة وأحدثت خيبة أمل كبيرة لأولئك الذين هلّلوا للمحكمة.
ورغم تجربة لبنان المريرة مع المحكمة والتي لم تثمر، ثمّة من يطالب اليوم بتكرارها في قضية انفجار المرفأ للأسباب السياسية ذاتها. خدمة للحصار والحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية على لبنان. الأخيرة استنفدت كل السبل لضرب لبنان وإشعال الفتنة فيه. حاصرته اقتصاديًا وماليًا ومعيشيًا وحتى سياسيًا. اليوم، جاءت ورقة القضاء التي بدأتها قبل أشهر لكنّها أمسكتها اليوم من كافة أطرافها ووضعت كل ثقلها لتمريرها. وبدل أن يتجرّد القضاء من السياسة ها هي الأخيرة تعبث به وتشوهه. وبدل أن ينكب القضاة على ملفاتها تراهم يصدرون قرارات معلّبة فيها الكثير من الاستنسابية والمزاجية وازدواجية المعايير تمهيدًا للاستنجاد بالقضاء الدولي.
فمن قال أن القضاء الخارجي أفضل من اللبناني؟ أليست بيروت أم الشرائع وجامعة القانون وهي التي نالت شهرة فائقة في العهد الروماني كونها مركز أكبر وأهم معهد للقانون؟. أليس في لبنان قُضاة يُشهد لهم ولأعمالهم؟ من قال أنّ تدويل قضية المرفأ سيوصل الى نتيجة غير خسارة لبنان المزيد من الأموال وهو الذي يحتاج الى "فلس الأرملة"؟. من قال أنّ غايات وأهداف الخارج من العدالة تتطابق مع غاياتنا وأهدافنا؟ من قال أنّ معاهداتهم وقوانينهم يجب أن يتم إسقاطها على بلدنا؟ ألا نختلف مع الخارج في مقاربتنا للكثير من القضايا؟!. ألا يُعتبر "تدويل" ملف قضائي تعدٍ على سيادة وحرية واستقلالية لبنان؟!.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024