معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

 استراتيجية اليابان العسكرية الجديدة.. أي تأثيرات على شرق آسيا والعالم؟
21/12/2022

 استراتيجية اليابان العسكرية الجديدة.. أي تأثيرات على شرق آسيا والعالم؟

شارل ابي نادر

بالمبدأ، لا يوجد أي جديد لناحية الاشتباك الإستراتيجي الناشب أساسًا في شرق آسيا وتحديدًا في شمال غرب المحيط الهادي، وبالأخص في المثلث الحيوي الهام والمتمثل بالمنطقة البحرية بين (اليابان والكوريتين وسواحل روسيا الجنوبية الغربية وسواحل الصين على بحرها الشرقي)، فهذه المنطقة تشهد منذ فترة بعيدة حراكًا صداميًا بمستوى غير بسيط، يمكن تحديده بالتالي:

١- بين اليابان وروسيا، على خلفية خلاف تاريخي وجغرافي على ملكية جزر الكوريل.

٢- بين اليابان وكوريا الشمالية، على خلفية المناورات العسكرية الحادة والتي تقودها واشنطن مع حلفائها الآسيويين (كوريا الجنوبية واليابان)، بمواجهة التجارب الصاروخية والباليستية والنووية (المفترضة) لبيونغ يانغ ، والتي تتصاعد وتزداد وتيرتها إزاء أي مناورة من تلك المذكورة.

٣-  بين الكوريتين (الجنوبية والشمالية)، على خلفية معقدة من الخلافات السياسية والتاريخية والجغرافية والقومية والاقتصادية.

٤- بين الصين واليابان، على خلفية تاريخية وقومية أيضًا، وعلى خلفية سباق على السيطرة البحرية تحت عنوان: تنافس اقتصادي وإستراتيجي مرتفع الحدة، وأيضًا بسبب خلاف جدي بين الدولتين حول النظرة إلى موقع ووضع تايوان ككيان مستقل كما تراه اليابان من ضمن سياسة واشنطن حيالها، أو كجزيرة صينية بكل ما للكلمة من معنى، كما تراها الصين .

يمكن لأي متابع أن يلحظ مضمون وتأثيرات أو تداعيات هذه الخلافات المذكورة أعلاه، بما يكفي لجعلها منطقة اشتباك بمستوى حساس وخطر ومتشعب ومعقد جداً، ولكن..

ما يمكن أن تضيفه بعد اليوم الاستراتيجية الجديدة التي قررت اليابان اعتمادها، (بدفع وتوجيه اميركيين بامتياز)، لناحية رفع مستوى قدراتها العسكرية والتجهيزية دفاعيًا وهجوميًا بشكل يتجاوز بنسبة كبيرة ما كانت مقيدة به هذه القدرات بعد الحرب العالمية الثانية، يمكن أن يحدث تغييرًا حساسًا غير مسبوق، وفي عدة اتجاهات استراتيجية، وذلك على الشكل التالي:

مع استراتيجية اليابان الجديدة، لناحية رفع مستوى قدراتها وانخراطها أكثر في الاشتباك الإستراتيجي في شرق آسيا أو شمال غرب المحيط الهادي، من الضروري الإشارة بداية الى مستوى التأثير العملاني والميداني الخطير، للقدرات العسكرية التي سوف تتركز في اليابان وعلى سواحلها وفي مياهها الاقليمية الواسعة، وخاصة لصواريخ كروز البحرية الاميركية الصنع (توماهوك) التي يتراوح مداها حسب النماذج المختلفة من 1600 كلم حتى 2500 كلم، والتي قررت طوكيو وبأسرع وقت ممكن امتلاك 500 منها في مرحلة أولى. وهذا التأثير الفعال يمكن أن يطال سواحل الدول الثلاث التي تواجهها واشنطن واليابان اليوم: (الصين وروسيا وكوريا الشمالية)، وبالتالي، يمكن أن ينعكس هذا التغيير العسكري الخطير والمستجد، على السفن الحربية لهذه الدول الثلاث.

النقطة الثانية التي يمكن أن يطالها التغيير المستجد في استراتيجية اليابان العسكرية الجديدة، ستكون  مؤثرة على مستوى الاشتباك الإستراتيجي الذي يتفاعل ويتطور في منطقة هي من الأكثر حساسية في العالم، خاصة بعد أن أطلقت واشنطن العنان لتحالفات دولية - آسيوية مؤخرًا، تستهدف فعليًا الصين، ومنها تحالف كواد وتحالف اوكوس، باشراك اليابان واوستراليا وبريطانيا والهند لتكون اليابان مع هذه الاستراتيجية الجديدة نقطة ارتكاز عسكرية لدعم هذين التحالفين وبمواجهة الدول الثلاث (الصين وروسيا وكوريا الشمالية).
 
وأخيرًا، من غير المنطقي أن لا تكتفي اليابان - ومن ورائها طبعا واشنطن - بامتلاك هذه الصواريخ البحرية الحساسة فقط (كروز - توماهوك)،حيث سيتبعها حكمًا امتلاكها لمنظومات دفاع جوي فعالة ومتطورة ستكون حتمًا أميركية الصنع، بالاضافة لمروحة واسعة من الصواريخ فرط صوتية لتكون اليابان بذلك - وبعد أن حددت لها واشنطن نسبة ٢% على الاقل من موازنتها العامة لموازنة الدفاع الجديدة تماما كما حددت مؤخرا لدول الناتو (ايضا ٢% على الاقل) - الدولة الاولى عمليًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية من دول تحالف ناتو آسيوي جديد، انطلق فعلًا وسوف يتطور بشكل أسرع من المتوقع.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات