آراء وتحليلات
استهداف الداخل الايراني: الشعب يتصدى
إيهاب شوقي
عندما ترصد السلطات الإيرانية عبر موجات التردد العالي أصوات تتحدث بالعبرية على حدودها مع أذربيجان، وترصد أسلحة وأدوات للشغب عبر حدودها مع كردستان، وعندما يشدد عليها الحصار في جميع المجالات ويراد فتحه في مجال واحد هو شبكة "الانترنت" للسماح بالتحريض والتآمر والحشد، فإننا نعلم حجم الاستهداف لثورة لم تتخلَّ عن مسؤوليتها الثورية.
ورغم حجم الاستهداف إلا أنه لا توجد خطورة على نظام له ظهير شعبي عقائدي يؤمن بالثورة وأهدافها وسياساتها، ويتحمل الحصار الجائر منذ أكثر من أربعة عقود، شهدت فيها الجمهورية الإسلامية أطوارا مختلفة من الاستهداف، بداية من الدعايات ومحاولات العزلة، ومرورًا بحرب مفروضة لا مبرر لها مع جار تم اغواؤه بالحرب ووصولًا إلى استراتيجيات مزدوجة تعمل على المزج بين الاستهداف الخارجي بالحصار والتهديدات البحرية والجوية والبرية، والداخلي عبر مؤامرات تهدف لإحداث ثورة ملونة.
ونظرًا للدخول الأمريكي المعلن والصريح على خط تأجيج الوضع عبر دعوة بلينكن الى "حرية الانترنت"، وتلبية ايلون ماسك الدعوة، فإن الأمر هنا بحاجة لعدة ملاحظات:
1- محاولة الانقلاب على الثورة الإسلامية هي هدف أمريكي - إسرائيلي معلن وتمت مناقشته كبديل في حالة استحالة تطويع الجمهورية الإسلامية وانتزاع التنازلات منها. وهنا فإن الوضع الراهن في جانب منه يعد محاولة من جملة محاولات سابقة في مراحل مختلفة تم إجهاضها، ولكنه في جانب آخر يصعب اعتباره كرة قابلة للتكرار مجددًا، بل هو أقرب لمحاولة أخيرة في الحرب غير المباشرة، وأي مواجهة لاحقة ستكون مواجهة صريحة ومباشرة بين ايران وبين المعسكر الصهيو - أمريكي.
2- هناك دور سعودي إعلامي يعمل على تأجيج الوضع، وإذا ما أضيفت إليه تصريحات محمد بن سلمان السابقة بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني، فإن التورط السعودي يبدو مؤكدا.
3- ساعة الصفر التي انطلقت منها التحركات وتزامنها مع فشل أمريكا في انتزاع تنازلات لتجديد الاتفاق النووي، وفشل العدو الإسرائيلي في بلورة حل عسكري باعترافه بأن هذا الحل غير ممكن وأرخت التقارير الاستراتيجية لبداية الاستحالة العملية لاستهداف المشروع النووي منذ العام 2018 كما ورد في موقع "ديبكا" الصهيوني، كل ذلك يشي بأن العدو الصهيو - أمريكي يستخدم كامل قوته وأدواته وإمكاناته في هذه المعركة باعتبارها البديل الوحيد المتاح عن المواجهة العسكرية الشاملة مع إيران.
لقد أثبت الشعب الإيراني صلابته ووفاءه وإيجابيته عندما ترجم صموده وتأييده لخيارات الثورة الإسلامية بالخروج إلى الشوارع في مسيرات تأييد، وهي أكبر ضربة للرهانات الصهيو - أمريكية والخليجية على إسقاط نظام الثورة الإسلامية من الداخل، وأنه ليس أمام هؤلاء إلا المواجهة الشاملة مع الشعب الإيراني ككل.
كل الشواهد تقود إلى أننا باتجاه تصعيد ومن شواهده:
أولا: إعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، رغبته بزيارة الكيان الإسرائيلي وأن السودان لا يحمل عداء للكيان، وعودته من نيويورك بعد إعلانه ذلك إلى القاهرة بدلا من الخرطوم، للقاء الرئيس المصري، مما يشي بتجهيزات للقاءات مع العدو.
وبالطبع فإن السودان جبهة من جبهات البحر الأحمر والذي يعد ليكون مسرحًا من مسارح المواجهة، وأصبح جبهة من جبهات الصراع الدولي وليس الإقليمي فقط بعد دخوله في وثيقة الأمن البحرية الروسية.
ثانيا: التقارير التي تفيد باستعداد الإمارات لتسلم نظام "سبايدر" الصهيوني للدفاع الجوي، وهو جزء من ترتيبات مظلة الدفاع الجوي الإقليمي المشترك بين العدو ودول الخليج والتي ترعاها وتشرف عليها أمريكا.
ثالثا: تداخل الاصطفاف الدولي مع الاصطفاف الإقليمي في أوكرانيا وتوطيد اركان التحالف الروسي مع ايران ومحور المقاومة ككل، وهو ما يرجح كفة التصعيد عن كفة التسويات.
وفي مرحلة تتجه للتصعيد أيقن الشعب الإيراني بفطرته السوية ووعيه الاستراتيجي أن الأمر يتجه نحو مؤامرة تستدعي وحدته ودعمه وتأييده، وهو رسالة لكل شعوب المنطقة بالاصطفاف مع الخيار المقاوم والبقاء في حالة جهوزية واستنفار بعيدا عن التقارير المتضاربة التي يروجها العدو لإحداث حالة من الميوعة لدى الجماهير.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024