آراء وتحليلات
الإمارات تتحول من التطبيع إلى التصهين
إيهاب شوقي
تطل علينا الإمارات بجريمة جديدة، ولكنها جريمة كبرى يتخطى جرمها عار التطبيع والاندفاع غير المبرر لتطوير العلاقات مع العدو الإسرائيلي، ليصل الى مرتبة الجريمة التاريخية، وهو ما يستوجب وقفة كبيرة لا ينبغي معها الصمت.
هذه الجريمة الكبرى، تتمثل في الشروع في تدريس المحرقة النازية المزعومة لليهود والتي تعرف بـ"الهولوكست"، في المدارس الإماراتية، وهي الأكذوبة الكبرى التي شكلت عمودًا فقريًا لقيام الكيان الصهيوني والدعوة للهجرة إلى فلسطين المحتلة، ولا تزال تستغل كأداة كبرى من أدوات الابتزاز، وخاصة لألمانيا وأوروبا بوجه عام. سفارة الإمارات في الولايات المتحدة أعلنت أن المحرقة النازية المزعومة ستدرج في المناهج المدرسية، وسيتم تطوير محتوى دراسات "ألمانيا النازية" حول القتل الجماعي لستة ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع النصب التذكاري الإسرائيلي الرسمي للهولوكوست "ياد فاشيم" في القدس، وسيتم تضمينه في المناهج الدراسية لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية.
وهنا لا بد من وقفة تناقش المفاهيم التالية لتوضيح حجم الجريمة:
أولا: هناك فارق بين خيار سياسي يختاره النظام الإماراتي وخيار استراتيجي يفرضه على الأجيال القادمة ويكون له أثر مستقبلي ممتد، فالعار والخيانة أمر، ونشر هذه الخيانة وتوريثها للأجيال أمر آخر.
ثانيا: هناك فارق بين الترويج للتطبيع والتفريط تحت مسميات زائفة مثل "التسامح ونبذ العداء والكراهية"، وبين الترويج لأكاذيب تاريخية يكاد العدو يتفرد بها ولا تقنع حتى أكثر حلفائه قربا ومتانة، حيث تمتلئ المكتبات الأمريكية والبريطانية والفرنسية بأبحاث لمؤرخين مرموقين تشكك في هذه الأكذوبة، وأبحاث أخرى تذهب على الأقل إلى تميزها بالمبالغات الكبيرة.
وهنا تتحول الإمارات من موقع المطبع مع العدو إلى موقع آخر يتخطى حتى الحليف الاستراتيجي، ليصل لمرتبة الشريك في الجرائم وتبرير اغتصاب فلسطين وشرعنة الاحتلال.
ثالثا: هناك فارق بين رعاية الإمارات لمنابر إعلامية تروج للتطبيع، بل وحتى انشاء متحف في دبي للمحرقة المزعومة، وبين وضع مناهج دراسية للأطفال، حيث يتشكل وعي زائف لأجيال جديدة، من المفترض أن تشب على الهوية العربية والإسلامية وثوابت القضية والحقوق لتصلح أخطاء الأجيال التي تم تزييف وعيها، ولتطهر الأرض العربية والإسلامية من عار التفريط والخيانة، وبدلا من ذلك يتم غرس الأكاذيب في وجدانها لتشب على الخيانة وتتوحد مع العدو.
وهنا نستطيع القول أن الإمارات تنشئ جيلا صهيونيا جديدا من العرب، حيث تتميز الإمارات برعاية النخب الإعلامية، وهو ما يعني أنها تقوم بإعداد نخب عربية صهيونية.
والأمر هنا أيضا لا يشمل البعد الزمني المستقبلي، بل يشمل الانتشار المكاني الجغرافي، لأن المدارس الإماراتية لا تضم الإماراتيين فقط، بل تضم المقيمين من كافة البلدان العربية والإسلامية، وهو ما يعني اختراقا داخل كل بلد عبر جيل تلقى تعليمه في الإمارات، ناهيك عن ابتداع سنة سيئة وخبيثة قد تكون افتتاحية لموجة اختراقية عبر بلدان تحذو حذو الإمارات تنتظر إشارة البدء، أو بلدان أخرى ترتهن للإمارات وتقوم بذات الخطوة بضغط إماراتي.
إن المطروح على النخب الشريفة والمقاومة، هو إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية والتصدي لأكذوبة الهولوكست، والتي كذبها مؤرخون غربيون بدلائل دامغة، أبسطها أن عدد اليهود قبل الحرب العالمية وبعدها ظل ثابتا، وأن ستة ملايين يهودي كي يتم إحراقهم، فإن الأمر يتطلب سنوات، بل كتب مؤرخون صهاينة مثل المؤرخShamul Krakowski من مركز دراسات متحف الهولوكوست، والبروفيسورArno Meyer من جامعة Princeton، وHoward Stein من جامعة Oklahoma، العديد من المقالات في الصّحافة الإسرائيليّة والأميركيّة، "وكذّبوا فيها نهائياً قصّة الصّابون، وشكّكوا بأرقام الهولوكوست، وقالوا إنّها مبالغ بها كثيراً".
نتمنى تدريس المجازر الصهيونية في فلسطين ولبنان ومصر وتربية الجيل الناشئ على الحقائق التي تقود للشرف، بدلا من الأكاذيب التي تقود للخيانة.
هناك وقفة مطلوبة لتعاطي مع الإمارات بعد هذه الخطوة، حيث تحولت من مجرد نظام مفرط وخائن ومطبع، إلى نظام صهيوني وشريك للعدو و"إسرائيل" جديدة في الخليج!
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024